ترفض آيدا لاري أن يقف أي شيء في وجه أحلامها. اختارت الفنون القتالية منذ سنوات، وقررت إتقان فن الساموراي الياباني على وجه الخصوص لتحقّق ذاتها، كما تقول، ولتكون فتاة الساموراي الأولى والوحيدة في إيران. ولدت في العاصمة الإيرانية طهران في عام 1982، والتحقت بكلية الرياضة، وشعرت برغبة في المزج بين الرياضات التقليدية التي تبني جسداً سليماً وقوياً مع أخرى روحية. “لطالما أحببت الفنون القتالية، وهو أمر قد يكون صعباً في إيران في بعض الأحيان، لكنّه ليس مستحيلاً”.
قبل نحو أربع سنوات، وبعد أعوام من انضمامها إلى صفوف “النينجتسو” (أحد الفنون القتالية) للنساء، اختارت الساموراي، وبدأت في تعلّم “الكينجيتسو” (أسلوب القتال بسيف الساموراي). في البداية، لجأت إلى الإنترنت لتعلّم هذا الفن، ثمّ راحت تبحث عن مراكز تدريب من دون نتيجة. توجد مدرسة خاصة بالساموراي تشرف عليها مدرسة كاتوريشين كوريو اليابانية، إلا أنها محصورة بالرجال في إيران.
تعرفت لاري على مؤسّس ومدير هذه المدرسة في البلاد، وهو شيهان محمود أشرفي، وطلبت منه إعطاءها دروساً خاصة، إذ ليس في إيران امرأة أتقنت الساموراي قبلها لتكون معلّمتها. ولأنها كانت تقطن في جزيرة كيش الواقعة جنوب إيران لفترة من الزمن، اضطرت إلى ركوب الطائرة مرة أسبوعياً لتحضر دروسها، بهدف تحقيق حلمها.
تضيف لاري أن مدرسة الساموراي هذه هي الوحيدة في إيران، وقد استطاع المدربون الحفاظ على مبادئ الساموراي الأصيلة، والتي ترى فيها أصالة وروحاً أكثر من غيرها من الفنون القتالية. وبالمقارنة مع “النينجتسو”، تقول إن الساموراي يحسن نفسية الإنسان، ويزيد من الطاقة الإيجابية. حصلت لاري على شهادة من المدرسة، بحضور الطلاب والمدربين الذين سمعوا الكثير عنها من دون أن يروها، وقد رحّب كثيرون بانضمام امرأة إلى هذا المجال، والذي قد يكون مشجعاً لأخريات، خصوصاً أنه يعرف عن الإيرانيات حبهن للرياضة واحتراف فنون قد تكون حكراً على الرجال.
في الوقت الحالي، تتواصل فتيات معها ويطلبن منها إعطاءهن دروساً خصوصية كونها باتت مدربة محترفة. ولأن عدد الفتيات المهتمات ما زال قليلاً، تُدرك أن الطريق طويل. وتقول إن إحدى المشاكل تتعلّق بعدم وجود أماكن خاصة للنساء لتدريب فن القتال بالسيف، ويتطلب الأمر مزيداً من الوقت والجهد، والعمل على التعريف بالساموراي وفوائده وأصوله ومبادئه. وعادة ما تختار النساء النينجا لوجود نواد أكثر تطوراً ومدربات.
والساموراي هو اللقب الذي يطلق على المحاربين القدامى في اليابان. ولهذا الفن أساليبه وتقاليده ومعانيه الروحية الخاصة، ويقول مدربوه إن السيف يجب أن يستعمل لحماية النفس والوطن لا لأغراض إجرامية، وهو ما تؤكده لاري التي تحتفظ بسيفها الخشبي. ترغب في تعليم الفتيات كل مبادئ الساموراي، إذ إنه يمكن الحفاظ على هذا الفن القتالي وميثاقه المكون من ثمانية بنود.
لاري التي حصلت على شهادتها كمدربة ساموراي قبل عامين، باتت قادرة على إعطاء دروس خصوصية والعمل في النوادي الرياضية. تقول إنها تسعى في الوقت الحالي إلى التعريف بالساموراي في إيران، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وتدرك أنها لا تستطيع تحقيق هذه المهمّة لوحدها، وترى أن الترويج لأهمية الفنون القتالية والحفاظ عليها يقع على عاتق المعنيين في الاتحادات الرياضية. كذلك، تشير إلى أهمية زيادة الدعم المالي والمعنوي للرياضيين، خصوصاً أن كثيرين يضطرون للسفر إلى الخارج للالتحاق بدورات أكثر احترافية. تضيف أن وضع هذه الرياضات لا يقارن برياضات أخرى، في ظلّ غياب المسابقات والجوائز التشجيعية.
وتلفت لاري إلى أنّ العديد من الفتيات اللواتي راسلنها أبدين رغبة شديدة في تعلم الساموراي، لكن ظروفهن لا تسمح بذلك كونهن يسكنّ في أماكن بعيدة، ويترافق هذا مع عدم وجود نوادي خاصة. مع ذلك، لا شيء يمكن أن يقف في وجه الأحلام، على حد قولها. تذكر أن دعم عائلتها ساعدها كثيراً، فزوجها وقف إلى جانبها لتحقيق ما تحب، وبدأ ابنها البالغ من العمر تسع سنوات في تعلم فن النينجا. في الوقت نفسه، أبدى مدربو الساموراي ترحيباً بها، كونها ستفتح الطريق أمام الإيرانيات للدخول في هذا المجال عاجلاً أم آجلاً.
تقول لاري إنها مستعدة للقيام بأي شيء لتحقيق حلمها، والمساهمة في الحفاظ على الساموراي، حتى أنها تنوي إعطاء دروس مجانية للراغبات في تعلم هذا الفن. في الوقت نفسه، تطلب دعماً أكبر من الحكومة والمعنيين في المؤسسات الرياضية الرسمية، بهدف تطوير هذا الفن القتالي، على غرار فن النينجا، الذي بدأت نساء كثيرات في تعلمه.