ما زال الوجع يملأ صدورنا حتى هذه اللحظات، وما زالت أعمار الجناة ممتدة على جثث الشهداء وجراح المصابين منا ودموع أهالي المفقودين، ما زلنا لم نشهد حتى هذه اللحظة ـ بعد مرور سنة وعشرة أشهر من بداية ثورة يناير المجيدة ـ رجوع الحق لمستحقيه، أو إعادة هيكلة الداخلية المصرية التي استوردت من أمريكا في عهد المجلس العسكري 45.9 طن من قنابل الغاز والذخائر المطاطية منذ يناير 2011، وقبل أحداث شارع محمد محمود، شارع “عيون الحرية”.
بدأت الموقعة صباح يوم السبت 19 نوفمبر 2011 بالاعتداء السافر بفض اعتصام مصابي الثورة بعد أن دارت معارك كر وفر بين المعتصمين وقوات الأمن، استخدم الأمن فيها القوة المفرطة واستكملت في اليوم التالي صباح الأحد 20 نوفمبر بسيل القنابل المسيلة للدموع واصطياد قوات الأمن والشرطة العسكرية لعيون أبطالنا وإصابة العديد من الذين نزلوا الميدان دفاعا عن حقوق الشهداء والمصابين منادين بسقوط المجلس العسكري ومطالبين بسرعة تسليم السلطة وإجراء انتخابات رئاسية في أسرع وقت، أصاب المجرمين شبابنا وفتياتنا عن تعمد بنية الشروع في قتلهم. شاهدنا العسكر وهم يشربون نخب قتلنا، كلنا نتذكر عبارة العسكري وهو يحيي قائده: “جدع يا باشا جت في عينه”، لكننا لم نعرف من قناصي العيون غير ملازم أول محمد صبحي الشناوي ولم يقدم للمحاكمة غيره.
استشهد يوم الاثنين 21 نوفمبر العديد من الذين كانوا يدافعون عن المتظاهرين والثوار في الميدان ويحاولون منع قوات الأمن القمعية من الدخول إلى الميدان وألقت الشرطة العسكرية بجثثهم في القمامة بلا رحمة ولا وازع من دين أو ضمير وتلونت جدران محمد محمود بدماء الشهداء وصعدت أرواحهم إلى سماء الحق الذين كانوا يدافعون عنه من أجلنا جميعاً، مؤكدين على تحقيق مطالب الثورة والصمود لاستكمالها رافضين اغتصاب المجلس العسكري لها وانتفاع أي “جماعة” بمكاسبها.
هذه الموقعة التي وصفها مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب بأنها كانت حرب إبادة جماعية وصلت في يوم الأربعاء 23 نوفمبر إلى استهداف المستشفيات الميدانية وأطبائها والتي استشهدت فيها احدى الطبيبات اختناقاً بغاز بلطجية الداخلية وكان هذا تحت إشراف اللواء “عادل بديرى” مدير قطاع أمن القاهرة، ومساعده اللواء “جمال سعيد” حتى وصل عدد المصابين إلى 3256 مصابة ومصاباً تقريباً، وعدد الشهداء 57 شهيدة وشهيداً.
كل يوم مر علينا من هذه الأيام كنا نواسي فيه أم فقدت بنتها أو ابنها أو زوجها، أو نجمع إعاشة المحبوسين في زنازين السلطة، أو نسهر بجانب من فقد بصره أو قطعة من جسده في شارع محمد محمود “عيون الحرية”.
وعلى الرغم من استهداف السلطة الخائنة لأعيننا وأجسادنا في موقعة وحشية متكررة، لم يكن في أيدي أبطالنا سلاحاً أو درعاً يدفعون ويدافعون به عن أنفسهم ومستقبلهم، كانوا عزَلاً طاهري الروح نافذي البصيرة ثابتي الإيمان بالثورة وأهدافها ومبادئها وأحلامها وحقوقها.
مر عام على أحداث محمد محمود الدامية التي دافع فيها جماعة الإخوان المسلمون عن حلفائهم المجرمين والسفاحين ومهدوا الطريق لهم لكي يخرجوا خروجا آمنا بلا قصاص أو محاسبة، وألقوا بالباطل على الثوار الطاهرين وصف المخربين طمعاً في كراسي مجلس الشعب المنحل.
مر عام على ذكرى استشهاد الأبطال على أرض النضال وبقي في السلطة من أهدروا دمهم ومنهجوا قتلهم وتستروا على قاتليهم.
مر عام على أحداث شارع “عيون الحرية” وما زلنا نبحث عن العيش والحرية والكرامة الإنسانية.
جئنا اليوم لنقف حداداً على ذكرى أرواح هؤلاء الأبطال وما زلنا نؤكد على استمرار السعي لتحقيق مطالبهم ووصيتهم في ترسيخ مبادئ وأهداف وأحلام الثورة ونشر الحرية والكرامة والاستقلال والعدالة الاجتماعية للشعب المصري.
جئنا اليوم بمشاركة العديد من القوى الثورية والمجموعات والأحزاب، لطلب القصاص لهؤلاء الشهداء ومحاكمة المسئولين عن استشهادهم وإصابتهم بتطبيق قانون “العدالة الثورية” الذي سيضمن محاكمة القتلة ومن حرضهم، كي لا يفلتوا من العقاب.
حاكموهم .. لأنهم ما زالوا قابعين في كراسيهم لم يتخلوا عنها ولم يحاسبوا عن فسادهم وجرائمهم.
حاكموهم .. كي نقيم دولة القانون والعدالة.
حاكموهم .. كي ترضى عنا ارواح الشهداء.
المجد للشهداء والعزة لمصر والعار على المتخاذلين
الموقعون
حركة المصري الحر – اللجان الشعبية – كاذبون – مصرين –مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين – حركة شايفنكم – حملة حاكموهم – بهية يا مصر – حملة هنلاقيهم – – مؤسسة المرأة الجديدة- التيار الشعبي – حزب المصري الديمقراطي الإجتماعي – حملة لسة ماتحاكموش – حزب الدستور – حزب مصر القوية – حزب المصريين الأحرار – حزب التحالف الشعبي الإشتراكي – الإعلامية / بثينة كامل – د/ حازم عبد العظيم – مصريون ضد الفساد – إتحاد شباب ماسبيرو – مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين – حركة شباب المحروسة – حركة شباب من أجل العدالة والحرية – مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب – الجبهة الحرة للتغيير السلمي – تحالف من أجل مصر – إئتلاف ثوار مصر – حملة وطن بلا تعذيب – الإشتراكيون الثوريون – الجمعية الوطنية للتغيير – المبادرة الوطنية لإعادة بناء الشرطة (شرطة لشعب مصر) – الحزب اناصري