عندما كنا صغارًا كانت حكايات أبى –المثقل بعمل فى الصباح وعمل فى المساء لتعليم أبنائه الخمسة- ترمى بنا فى عالم واسع من الخيالات الجميلة يختار الشطار فيها دائمًا أن يقفوا إلى جانب الحق .. كانوا قادرين على اكتشاف قوى سحرية تساعدهم فى مواجهة القوى الشريرة، وتحميهم من مكائدها ..
لم يعش أبى عصر الانترنت .. هذا العالم الرحب ننهل منه بلا حدود. لكن مثلما كان العالم الذى رسمته لنا حكايات أبى فإن عالم الانترنت يدخلنى كل يوم الاختبار الصعب اختبار الاختيار ..
عالم الانترنت .. يعيد من جديد طرح السؤال القديم قدم الزمان.. هل الإنسان مسير أم مخير؟ ويعطيه أبعادًا ملموسة ففى قلب فيضان المعلومات يمكن أن نغرق .. ولكننا يمكن أيضًا أن نقتحم آفاقًا جيدة ونكتشف مصادر قوة جديدة .. وأهمها التواصل مع الآخرين الذين يشاركوننا الحلم بعالم عادل تتحقق فيه إنسانيتنا جميعًا رجالاً ونساء بغض النظر عن انتماءاتنا الفكرية أو العقائدية .. عالم تتجمع فيه ذواتنا المتناثرة عبر حدود المسافات والأنظمة السياسية .. ليتخلق ذلك الكائن الأسطورى الذى يجدد ذاته بذاته وتلح أية قوة مهما بلغت سطوتها أن تقتله.
نحن المجتمع المدنى عنقاء هذا الزمان .. لا نموت بل نحترق لنتجدد .. وسلاحنا السحرى هو المعرفة والتواصل أو الانترنت