تقرير: فيليب سميت- إذاعة هولندا العالمية
بصور دامية تظهر أجنة ميتة وقف المتظاهرون ضد الإجهاض وقفة احتجاجية بالشارع. بينما هتف المناصرون للإجهاض بعبارات تشير إلى سيادة الإنسان على جسده. قبل 40 عاما افتتحت أول عيادة للإجهاض في هولندا الأمر الذي أثار الكثير من ردود الفعل العاطفية. ومنذ ذلك التاريخ ظلت مسألة الإجهاض تثير الكثير من الجدل على المستوى الشخصي والسياسي.
في السابع والعشرين من فبراير من العام 1971 تم إجراء أول عملية إجهاض في عيادة ميلدريد هاوس في مدينة أرنهم الهولندية. سبق ذلك سنوات من ا لنقاش الحاد حول موضوع الإجهاض، ستعقبها بالتأكيد سنوات أخرى.
” كأطباء نواجه بالسؤال إن كنا نستطيع مساعدة إحداهن. هذه الفئة الهشة المحتاجة للمساعدة عاملناها بشكل كريم وآمن”
يقول بول باكرينج احد المؤسسين لعيادة ميلدريد هاوس في مدينة أرنهم.
” يجيب ألا نستهين بالمآسي التي يسببها الإجهاض بشكل غير شرعي بكل تعقيداتها واعتقد أن دفع هاته النسوة للإجهاض بشكل غير شرعي يقع تحت باب الجريمة” يقول طبيب الأسرة المتقاعد منذ العام 1997 .
محظور
في الستينيات من القرن الماضي كانت المسائل الجنسية تقع في نطاق المحظور في المجتمع الهولندي. ولكن مع ذلك كان الافق ينذر ببعض التغييرات. كانت أقراص منع الحمل قد ظهرت لتوها. في الأوساط الإعلامية والطبية كان هنالك حوار ونقاشات حول اقراص منع الحمل والإجهاض.
كتب أحد أعضاء المحكمة العليا في العام 1966 أن الإجهاض لأسباب طبية يجب ألا يكون معاقبا عليه من قبل القانون. كما أن منظمة الصحة العالمية قد أوردت في إعلانها أن الصحة تحكمها ظروف نفسية واجتماعية. منذ ذلك الحين اتخذ الدكتور باكرينج موقفه المبدئي: “واقع الأمر يشير إلى أن مشكلة كبيرة تواجهها بعض النسوة. القرار بشأنها يجب أن يتخذنه بأنفسهن، لا أنا ولا القاضي ولا لجنة معينة.”
شعار
بشعار السيادة على الجسد سارت حركة المناهضة النسوية للعوائق القائمة في المجتمع. أثناء اجتماع لنقاش مشكلة الإجهاض أعلن طبيب الأسرة بيكرينج مناصرته لعملية الإجهاض بشكل قانوني. ترتب على هذا الموقف المبدئي شروعه العملي في إنشاء أول عيادة للإجهاض بالتعاون مع بعض زملائة الأطباء.
ساهمت قناة فارا التلفزيونية في المساعدة في جمع الأموال لصالح إنشاء العيادة التي تم افتتاحها رسميا في العام 1971.
“أجرينا استطلاعا وسط الأطباء تبين منه أن 80 بالمئة يناصرون عملية الإجهاض حتى وإن دعا الأمر لإنشاء عيادة خاصة بذلك. كان هذا بمثابة دفعة لنا لإنشاء العيادة.” يقول بيكرينج أن مفتش وزارة الصحة لم يكن لديه اعتراض. في السنة الأولى لإنشائها تم إجراء عمليات إجهاض لحوالي 1500 امرأة قدم معظمهن من الخارج. في نفس السنة تم افتتاح المزيد من عيادات الإجهاض.
قانون الإجهاض
تم وضع قانون الإجهاض بعد عشر سنوات من افتتاح أول عيادة له. تجرى مع جميع النسوة اللائي يرغبن في الإجهاض مقابلات طويلة قد تمتد لجلستين وإن دعا الأمر يتم تحويلهن إلى أخصائي اجتماعي ولا يتم إجراء العملية إلا بعد أن تصل هؤلاء النسوة إلى قرار نهائي. ولكن بعضهن يصلن لمثل هذا القرار منذ اللحظة التي يتصلن فيها بالعيادة أو طبيب الأسرة. تدخل عناصر كثيرة في هذه العملية ولكننا نعمل على التأكد من أن قرارهن نهائي وعن قناعة تامة.
تقول هذا ميلاني هايست التي تعمل كطبيبة إجهاض في مدينة آيندهوفن. تشهد عيادة آيندهوفن عمليات احتجاج شهرية ، مثلها مثل باقي العيادات في مدن هولندية أخرى. يرى المحتجون إن الله وحده هو من يتحكم في حياة البشر، “الإجهاض نوع من القتل”. ولكن منذ أن تراجعت أعداد الناس الذاهبين للكنيسة وضعف دورها في المجتمع ضعف تأثيرها أيضا في حياة الناس.
تمثل عيادات الإجهاض الآن جزءا من البنية التحتية الطبية في هولندا. ومن يجري عملية إجهاض يحصل على تعويض تكلفتها من صندوق التأمين الصحي. ولكن تنشب بين فترة وأخرى نقاشات حول الشروط التي تنظم عملية الإجهاض.
أقراص منع الحمل
لا يقتصر عمل ميلاني على إجراء عمليات الإجهاض فقط، ولكنها تقدم استشارات طبية حول أقراص منع الحمل. “كيف أساعد هذه المرأة في هذه المرحلة من حياتها كي تتخذ القرار المناسب وتمسك زمام أمرها بيدها”.
إحصائيات حالات الإجهاض في هولندا تشير إلى تدني نسبها مقارنة بدول أخرى. هذا يعود لانفتاح المجتمع تجاه القضايا المتعلقة بالجنس وأقراص منع الحمل . هذه هي الخلاصة التي توصل إليها طبيب الأسرة بول بيكرينج ولكن الحاجة لعيادات الإجهاض تظل قائمة لان الحمل غير المرغوب فيه قد يحدث في كل الحالات . هنالك الكثير من الجماعات الناشطة التي تعارض وجهة النظر هذه بشكل مبدئي وعلى رأسها جماعة صرخة من اجل الحياة.