برئاسة المستشار أشرف حسين عثمان، وعضوية المستشارين حسام شميلة، ومحمد الكراكاتى، وأمانة سر أحمد تايل أصدرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (جنح مستأنف حلوان) يوم الأربعاء الموافق 27/2/2008 حكمها بإلغاء الحكم الصادر على كمال عباس بالحبس سنة، وعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية المقامين ضده.
وكانت محكمة جنح حلوان برئاسة القاضى محمد رشاد قد أصدرت حكماً بالحبس لمدة سنة على كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات، ومحمد حلمى المحامى فى القضية رقم 269 لسنة 2007 جنح مايو التى أقامها محمد مصطفى إبراهيم عضو الحزب الوطنى ومرشحه فى انتخابات مجلس الشعب السابقة، ورئيس مجلس إدارة مركز شباب 15 مايو (فى تشكيله السابق) بطريق الادعاء المباشر على كل منهما على زعم من القول بأنهما قد ارتكبا فى حقه بصفته النيابية العامة (كعضو مجلس إدارة مركز الشباب) جريمتى السب والقذف العلنيين وبطريق النشر فى نشرة كلام صنايعية (وهى النشرة غير الدورية التى تصدر عن الدار).
والجدير بالذكر أن حكم محكمة أول درجة الذى كان قد صدر فى حق المنسق العام لدار الخدمات بتاريخ 20/9/2007- متزامناً مع صدور عدة من أحكام الحبس فى قضايا النشر- قد جاء على خلاف كافة التوقعات المستندة إلى وقائع القضية والمستخلصة من مقدماتها..ذلك أن جميع ما تضمنه الموضوع محل الاتهام كان قد سبق أن تقدم به محمد حلمى المحامى عضو مجلس إدارة مركز الشباب مع خمسة أعضاء آخرين إلى كافة الجهات المعنية طالبين التحقيق فى شأنه ومقدمين عليه من الدلائل ما يقطع بجديته…
والمدهش فى الأمر أن الوقائع التى أشار إليها محمد حلمى فى الموضوع كانت أيضاً محل تحقق اللجنة العامة للتفتيش المالى والإدارى والتى أعدت تقريرها فى هذا الشأن بتاريخ 28/1/2007 منتهية إلى ثبوت عدد من المخالفات المالية والإدارية المنسوبة إلى رئيس مجلس إدارة مركز الشباب ( محمد مصطفى ) والتوصية بوقفه على أن يباشر نائب الرئيس اختصاصاته..ثم أصدر السيد/ محافظ القاهرة قراره بحل مركز مجلس إدارة مركز شباب 15 مايو بناءً على مذكرة السيد/ رئيس المجلس القومى للشباب والرياضة التى تضمنت المخالفات المنسوبة للسيد/ محمد مصطفى إبراهيم.
وبالرغم من ذلك كله صدر الحكم بالحبس سنة على المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية الذى اضطر لسداد مبلغ ألف جنيه كفالة لوقف تنفيذ حكم الحبس لحين صدور الحكم فى الاستئناف الذى تمت إقامته طعناً على هذا الحكم.
تضامنت منظمات حقوق الإنسان المصرية مع دار الخدمات النقابية والعمالية ومنسقها العام، وتكونت هيئة الدفاع من أكثر من ثلاثين من المحامين بينهم على سبيل المثال الأستاذ/ حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقـــــــــوق الإنسان، والأستاذ/ نجاد البرعى (جماعة تنمية الديمقراطية)، والأستاذ/ سيد أبو زيد المستشار القانونى لنقابة الصحفيين..فضلاً عن محاميى مركز هشام مبارك للقانون، وجمعية المساعدة القانونية، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية.. كما شارك بالحضور فى جلسات المحاكمة الكثير من محاميى منطقة حلوان تضامناً مع زميلهم محمد حلمى المحامى.
وعلى امتداد جلسات ثلاثة تقدمت هيئة الدفاع بالمستندات الدالة على صحة ما تضمنه المطبوع محل الدعوى من معلومات، وأوضحت أوجه اعتراضها على حكم محكمة أول درجة الذى تجاهل جميع الدفوع وأوجه الدفاع التى قدمت خلال نظر الدعوى، فلم يتناولها بالبحث أو الرد أو حتى مجرد الإشارة.. كما أنه لم يستند إلى أية أسباب أو حيثيات سائغة اللهم سوى القول بأن “المحكمة قد تبين لها أن التهمة ثابتة قبل المتهم ثبوتاً يقينياً” رغم وجود العشرات من أحكام النقض المصرية التى تقضى بنقض الأحكام التى لا تستند لغير هذه العبارة “الدارجة”..وفضلاً عن ذلك دفعت هيئة الدفاع بعدم قبول الدعويين المقامتين لما انطوت عليه إقامتها من عيوب.
وأخيراً.. أصدرت المحكمة الاستئنافية حكمها بإلغاء حكم أول درجة، وعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية المقامتين على كل من كمال عباس، ومحمد حلمى.. مسقطةً بذلك هذا السيف الذى ظل مسلطاً خمسة أشهر.. ومنتصرةً للرجلين اللذين كانا ضحيته..
إن دار الخدمات النقابية والعمالية إذ تتقدم بجزيل شكرها لكافة المتضامنين معها ومع منسقها العام من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى، والمدافعين عن الديمقراطية وحق التعبير داخل مصر، وخارجها، والحركة العمالية والنقابية العالمية..تعرب عن امتنانها العميق لذلك الجانب المضيء من القضاء المصرى الذى كان له –فى غير قليل من المرات-فضل تبديد الغيوم عندما تتكاثر إلى الحد الذى يصبح معه مجرد التنفس أمراً متعذراً.