إن تاريخ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” في البلدان العربية هوتاريخ التعبئة والتعبئة المضادة والشيطنة. وفي هذا الصدد، يسجل التاريخ نضالات وتضحياتالنساء والديمقراطيين في المنطقة من أجل التقدم وضد التردي في مجموع المجتمعات العربية.
إذا كيف يمكن تصور تقدم المجتمع بدون هؤلاء النساء اللواتيتعرفعليهن العالم خلال السنوات الأخيرة من خلال الثورات والانتفاضات الشعبية: نساء منجميع الأعمار ومن جميع الطبقات الاجتماعية مستعدات لتحدي المخاطر وعازمات علىالتأثير على مجرى التاريخ. يعكس هذا التاريخ، والتطورات الأخيرة التي تلتالثورات والانتفاضات في المنطقة، الصعوبات المرافقة للفترات الانتقالية، وبدرجاتمتفاوتة، التي تمرّ بها هذه البلدان من أجل بناء مشروع سياسي ديمقراطي يطوي صفحة الأنظمة الديكتاتورية والأيديولوجيات الشمولية.
في الواقع، إذا كان تشويه اتفاقية”سيداو” وشيطنتها تشكّل توجها ثابتا فيالبلدان العربية، فإن الجدل حول هذه الاتفاقية تصاعد مع بداية فترات الانتقال السياسيفي العديد من بلدان المنطقة، بما في ذلك البلدان التي لم تشهد أية ثورة. في الوقت الذي تشقفيه المبادئ والمعايير الكونية المتعلقة بالديمقراطية والمواطَنة وبمكانة الدين فيالحياة السياسية طريقها في المناقشات السياسية والاجتماعية في العديد من البلدانالعربية، كشف الموقف من اتفاقية سيداو طبيعة المشروع السياسي الشمولي المتّسمبالعنف والماضوية للتيارات السياسية المحافظة.
وخلافاً لجميع المعاهدات الدوليةالخاصة بحقوق الإنسان، جسد الموقف من “سيداو” التجاذبات والمعاداة لحقوقالنساء، وهو ما أدى خلال السنوات الأخيرة إلى المطالبة بانسحاب البلدان العربية منالالتزامات الناجمة عن التصديق على هذه المعاهدة. ونظرا لعدم جرأة التياراتالمحافظة على المواجهة المباشرة للقيم الكونية مثل الديمقراطية وحقوق الانسانوسواها، فإنها تتذرع “بالخصوصية الثقافية” للتضييق على حقوق النساء فيالمجالين الخاص والعام.
إن العنف غير المسبوق الذي تذهب ضحيته النساء في كل من مصروليبيا وسوريا على سبيل المثال لا يكشف سوى عن جزء من المشاريع التي تنادي بها هذهالتيارات. خلال السنوات الثلاثالماضية، وبفضل نضال النساء ومنظمات المجتمع المدني من أجل إرساء المواطَنة الحقيقية،تم إحراز تقدم لا سيما في الدساتير الجديدة لبعض البلدان وذلك من خلال الإقراربالمساواة بين الرجال والنساء في جميع المجالات، ورفع بعض التحفظات بما فيهاالتحفظ على المادة 16، المادة الأكثر تعرضا للشيطنة، كما هو الحال في المغرب. لكن التعبئة والتعبئةالمضادة التي ميّزت الإنتقال السياسي في معظم البلدان العربية تدفع إلى إعادةالنظر في غايات ما يسمّى بالربيع العربي وفي الأسباب التي دفعت ملايين النساء والرجالالى النزول الى الشارع
. إن مشروع المعارضين لحقوق النساءول”سيداو”، مع ما يحمل في طيّاته من قهر وتمييز وعنف تجاه نصف المجتمعات العربية لا يمكن أن يتماشى مع التطلعات إلى الديمقراطية والحرية والتساوي في الكرامة بين المواطنين والمواطنات. إن الاعتقاد بأن التغيير يمكن أن يحدث دون مشاركةالنساء، لا سيما في المنطقة العربية، هو تفويت الموعد مع التاريخ. استنادا إلى الدور الذيقامت به النساء خلال الثورات والانتفاضات الشعبية الأخيرة، فإن “تحالف مساواةدون تحفظ”[1]يدعو الدول العربية، وكذلك القوى الحيّة إلى تحمّل مسؤولياتها في هذه المرحلةالتاريخية التي ستحدّد مستقبل الاجيال القادمة وذلك من أجل: · رفع جميع التحفظات على اتفاقية القضاءعلى جميع اشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” ؛
· التصديق على الاتفاقية، بالنسبة للدول التيلم تصدق عليها بعد؛ · التصديق على البروتوكول الإختياريالملحق بالاتفاقية ؛ · التأكيد على سمو المعاهدات المصادق عليها من قبل البلدان، على القوانين المحلية في الدساتير التي هي قيد الصياغة؛ · إدراج حظر التمييز على أساس الجنس والمساواة، والمناصفة بينالرجال والنساء في دساتير بلدانهم، وفي القوانين الوطنية، وفي مختلف السياسات العمومية؛ · إنشاء آلية للمراقبة والمساءلة والمتابعة لضمان التطبيقالفعّال للحقوق الإنسانية للنساء على النحو المنصوص عليه في اتفاقية”سيداو”، ومحاربة التمييز والعنف ضد النساء والفتيات. الرباط، 13 مارس 2014 [1] وهو تجمّع لمنظمات وطنية ودولية مدافعةعن حقوق النساء وحقوق الانسان من أجل رفع التحفظات على اتفاقية سيداو والتصديق علىبروتوكولها الاختياري.
يرجي التوقيع علي البيان