كتبت: منى عزت
قضايا العنف والتمييز ضد النساء في مجتمعنا شديدة التعقيد لكونها مرتبطة بالأوضاع الثقافية والاجتماعية، فالثقافة الذكورية وهيمنة السلطة الأبوية مخترقة لكل الطبقات في المجتمع بدرجات مختلفة وتأثيرها ممتد في المجالين العام والخاص، وليس أمامنا إلا المقاومة بدائب واجتهاد.
وقدمت الأستاذة “أمنية جاد الله” نموذجًا رائعًا للمقاومة بخصوص قضية حرمان الخريجات من تعيينهن كقاضيات بمجلس الدولة المصرى، بداية من قيامها هى وعدد من خريجات “الحقوق” بتاريخ 30 يناير 2014 بالتقدم لسحب ملف المجلس لشغل وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وتم رفضهن، رغم أن “أمنية جاد الله” تخرجت بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام 2013 وكان ترتيبها الثانية بين الخريجين، ووفقًا لمبدأ تكافو الفرص الذي أقرته المادة التاسعة في الدستور فكان من المنتظر أن يتم قبولها .
ولإدراكها لعدالة قضيتها هى وزميلاتها قمن بعمل تظلم بمكتب رئيس مجلس الدولة وكان عددهن أكثر من 20 فتاة، وقمن بتحرير محضر بقسم الدقي في اليوم نفسه بإثبات تلك الحالة ومطالبة المجلس بإلغاء القرار السلبي بامتناعه عن تسليم الملفات للخريجات أسوة بالخريجين، رغم مخالفة ذلك الصارخة للمواد الدستورية، ومنذ هذا اليوم استمر نضالها بطرق متعددة؛ منها التوجه إلى جميع الجهات المعنية وإعداد مذكرات قانونية رصينة تستند فيها إلى مواد الدستور في الدفاع عن حقها المشروع، كما لجأت إلى القضاء، ورفعت قضية بتاريخ 30 مارس 2014 ورقم الدعوى 30105 لسنة 60 قضائية إدارية عليا (الدائرة الثانية) بالطعن علي قرار مجلس الدولة السلبي بالامتناع في 30 يناير 2014 عن تسليم الخريجات ملف شغل وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، وسوف تنظر الجلسة الثانية يوم 24 فبراير الجاري .
بجانب إدارة أمنية للحملة بكل دائب وجدية، عملت على تطورها المهنى وحصلت على دبلوم القانون العام بتقدير جيد جدًا وكان ترتيبها الرابعة بين الخريجين 2014، ودبلوم التجارة الدولية بترتيب الخامسة بين الخريجين 2015 (هاتان الدبلوماتان تكافئان معادلة ماجستير) ودبلوم القانون الخاص (تمهيدي ماجستير سنتان) عام 2017 بجامعة الأزهر بتقدير جيد جدًا الأولي في الترتيب.
فجمعت أمنية بين الدفاع عن حقها وحق زميلاتها الذي أقره الدستور، واجتهدت في تطوير قدرتها المهنية والاستمرار في عملها، لتثبت على مدى خمس سنوات جدارتها، وحافظت على أن تبقى قضية حرمان النساء من الالتحاق بالعمل في مجلس الدولة قضية حية تكسب مؤيدين كل يوم.