كتبت: شوقية عروق منصور
عندما تقع الحروب وتتراكم اهوالها، تخرج من بين الركام وجوه النساء اللواتي يشكلن الارضية الاولى للشقاء والبؤس والتعاسة كامهات وارامل وزوجات، في هذا الخليط المنقوع بالدموع وقسوة الظروف تحول المرأة جسدها المنهك الى ساحات من التدبير الأقتصادي وتوفير العيش والطعام لأولادها وحماية نفسها من نهش الآخرين في حالة غياب الزوج والأب، وتقليص مساحات الوجع والخوف وبسط الامن والدفء على العائلة.
احياناً ظروف الحروب والقتال تخلق صوراً جديدة للنساء مثل صور النساء المحاربات والمقاتلات والأستشهاديات ولكن اسوأ الصور حين تُستغل الظروف وتوضع قوانين تزيد من اهانة النساء وتزيد من عمق الأذلال والتعامل معهن من منطلق ان حلول المشكلات يجب ان تمر عبرهن، لأنهن السبب المباشر لتعاسة أي شيء، في الوقت الذي يتمتع الرجل بهذه الحلول والتي تصب في النهاية في زيادة منسوب ذكورته وارتفاع في نبض رجولته.وفي الأدبيات النسائية محاولة للتمرد على هذه الصورة النمطية للنساء، التي غالباً ما تكون عند الشعوب المقهورة ويزداد قهرها عند اندلاع الحروب والتي تكشف بفظاعة عن وضع النساء المأساوي، المثير للغضب، المخجل حين تتغاضى الجمعيات النسائية في العالم الحضاري، الديمقراطي الحر عن هذا الوضع وتصبح الرؤية مشوشة وضبابية ولا مجال للنقاش والأعتراض العالمي.
العراق الآن يلخص الصور النسائية المقهورة نتيجة الحروب ويضعها امام علماء الأجتماع ونساء العالم لايهمنا رجال السياسة لأنهم السبب في الوصول الى هذا الوضع المتدني من قهر المرأة- فالمرأة العراقية وصلت الى حد ازداد فيه القهر الأسود ودخلت اسواق النخاسة وهي حاملة علم التحرير الأمريكي، واصبح لها قائمة اسعار مربوطة بالدولار.بدلاً من ان تضع منظمات المجتمع المدني العراقي اصابعها على الجروح العراقية وتحاول معالجتها بذات الحماس التي استقبلت فيه القوات الأمريكية، تركز الآن على المراة العراقية بصفتها الطريق الذي يوصل الى مجتمعات هادئة، هذه المنظمات تدعو الرجال في العراق الى الزواج، ظاهرة جميلة ان نثير فكرة الزواج، لكن عندما تكون الدعوة للرجال الذين سبق لهم الزواج، انهم يدعون لتعدد الزواج، هذه الدعوة لا تأتي من منطلق اسلامي بل تأتي من منطلق افرازات الحرب والأوضاع الأمنية التي خلفت اكثر من مليون ارملة واكثر من مليون عانس عدا عن المطلقات نتيجة التفسخ الأجتماعي الذي اكثره نابع عن عدم الأستقرار الأمني والبطالة والفقر.
هذه الدعوة مرفقة باغراءات مالية، الف دولار للذي يتزوج بامرأة ثانية مطلقة او عانس، و خمسة الآف دولار للذي يتزوج بامرأة ثالثة او رابعة، الذين طرحوا هذه الدعوة قد تكون نواياهم سليمة، يريدون حصر الازمات الاحتلالية في قالب يكون مفتاحه ذل المرأة أي حل الاوضاع المأزومة يكون بترقيع الثوب العراقي المهلهل برقع جديدة تزيد مستقبلاً من تفسخ نسيجه.
جميعنا نعرف ماهو المردود الزلزالي علــى البيوت التــي سيـــأتي رب بيتها بزوجة ثانية وثالثة ورابعة، ونعرف كيف ستكون حال الزوجات والأمهات اللواتي يجدن انفسهن في مواجهة مع الواقع الأنثوي المكتسح بيوتهن، وكيف سيكون حال الابناء.ونعرف اكثر ان اغراء المال فــي المجتمــع الفقير الذي افقدته الحرب كل شيء حتى القيم الاخلاقية والانسانية وفيه نسبة البطالة عالية سيدفع الكثير من الرجال الى الخداع والكذب والتملق حتى يحصلون على المال، وسيكون الصراع بين المرأة والرجل صراعاً عنيفاً يمزق العلاقات الاسرية ويخلق اجيالاً مهزوزة، محبطة، وهذا جزء من تخطيط الاحتلال الذي يسعى الى اختلال الاسرة التي يصل رأس هرمها الى النظام الحاكم.