مشروع القانون وفق النائبة سيعرض على اللجنة العامة ليتم التصويت عليه في البرلمان، لاسيما أن هناك شبه إجماع وتوافق داخل اللجنة على ضرورة تمريره ليكون ساري المفعول، حسب قولها.
الناشطة في مجال حقوق المرأة ونائبة رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان حفيظة شقير أعربت لـ”هاف بوست عربي” عن تثمينها لهذا المشروع الزجري، معتبرة إياه أحد المكاسب القانونية الهامة التي من شأنها أن تحمي المرأة التونسية من العنف المسلط عليها خارج البيت وفي الأماكن العامة، وخصوصاً في وسائل النقل العمومية.
وقالت شقير: “ننتظر بلهفة المصادقة على هذا القانون الخاص بحماية المرأة التونسية من كل أشكال العنف المتنامي في الفضاء العام، وبعدها نحن كمجتمع مدني سنكثِّف الجهود لتفعيله على أرض الواقع من خلال الحملات التوعوية وتعريف المرأة بحقوقها، وبأن هناك إطاراً قانونياً يحميها”.
80 % من التونسيات تعرَّضن للعنف
وأشارت نتائج دراسة أنجزها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة “الكريديف” بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين أن 53 % من النساء في تونس تعرَّضن إلى أحد أشكال العنف بجميع أنواعه الجنسي والنفسي والجسدي في الفضاء العام في تونس، ولاسيما في وسائل النقل العمومي، كما بيَّنت الدراسة أن حوالي 78% من المستجوبات تعرضن للعنف النفسي -الشتم اللفظي والإيحاءات الجنسية الملاحقة عبر المشي أو بالدراجة النارية أو السيارة- تلاه العنف الجنسي في الأماكن العامة ومحاولة التحرش أو الالتصاق بهن بنسبة 76% وأخيراً العنف الجسدي بنسبة 41%.
تفشِّي الظاهرة
من جانبه اعتبر المختص في علم الاجتماع التربوي طارق بلحاج محمد، في تصريح لـ”هاف بوست عربي”، أن تمرير هذا القانون من شأنه أن يقلل ولو جزئياً من حالات التحرش والمضايقة ضد النساء، وخاصة في الفضاء العام.
ونبَّه في ذات السياق أن هذه الظاهرة السلوكية يصعب إثباتها قانونياً، ولهذا يجب مقاربتها ومقاومتها أخلاقياً وتربوياً، مضيفاً أن “الخطورة هي الوصول إلى التطبيع مع الظاهرة، بحيث أصبحنا نراها سلوكاً طبيعياً ومعتاداً وعادياً وجزءاً من سلوكنا ومعاشنا اليومي، وهنا تكمن الخطورة”.
بلحاج ذهب لاعتبار أن هذه الظاهرة السلوكية ليست فعلاً إجرامياً فقط، بل هو مرض نفسي- اجتماعي يلفه الكثير من الصمت والإنكار، ويعكس حالة راسخة من كتل العقد الجنسية الكامنة في المجتمع التونسي.
وختم بالقول: “التحرش بكل أنواعه يعد نوعاً من العنف المسلط على الآخرين، يقع فيه انتهاك حرمتهم الجسدية والنفسية بشكل مؤذٍ وجارح، وبالتالي يمكن تصنيفه كدرجة من درجات الاغتصاب، وإن كانت نتائجه وآثاره نفسية أكثر منها جسدية”.
جدل عبر الشبكات الاجتماعية
وكانت صفحات التواصل الاجتماعي قد اشتعلت في تونس مباشرة بعد إعلان لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان التونسي إقرارها العقوبة السجنية بثلاثة أشهر سجناً وعقوبة مالية بنحو 200 دولار، ضمن أحد فصول مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة في الفضاء العمومي، حيث تنوعت التعليقات بين تثمين القرار والسخرية والاحتجاج عليه.