كلما اقتربت الفتيات من سن البلوغ، في مختلف أنحاء العالم، يجدن أنفسهن قد ازددن ضعفا. حيث يبدأ المجتمع في النظر إليهن بطريقة مختلفة كمساعدات في الأعمال المنزلية، وكزوجات وأمهات محتملات، وكدخيلات في المدرسة ومكان العمل، بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان.
سلط الصندوق بمناسبة اليوم الدولي للطفلة، الذي اعتبره مناسبة للاعتراف بالتحديات التي تواجه الفتيات حول العالم، الضوء على خمس فتيات تحدثن بصوت مسموع عن القضايا التي تؤثر عليهن وعلى مثيلاتهن.
وأجابت الفتيات انطلاقا من تجاربهن الخاصة عن السؤال الذي طرح عليهن والذي يتمثل في: كيف تبدو المساواة بين الجنسين؟
من لبنان قالت رنيم، التي تبلغ من العمر 16 عاما، “أقول لصديقاتي إن الزواج مبكرا سيحرمهن من طفولتهن”.
وأشار الصندوق إلى أن معدلات زواج الأطفال تشهد ارتفاعا بين الأسر اللاجئة من سوريا. ففي ظل ضغوط الحرب، والنزوح والصعوبات الاقتصادية، ينظر الآباء والأمهات بشكل متزايد إلى الزواج كوسيلة لضمان رعاية بناتهم. ويعتقد البعض أن الزواج سيحمي بناتهم من العنف الجنسي. بينما في الواقع يُعد زواج الأطفال انتهاكا لحقوق الإنسان، وهو انتهاك يترك الفتيات أكثر عرضة للعنف والإيذاء والاستغلال.
علمت رنيم بالعواقب الضارة لزواج الأطفال في برنامج شبابي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان وسرعان ما أصبحت مناصرة قوية ضد هذه الممارسة. وأضافت رنيم “لقد نجحت في إقناع اثنتين من صديقاتي كانتا في طريقهما للزواج في سن صغيرة بالانتظار”. وأوضحت رنيم التي أصبحت رائدة وصوتا للحكمة بين قريناتها قائلة “أتواصل معهن لأوضح لهن ما تعلمته بنفسي”.
أما أمينة فترى أن الفرص الوظيفية المتاحة للفتيات أقل من تلك المتاحة للفتيان، وحيث صرحت أمينة، 14 عاما، من جمهورية مولدوفا قائلة “أشعر أنني لو كنت ولدا، لتوفرت لي المزيد من الفرص للعثور على عمل مستقر وأفضل”.
وقال التقرير إنه على الرغم من أن الفتيات في مولدوفا يلتحقن بالمدرسة بنفس معدل التحاق الأولاد تقريبا، إلا أن فرصهن المستقبلية تحدها التوقعات الاجتماعية، مشيرا إلى أنه في 2015، أظهرت دراسة أن غالبية الأشخاص في البلد يعتقدون بأن الأعمال المنزلية من المسؤوليات الأساسية للمرأة. ويشعر كثيرون بأن النساء يأخذن فرص الرجال عندما يحصلن على الوظائف.
وظهرت هذه الاتجاهات أيضاً بصورة أكثر قتامة، إذ قال 41 بالمئة من الرجال الذين شملهم الاستطلاع أن هناك أوقاتا تحتاج فيها المرأة للضرب. واتفقت 19 بالمئة من النساء مع هذا الرأي.
وناقشت أمينة وآخرون أهمية الاستثمار في تعليم الفتيات والفرص المتاحة لهن في برنامج شبابي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان، مدركة في الوقت ذاته أنه شأنها في ذلك شأن الفتيات الأخريات، سيتعين عليها العمل بجد كي تحقق أهدافها، وقالت أمينة “يجب أن أكون طموحة”.
أما فاطمة، 13 عاما، من مالاوي فترى أنه ثمة تغيير هائل في حضور زميلاتها الفتيات في الفصل.
وكشف التقرير أن الفقر أيضا غير متساو من ناحية النوع الاجتماعي، حيث رغم أنه يلقي بظل أسود على الفتيان والفتيات على حد سواء، إلا أنه يؤثر عليهم بطريقة مختلفة. فبالنسبة للفتيات، يمكن أن يعني الفقر عجزهن عن دفع ثمن المستلزمات الأساسية للنظافة الشخصية، كالفوط الصحية.
وقال “هذا حقيقي في مالاوي، حيث تلتحق ثلث الفتيات فقط بالتعليم الإعدادي. ومن الأسباب المساهمة في هذا المعدل المتدني للالتحاق بالمدرسة نقص توفر منتجات النظافة الشخصية بأسعار معقولة تمكّن الفتيات من حضور المدرسة أثناء فترة دورتهن الشهرية”.
وللتصدي لهذه المشكلة، فقد بدأت فاطمة وصديقتها ديبوراه ناديا مدرسيا لتصنيع فوط صحية يمكن إعادة استخدامها، والتي يقمن بتوزيعها على زميلاتهن.
وتقول فاطمة، “اليوم تأتي معظم الفتيات إلى المدرسة حتى أثناء فترة الدورة الشهرية، ولا تفوتهن أي حصص دراسية”.
ومن جهة أخرى تقول شاينا 16 عاما، من الفلبين “عندما تصبح الفتاة حاملا، تتغير حياتها بشكل كبير”. فعدم المساواة بين الجنسين قد يعني أيضا الأمومة المبكرة.
وأوضح التقرير إنه على المستوى العالمي، تصبح الملايين من الفتيات حوامل وهن ما زلن طفلات. وتعيش غالبية أولئك الفتيات في فقر مدقع والفرص أمامهن لا تكاد تذكر. الحمل بالنسبة لهن ليس خيارا، بل هو انعكاس لنقص الخيارات أمامهن. وكانت شاينا شاهدة على هذا في مجتمعها.
وأضاف أن الكثير من الفتيات يتوقفن عن استكمال تعليمهن وتتلاشى فرص عملهن. حيث تصبح الفتاة أكثر عرضة للفقر وتعاني صحيا في كثير من الأحيان،
ويمكن للحمل في سن المراهقة أن يكون مميتا للفتيات اللاتي لم تتهيأ أجسادهن بعد للأمومة. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن الأسباب المرتبطة بالحمل هي السبب الرئيسي للوفاة بين المراهقات.
وقالت شاينا التي حضرت منتدى يدعمه من صندوق الأمم المتحدة للسكان حيث تمكن الشباب من التحدث بصوت مسموع عن هذه القضايا، “إن منح الفتيات إحساسا بالأمل والقوة يعد خطوة مهمة”، مضيفة “أن تكون أصواتنا مسموعة وأن يتم تمكيننا أمر يعني الكثير لي وللكثير من الفتيات الأخريات”.
وتساءلت هيلاري، 18 عاما، من كوستاريكا “ما الذي تفعله فتاة في الـ13 من عمرها للعناية بطفل رضيع؟ لقد سُلبت طفولتها”. تدرك هيلاري تماما صعوبات الحمل في سن المراهقة، فقد أصبحت حاملا وعمرها 16 سنة.
يُقدّر عدد الفتيات المراهقات اللائي يصبحن حوامل سنويا بـ14.000 في كوستاريكا، وفقا للإحصائيات الحكومية، تُقصى العديد من أولئك الفتيات من المدرسة، مما يؤدي إلى نتائج أسوأ لهن ولأسرهن.
استطاعت هيلاري أن تتجاوز هذه التحديات، حيث أكملت دراستها ومضت لتصبح مستشارة ومناصرة لقضايا الشباب، وهي في إطار هذا الدور تثقف الفتيات الأخريات حول حقوقهن، وتشجعهن على التحلي بالثقة والطموح. وفي هذا السياق قالت “أقول للفتيات إنهن لسن وحدهن، مهما كان وضعهن”.