27 مارس 2011
ربيع العرب شباب يقف بوجه مافيا العجائز
في خضم الإعصار الذي يجتاح العواصم العربية يُصبح الحليم حيرانا يبحث من خلال العاصفة على موقف حكيم عادل ينأى به عن حدّة الاصطفافات التي تكرسها ازدواجية الموقف العربي وتنعكس عبر تناقض مواقف وسائل الإعلام. في وقت نشهد ارتباكا إن لم نقل انفلاتًا في المواقف الدولية تحضر فيه المصالح الاقتصادية والسياسية وتغيب عنه الحقوق الإنسانية.
المشهد دراماتيكي بلا شك وقتل المتظاهرين يتكرر كل يوم ! بينما تتهم “الحكومات الرسمية ” الجهات “الخارجية ” بالتدخل، فالقذافي اعتبرها ” هجمة صليبية “، وعبد الله صالح اعتبرها تنفيذا لأجندات “خارجية ” والبحرين اعتبرتها “مؤامرة إيرانية ” وسوريا اعتبرتها ” مؤامرة صهيونية امبريالية”… بيد أن أحدا لم يلتفت إلى الإنسان الذي من حقه أن يحيا بكرامة وحرية ! وان المجتمعات العربية الشابة سئمت حكما بالغ في جوره، وان ربيع العرب شباب يقف بوجه مافيا العجائز!
فنسبة الشباب في الدول العربية تتجاوز 50% وتحكمه مافيا من “العجائز” بالحديد والنار في ظل قوانين الطوارئ فرضت منذ أكثر من 40 عاما والتي تجيز الاعتقالات التعسفية و الإعدامات دون محاكمات ! ناهيك عن غياب الديمقراطية والتعتيم الإعلامي المبرم وغياب البرلمانات الفاعلة وغيرها من الحقوق الطبيعية التي وهبها الخالق للبشر. هذا إضافة إلى تحكّم مجموعات صغيرة من “الأسر الحاكمة ” أو “الزعيم وحاشيته ” باقتصاديات وثروات الشعب بأكمله فيما غالبية الشباب يعيشون على خط الفقر في ظل الغياب الفعلي للتنمية.
إذن المعطيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تشير لها مكونات الشعوب العربية الفقيرة منها والغنية تؤكد جميعا على حقيقة غياب العدالة والحرية في وقت لم تعد تنفع معه الخطابات الخشبية للأنظمة “المحنطة ” التي تطل علينا رموزها يوميًّا لتتهم “الخارج “!
لقد سئم الشباب السيناريوهات الرسمية التي لا تعنيهم إنهم يريدون ببساطة شديدة أن يتنفسوا الحرية! كما يريدون اعترافًا بإنسانيتهم !
نعم يتمنى شباب اليوم أن يتواضع الحكام العرب كلهم ويعترفوا جميعًا أن تحقيق إنسانية مواطنيهم لا تكتمل إلا بإحلال العدالة بحيث يتجاوز الفرد الحاكم أنانيته ونزعته إلى السيطرة من اجل السلام المجتمعي، كما يأمل العقلاء أن يتحلى الشباب بالوعي السلمي الحقيقي بحيث لا ينجرّ إلى أي عمل من أعمال العنف لان تحقيق العدالة المطلوبة لا يتم إلا بآليات عادلة لاعنفية.
فما العدالة المقصودة إذن؟
قطعًا ليس تطبيق “القوانين “، لان القوانين في معظم دول المنطقة صُممت لتلائم “الزعيم” وإن عملية تقديم رؤية عن العدالة، تدفعنا إلى تمييزها عن القانون،فليس القانون هو الذي يُملي ما هو عادل، بل إنّ العدالة هي التي تفرض القانون، فحين يكون هناك تعارض بينهما، علينا أن نختار العدالة وأن نعصي القوانين، لأن ما يجب أن يُلهِم الإنسانَ في سلوكه ليس ما هو “شرعي” بل ما هو “مشروع”.
وتحضرني هنا مقولة لغاندي هي :” إذا كانت الحكومة تعمل بشكل سيئ نكون مسؤولين عن سيئاتها عبر تعاوننا معها في جعل هذا الشرّ ممكنًا. لذا يجب عليَّ سحبُ دعمي لهذه الحكومة، ليس بدافع الانتقام، بل لكي لا أشارك في تحمُّل مسؤولية الشرِّ الذي تسبِّبه”
إن اعتماد إستراتيجية عمليَّة سلوكية لاعنفية ترتكز على كسر التعاون مع الظلم ومصادره ومكافحة شتى أنواعه، من خلال ممارسة ضغط اجتماعي وعملي، يُرغم “المسؤولين” و”صناع القرار” و “أصحاب النفوذ” على الإذعان والرضوخ لمطالب الناس العادلة، وذلك من خلال الرّفض الحاسم لأية مشاركة في اي وظيفة تؤدي ممارستها إلى الحفاظ على موقع الخصم المتمسك بجوره، كما سيرغم أي محتل على الرحيل عندما يعدم إمكانية إيجاد من يتعاون معه وييسر له مهامه.
أخيرا رسالة لكل إنسان:
إن لفي نمو الورد فوق الدمار برهانًا على أن الأشجار أبقى من مدافع الركام ! وان نسيم العدل أبقى من جور الحكام !