إعداد المحاميين: الدكتور نيازى مصطفي ومها يوسف
مدخل :
مؤسسة “المرأة الجديدة”،هي مؤسسة نسوية تستند في عملها إلى الاتفاقيات الدولية ولاسيما المتعلقة بحقوق النساء ورسالة المؤسسة “القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء في المجال الاقتصادي والاجتماعى والثقافي والسياسي سواء تعلق ذلك بالمنظومة الثقافية أو السياسية أو التشريعية”. ومن هذا المنطلق تتبنى المؤسسة عددًا من الأهداف منها ما هو متعلق بتغيير التشريعات ومن أجل تفعيل هذا الهدف تعمل المؤسسة بالتعاون والتنسيق مع منظمات غير حكومية على عدد من استراتيجيات العمل وهي :
وفي إطار إصدار “المجلس القومى للمرأة” مشروع قانون لمناهضة العنف ضد المرأة وطرح هذا المشروع للنقاش العام رأت مؤسسة “المرأة الجديدة” ضرورة التعامل بجدية مع هذا المشروع، خاصة وقضية العنف ضد النساء أصبحت محل نقاش واسع في المجال العام، ليس من قبل جهات رسمية فحسب، بل أيضًا المجتمع المدنى بروافده المتعددة فضلا عن تزايد العنف ضد النساء في المجتمع، وثمة تطور نوعي في جرائم الاغتصاب و التحرش الجنسي وفي هذا السياق فصدور قانون يجرم العنف ضد النساء ضرورة لكن أيضا يجب أن يستند إلى معايير حقوقية ويوفر الحماية اللازمة للنساء، ومن هذا المنطلق أصدرت مؤسسة”المرأة الجديدة” ورقة موقف من قانون العنف ضد النساء الصادر عن المجلس القومى للمرأة .[5]
وفي السياق ذاته تقدم مؤسسة” المرأة الجديدة” هذه الورقة وهى نتاج جهد باحثين قانونيين وهما الدكتور نيازى مصطفي ومها يوسف وقد قدما رؤية نقدية لحقوق النساء في القوانين الحالية ( الأحوال الشخصية – العنف الجنسي في قانون العقوبات – العمل – الحماية الاجتماعية) وتتناول الورقة عددًا من المحاور بشأن مدى اتساق هذه القوانين مع الاتفاقيات الدولية والضمانات الدستورية التى يقدمها الدستور المصري وملاحظات حول النصوص القانونية التى تنطوى على تمييز وعنف ضد النساء في المجالين العام والخاص .
مؤسسة المراة الجديدة
نص الورقة :
لا تزال هناك العديد من القوانين التي تكرس التفاوت وسياسة التمييز بين الرجل والمرأة في كثير من القضايا والحقوق. ومن تلك القوانين موضوع الحماية الجنائية وقضايا الأحوال الشخصية والشهادة في المحاكم، وكذلك القوانين العقابية التي مازالت تجيز تأديب الزوج للزوجة بضربها بحجة استعمال الحق، بالإضافة إلي استخدام مبدأ الرأفة في جرائم القتل التي يقوم مرتكبوها بتغطيتها تحت مسمي جرائم الشرف فضلا عن قوانين العمل والحماية الاجتماعية.
وإذا استعرضنا الواقع التشريعي للنساء في مصر فإننا نجده على النحو الآتي :
النساء فى الدستور :
نص الدستور المصرى في الباب الأول منه الخاص بالدولة على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع (م2) كما أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين و اليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية (م3) و نص على الكثير من الحقوق التى تكفل المساواة لجميع المصريين على حد سواء بداية من إقراره بالباب الأول و الخاص بالدولة – و لأول مرة – حق الجنسية المصرية لأبناء الأم المصرية ( م 6 )، وكذلك ما أقره بالباب الثالث من أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة ولا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر، ونهاية باعتبار أن التمييز و الحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون ( م53 ) .
و رغم أن الدستور المصرى الجديد أخذ بنهج الدساتير التفصيلية فى بعض نصوصه المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية، فإنه لم يسلك نفس الطريق فيما يتعلق بالحقوق والحريات العامة، وأحال للمشرع سلطة تنظيم هذه الحقوق دون وجود نصوص دستورية واضحة تنص على إجراءات وتدابير تحمي الحقوق وتغل يد المشرع في إحداث تدخلات بإصدار تشريعات تعيق التمتع بممارسة هذه الحقوق، وهو ما استبان على مدى أكثر من أربعين عامًا منذ تطبيق دستور 1971 ،والذى كان على نفس النهج فلم تكن هناك آليات أو إجراءات أو تدابير تلتزم بها الدولة .
ورغم ذلك تضمن الدستور العدييد من المواد التى نصت على حقوق للنساء وأيضًا أقرت مبادئ أساسية تتعلق بالمساواة بين الرجال والنساء، فالزم الدستور الدولة بضرورة العمل على تحقيق التالي :
أ- تحقيق العدالة الإجتماعية والحياة الكريمة لجميع المواطنين .
ب- حماية المرأة ضد كل أشكال العنت .
ت- القضاء على جميع أشكال التمييز وأناط بالقانون إنشاء مفوضية لهذا الغرض.
ث- توفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة و المسنة و النساء الأشد احتياجًا .
ج- الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، تصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة ملزمة للدولة المصرية .
كما كفل الدستور الدولة بعدد من الإجراءات والتدابير التى صيغت بعبارات فضفاضة وليست ملزمة أو محددة بنصوص دستورية ملزمة للمشرع وهى :
أ- تحقيق المساواة بين النساء والرجال فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
ب- العمل على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل النساء تمثيلًا مناسبًا فى المجالس النيابية طبقًا للقانون .
ت- نص على حق النساء فى تولى الوظائف العامة و وظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات و الهيئات القضائية دون تمييز ضدها .
ج- تمكين النساء من التوفيق بين واجبات الأسرة و متطلبات العمل .
ساوى الدستور المصري فى الحقوق بين جميع المواطنين وذكر على وجه الحصر المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق،و قرر أن لا تمييز بسبب الجنس، وبذلك تكون كل المواد التمييزية ضد المرأة في القوانين تعد مخالفة للدستور، ورغم ذلك يعاب على الدستور أن بعض ما تناوله من الحقوق لم يرق لمستوى الالتزام بتدابير وإجراءات محددة مثل نصه في المادة (53) على إنشاء مفوضية للتمييز ، كذلك فيما يتعلق بالنص بشكل واضح على تدابير و إجراءات التمييزالايجابي مثل تطبيق نظام “الكوتة” لم ينص عليه إلا في انتخابات المحليات، وكان يمكن النص على بعض التدابير المؤقتة التى تمكن النساء من الحصول على حقوقهن وتضمن تفعيل وتطبيق المادة”11″ التى تتحدث عن حق النساء في شغل المناصب القيادية ومواقع صنع القرار بما فيها الهيئات القضائية، فما يجرى في الواقع أن النساء تعانى من تعنت مجلس الدولة إلى الآن فى تعيين النساء في المناصب القضائية،بالإضافة إلى ضعف تعيين النساء فى القضاء العادى والنيابة العامة .
و تبنى المشرع الدستورى الرؤية التقليدية الخاصة نفسها بأن الواجبات المنزلية هى مسئولية النساء وحدهن فنجد في المادة (11) من الدستور التى تنص بشكل واضح على المساواة بين النساء والرجال في جميع الحقوق، تنص المادة نفسها في فقرة تالية على أن للنساء وحدهن مسئوليات رعاية الأسرة وفي إشارة تتسم بالعمومية تحدث عن دور الدولة في أن “تكفل الدولة تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل ” ،وهذا يتناقض مع ما أقرته المادة ( 93) من الدستور بشأن التزام الدولة بالإتفاقيات الدولية التى وقعت عليها وملتزمة بتنفيذها، ومنها اتفاقيات منظمة العمل التى تنص في اتفاقيتها على ان واجبات الأسرة مسئولية عائلية ومجتمعية، وأن هناك التزامات واضحة فى هذا المجال للدولة وأصحاب الأعمال والأسرة وليس النساء وحدهن .
الاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر والمتعلقة بحقوق النساء :
تعد الاتفاقيات الدولية التى انضمت إليها مصر جزءًا من القانون المصري الداخلى بنص المادة (93) من الدستور، لذلك سوف نتناولها فيما يخص موضوع الورقة، وهو حقوق النساء في النظام القانونى، ونتناول منها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة ( السيداو )
اتفاقية السيداو :
صدقت جمهورية مصر العربية على اتفاقية السيداو بتاريخ 18 سبتمبر 1981، ونشرت بالجريدة الرسمية في العدد رقم 51 بتاريخ 17 ديسمبر 1981.
وتحتوى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على الديباجة و 30 مادة تتناول الحقوق والحريات الإنسانية الأساسية في مختلف المجالات الحيوية، وخاصة فى مجال الأسرة والعائلة، العمل، الصحة، التعليم، الضمان الاجتماعى، وتهدف إلى كفالة مبدأ المساواة فى مختلف هذه المجالات.
وقد عرفت الاتفاقية فى مادتها الأولى التمييز ضد المرأة بأنه:
“أى تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أعراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية فى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو فى أى ميدان أخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل”.
كما نصت الاتفاقية أيضًا على إنشاء لجنة معنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، ونصت على تشكيلها واختصاصاتها فى المواد من 17 : 22 لتتابع تنفيذ أحكام الاتفاقية فى الدول التى صدقت عليها ودراسة التقدم المحرز فى تنفيذ الاتفاقية، ولتقوم بهذا الدور نصت الاتفاقية على أن تقدم الدول المصدقة عليها تقارير دورية عما اتخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها من أجل إنفاذ أحكام الاتفاقية.
تنص المادة 2 من الاتفاقية على :
تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:
(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.
(ب) اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة،
ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي.
(د) الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي، أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.
(هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة.
(و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزًا ضد المرأة.
(ي) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزًا ضد المرأة .
التحفظ المصري علي المادة :
إن جمهورية مصر العربية تبدي استعدادها لتنفيذ ما جاء بفقرات هذه المادة بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية .
تمثل المادة 2 جوهر ما جاءت به الاتفاقية من أحكام، وتتعلق بحظر التمييز في الدساتيروالتشريعات الوطنية ، و تنص على التزامات الدول الأطراف للقضاء على التمييز، كما تلزم الدول ليس فقط بشجب التمييز، وإنما باتخاذ إجراءات مختلفة للقضاء على جميع أشكاله، وعلى مدار 25 عامًا0من التصديق لم تتخذ مصر سوى إجراءات محدودة لتطبيق هذه المادة التى لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية .
تنص المادة 16 منها على:
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كل الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
أ- نفس الحق في عقد الزواج.
ب- نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل.
ﺠ- نفس الحقوق والمسئوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
د- نفس الحقوق والمسئوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.
ﻫ- نفس الحقوق في أن تقرر، بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينهما من ممارسة هذه الحقوق.
و- نفس الحقوق والمسئوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.
ز- نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل.
ح- نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض.
2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرًا إلزاميًا.
تحفظت مصر على المادة 16 من الاتفاقية بتعليق تنفيذها على شرط عدم إخلال ذلك بما تكفله الشريعة الإسلامية للزوجة من حقوق مقابلة لحقوق الزوج بما يحقق التوازن العادل بينهما، وذلك مراعاة لما تقوم عليه العلاقات الزوجية في مصر من قدسية مستمدة من العقائد الدينية الراسخة التي لا يجوز الخروج عليها …… وذلك أن أحكام الشريعة الإسلامية تفرض على الزوج أداء الصداق المناسب للزوجة والإنفاق عليها ثم أداء النفقة لها عند الطلاق، في حين تحتفظ الزوجة بحقوقها الكاملة على أموالها ولا تلتزم بالإنفاق منها على نفسها، ولذلك قيدت الشريعة حق الزوجة في الطلاق بأن أوجبت أن يكون ذلك بحكم القضاء في حين لم تضع مثل هذا القيد على الزوج.
وواضح من هذا التبرير أنه ينصب على آلية الطلاق التي ترتبط بالالتزام بالنفقة، حيث ينفق الزوج ولا تلتزم الزوجة بالإنفاق يكون له أن يطلق دون اللجوء إلى القضاء. أما الزوجة فلا تستطيع الحصول على الطلاق إلا بحكم القضاء لكونها لا تلتزم بالإنفاق من أموالها على نفسها. وهذا التبرير سطحي ويقود منطقه إلى أنه إذا تساوى الزوجان في الإنفاق لم يعد هناك ما يبرر جعل الطلاق مرتبطا بإرادة الزوج دون الزوجة. والحق أن تعليق الطلاق على صدور حكم به من القضاء يحقق مصلحة الأسرة والمجتمع، لكونه يحد من الطلاق غير المبرر .
وإذا تجاوزنا هذا التبرير، فلا يوجد في نص المادة 16 ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، ويستوجب التحفظ عليه، لاسيما أنه قد ورد في التحفظ: أن مصر تقبل المساواة بين الرجل والمرأة في كل الأمور المتعلقة بالزواج وعلاقات الأسرة أثناء الزواج وعند فسخه شريطة ألا يخل ذلك بما تكفله الشريعة الإسلامية للزوجة من حقوق مقابلة لحقوق الزوج بما يحقق التوازن العادل بينهما. ومتى كانت حقوق الزوجة تحقق التوازن العادل بين الزوجين، وهو عين ما تصبو إليه اتفاقية السيداو، فلا يوجد ما يبرر التحفظ على المادة 16 التي تدعو للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية على نحو يحقق التوازن العادل بين حقوق الزوجين.
وقد نصت المادة 23 من اتفاقية السيداو على عدم المساس بالأحكام الواردة في تشريعات الدول الأطراف أو في اتفاقية دولية أخرى تكون أكثر تحقيقاً للمساواة بين الرجل والمرأة.
إن تحفظات مصر هي تحفظات غير قانونية وغير مقبولة لأنها مخالفة :
* للمادة 19 من إتفاقية فيينا( قانون المعاهدات لعام 1969) التي وإن أجازت للدول عند انضمامها إلى معاهدة ما ،إبداء تحفظاتها، إلا إنها اشترطت ألا يكون التحفظ منافيًا لموضوع الاتفاقية وغرضها .
* هي مخالفة للمادة 21 من إتفاقية فيينا التي تؤكد عدم سريان التحفظات، وعلى إنه ليس لها أثر في القانون الدولي .
*هي مخالفة للمادة 28 من إتفاقية سيداو ، التي تنص على إنه لا يجوز إبداء أي تحفظ يكون منافيًا لموضوع الإتفاقية وغرضها .
* إن التحفظات على مواد الاتفاقية الأساسية تعتبر منافية لموضوعها ولغرضها، وهي تبين عدم جدية الدول في الوفاء بالتزامها بموجب الإتفاقية .
*إن التحفظات تعتبر مخالفة لمبدأي القضاء على التمييز ضد المرأة وتعزيز مساواتها بالرجل وهما مبدءان مركزيان للأمم المتحدة .
التعليق على تحفظات مصر على الاتفاقية :
إن التحفظات تتناقض وموضوع الاتفاقية والغرض منها ،وهو القضاء على التمييز ضد المرأة وفقا لما جاء في المادة الأولى تحديدًا ،وفي المواد من (2)إلى (16) بمجملها فهي كل لا يتجزأ ،ولا يمكن تحقيق المساواة الحقيقية لناحية التعليم والعمل والمشاركة في الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، والمرأة تخضع لولاية الرجل في العائلة وتعتبر ناقصة الأهلية في العلاقات الأسرية ،حيث وضعت المادة الأولى تعريفا شاملا للتمييز وهو يسري على كل المواد الواردة في الاتفاقية ،ويدحض أي تحفظ واقع على أي مادة منها ، بحيث تعتبر المادة الأولى حجر الأساس لكل القضايا المتعلقة بالتمييز القانوني في الحياة العامة أو الخاصة ، والتي يمكن الإسقاط عليها للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة .
ومن الجدير بالذكر أن هناك دولًا عربية رفعت كامل تحفظاتها على الاتفاقية مثل: المغرب و تونس .و رفعت مصر تحفظها على المادة 9 فقرة 2 من الاتفاقية، وفقا للقرار الجمهوري رقم 249 لسنة 2007 تطبيقاً لنص المادة 28/3 من الاتفاقية بتوجيه إشعار إلى الأمين العام للأمم المتحدة.و الخاصة بمنح أبناء المصرية المتزوجة من أجنبي حق التمتع بالجنسية المصرية بعد جهود و نضال استمر على مدار سنين من المؤسسات النسوية المصرية .
ونظرًا لانتشار واتساع نطاق العنف الواقع على المرأة أفردت له الجمعية العمومية للأمم المتحدة إعلانًا خاصًا به للقضاء عليه.
الإعلان العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة:
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الإعلان فى 20 ديسمبر 1993 ، ووضعت تعريفًا محددًا وواضحًا للعنف ضد المرأة فى مادته الأولى “العنف ضد المرأة هو أى فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة بدنية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما فى ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفى من الحرية، سواء وقع ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة”.
كما نص الإعلان على أن العنف ضد المرأة يشتمل ولكن دون أن يقتصر على الآتى :
العنف الجسدى والجنسى والنفسى الذى يقع فى إطار الأسرة.
العنف الجسدى والجنسى والنفسى الذى يقع فى إطار المجتمع.
العنف الجسدى والجنسى والنفسى الذى تقترفة الدولة أو تتغاضى عنه حيثما وقع.
وبذلك يكون الإعلان العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة قد وضع تعريفا للعنف ضد المرأة وعدد أشكاله بأنها: عنف جسدى وجنسى ونفسى، وحدده فى ثلاثة أنواع هى: عنف أسرى وعنف مجتمعى وعنف تقترفه الدولة أو تتغاضى عنه.
والجدير بالذكر أيضًا أنه تلى هذا الاعلان مؤتمر فيينا عام 1993 أيضًا، وأوصى باعتبار العنف ضد النساء انتهاكًا لحق من حقوق الإنسان، ونص على ذلك فى برتوكول يلحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة .
كما تقدمت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى عام 1994باقتراح أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة يوصى بتعيين مقرر خاص لحالات العنف الموجه ضد النساء، وهو يعكس اعترافًا من الأمم المتحدة بحجم الظاهرة وأهمية رصدها أسوة بكل الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان .
وفي عام 1999 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بواسطة القرار رقم 54 / 134 يوم 25 نوفمبر اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة. ودعت فيه الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية للعمل على زيادة الوعى بمشكلة العنف ضد المرأة في هذا اليوم.
أشكال العنف ضد النساء :
يتخذ العنف ضد المرأة أشكالا متعددة وكثيرة تشمل: عنفاً بدنياً وجنسياً ونفسياً، وتسمية أشكال العنف ومظاهره خطوة مهمة نحو الاعتراف به ومعالجته، ولكن تفاوت أشكال العنف ضد المرأة ومظاهره يختلف باختلاف السياق الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والثقافى.
وعلى الرغم من أن البيانات التقييمية بدقة عن انتشار العنف ضد المرأة قد تكون محدودة فيما يتعلق ببعض أنواع العنف، وغير موجودة فيما يتعلق بأنواع أخرى، فإننا سوف نتناول أشكال العنف كما وردت فى تعريف العنف ضد المرأة، وإعلان القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة، وقد قسمه إلى ثلاثة أشكال هى:
– العنف ضد المرأة فى الأسرة.
– العنف ضد المرأة فى المجتمع.
– العنف ضد المرأة الذى ترتكبه الدولة أو تتغاطى عنه
واقع النساء في القانون الجنائي
على المشرع- بموجب الدستور المصري والالتزامات الدولية- أن يكفل المساواة التامة بين الرجال والنساء عند وضع جميع القوانين الداخلية، وأن يعدل أي مواد تنطوي على تمييز بينهما .وبالرغم من ذلك، نجد أن القانون الجنائي الحالي يميز دون مبرر بين الرجل و المرأة في العديد من أحكامه إلى جانب تخاذله عن حماية المرأة من العنف الذي يقع عليها و هذا ما سنتناوله فيما هو آتٍ:
جرائم “العنف الجنسي” :
انتشرت جرائم “العنف الجنسي ” في المجتمع ،وهي جرائم تترك آثارًا نفسية وجسدية وجنسية سيئة في المجني عليها، ومع ذلك لا يكفل قانون العقوبات، بنصوصه الحالية، الحماية الكاملة من العنف الجنسي بجميع أنواعه، بل لا يكفل الحماية الكافية لكل من يقع ضحية لهذا العنف، فالمواد الخاصة بجرائم العنف الجنسي في قانون العقوبات، بها العديد من الثغرات فيما يتعلق بالحماية، كما أن تلك القوانين لا تزال تستند على مفاهيم غير ملائمة، وتنطوي على تمييز غير مبرر ما بين الرجال والنساء.
فالقانون الجنائي حاليًا يجرّم عددًا من أفعال العنف الجنسي التي تصنف في ثلاثة أبواب مختلفة من قانون العقوبات، مثل المواقعة (الاغتصاب) وهتك العرض، حيث تم إدراجهما ضمن الباب الرابع باعتبارهما من جرائم “هتك العرض وإفساد الأخلاق”. كما يضم الباب نفسه جرائم الزنى والفعل الفاضح. وفي الباب الخامس يجرم القانون الاختطاف مع المواقعة، ضمن أشكال أخرى من الخطف، تحت عنوان “القبض على الأفراد وحبسهم دون وجه حق وسرقة الأطفال وخطف البنات”. أما التعرض لأنثى فمدرج في الباب السابع، الخاص “بالقذف والسب وإفشاء الأسرار”.
فتضمن قانون العقوبات نصًا على جريمة الاغتصاب في المادة 267 على “من واقع أنثى بغير رضاها، يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد.”
يعاقب المتهم بالإعدام في الحالات التالية:
1- إذا كانت المجني عليها لم تبلغ سن 18 عامًا.
2- إذا كان الفاعل من أصول المجني عليها ” الأب أو الجد”.
3- إذا كان الفاعل من المتولين تربيتها أو ملاحظتها، أو من له سلطة عليها مثل “المدرس والخادم”.
4- إذا تعدد الفاعلون، الجريمة “اغتصاب جماعي”.
و جاء تفسير الفقهاء القانونيين للفظ المواقعة بأنه يعني الاتصال الجنسي الكامل، التقاء الاعضاء التناسلية للمتهم والمجني عليها التقاء طبيعيًا، أي إيلاج (ادخال ) المتهم لعضوه التناسلي في فرج الأنثي . واذا تحقق هذا الايلاج، كان ذلك كافيًا لقيام الجريمة، وسواء أن يكون هذا الادخال كليًا او جزئيًا .
و ما دون ذلك لا يعد اغتصابا، أى أن لا تتوافر جريمة الاغتصاب باتيان امرأة من الخلف، أو وضع الإصبع، أو عصا أو أي شيء آخر في فرج المرأة، فهذه الأفعال تشكل جناية هتك العرض . ولإتمام الاتصال الجنسي ينبغي أن يكون الرجل قادرًا عليه، وأن تكون المرأة مهيأة له . فإذا كان الرجل غير قادر على اتمام الإيلاج لإصابته بعجز جنسي، أو إذا كانت المرأة غير مهيأة لإتمام العملية الجنسية بسبب ضيق الفرج الناشئ عن أمر طبي ، أو بسبب صغر السن فإن الوطء يكون مستحيلاً ومن ثم فلا تقوم جريمة الاغتصاب، وإن توافرت جريمة هتك العرض..
مما سبق نجد أن المادة 267 من قانون العقوبات بشكلها الحالي تختزل تعريف الاغتصاب على أنه إيلاج العضو الذكر في المهبل، ولا يشمل الاغتصاب بالأصابع أو الأدوات أو الآلات الحادة، ولا يشمل الاغتصاب الفموي أو الشرجي. .مما يوضح فكرة أن الأمر ليس بحجم الضرر الذي يلحق بالمجنى عليها لكن له طابع أخلاقي مبنى على تفسيرات دينية و مجتمعية متعلقة بالشرف و العرض .و من الجدير بالذكر أن النص بهذا النهج لا ينطبق على الاغتصاب الزوجى و ذلك لأن المشرع لا يعترف به كجريمة، و أساس ذلك هي المادة 2 من الدستور و التى تنص على (مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ) .
وجاءت المادة 268 بشأن جريمة هتك العرض لتنص على: “كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك، يعاقب بالسجن المشدد لمدة قد تصل إلى 15 عامًا، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ 18 عامًا فيعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 7 سنوات.
و تفسيرًا لنص المادة فأن جريمة هتك العرض تتطلب أن يكون قد حدث فعل من الجاني قد طال أثره المجني عليه، وكان هذا الفعل بالمساس الجسيم بعورته، ما يخل بالحياء العرضي للمجني عليه. وأوضحت المحكمة معيار العورة الذي تبنته محكمة النقض، وكان هتك العرض يقوم بحالات ثلاث هي:
بناء على ما ذكر سالفا فإن القانون الحالي يعرّف كثيرًا من جرائم العنف الجنسي باعتبارها جرائم ضد الأخلاق، أو ضد الحياء، بدلاً من أن تصنف باعتبارها جرائم ضد أشخاص الضحايا أنفسهم. وقد تكون المصطلحات المستخدمة غير دقيقة. لذلك تم اقتراح استخدام المصطلحات المناسبة، وهي: “الاغتصاب” و”الاعتداء الجنسي” و”التحرش الجنسي” مع إعادة صياغة التعريفات، كي يصبح الفارق بين الجرائم وبعضها البعض واضحًا ومحددًا.
كما أن الغرض من مطلب التعديل في المصطلحات بما تنطوي عليه من مفاهيم واضحة، هو أن يصبح تعريف “الاغتصاب” كل إيلاج جنسي يتم دون رضا، ضد رجل كان أو امرأة. ويكون المقصود بـ”الاعتداء الجنسي” كل اعتداء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ولم يصل إلى حد الاغتصاب، على أن يكون عدم الرضا ركنًا من أركان الجريمة، لأنه المفهوم الأوسع ويشمل ظروفًا قد لا تقترن باستخدام القوة أو التهديد، مثل الإجبار أو المفاجأة أو غيرهما أو التأثير على الإرادة. وفيما يخص “التحرش الجنسي”، فهو يشمل الأفعال والأقوال الخادشة للحياء، وإن لم تصل إلى حد الاعتداء الجنسي.
و قد تم تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم50 لسنة 2014 فيما يخص جريمة التحرش الجنسي ليضع لها تعريفًا للمرة الأولى فنص على تعديل المادة (306 أ ) و أضاف مادة جديدة برقم 206 ب
المادة 306 مكرر ( أ ) :
يعاقب بالحبس مده لا تقل عن ستة أشهر و بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه و لا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين، كل من تعرض للغير في مكان عام او خاص او مطروق باتيان أمور أو ايحاءات او تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة او بالقول او بالفعل بأي وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية او اللاسلكية.
يضاف إلي قانون العقوبات المشار إليه مادة جديدة برقم 306 مكرر (ب) نصها الآتي:
يعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرر ( أ ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه علي منفعة ذات طبيعة جنسية , و يعاقب الجاني بالحبس مده لا تقل عن سنة و بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدي هاتين العقوبتين.
فاذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون، أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية علي المجني عليه، أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف ممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر، أو كان أحدهم علي الأقل يحمل سلاحًا، تكون العقوبة الحبس مدة لاتقل عن سنتين ولا تجاوز خمسة سنين، والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد علي خمسين ألف جنيه .
و تعليقًا على هذا التعديل، الذي جاء بعد أحداث تحرش جماعي في الشارع المصري، سببت ذعرًا للنساء، وأوضحت عجز النص السابق في التعامل معها ،وكان الأساس في هذا التعديل هو ضغوط الحركة النسائية والمؤسسات التى تمثلها .
أولاً النظر إلى ما تم استحداثه بهذه التعديلات :
لم يكن القانون فى النص السابق على هذا التعديل يتعرض لفرض عقوبة على المتهم بالتحرش الجنسى فى الأماكن الخاصة المغلقة أو أماكن العمل، بل كان يعاقب كل من تعرض لشخص بالقول أو الفعل أو الإشارة فى الطريق العام أو مكان مطروق فحسب، وهذه الجريمة لا تحدث بهذه الأماكن دون غيرها بل على العكس فقد تحدث فى الأماكن الخاصة المغلقة، كأماكن العمل وغيرها بشكل ملحوظ، من ثم كان من الملح أن يكون هناك تعديل تشريعي لتجريم التحرش الجنسى الذى يحدث فى كل مكان على السواء، وهنا كانت الإضافة بتجريم التحرش داخل الأماكن الخاصة.
كما وضع النص الحالى ظروفاً مشددة للعقوبة لم تكن مذكورة فى النص المعدل، وهى وقوع الجريمة ممن له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية علي المجني عليه، أو لو مارس المتهم أي ضغط تسمح له الظروف ممارسته عليه او ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم علي الأقل يحمل سلاحًا,وهذه الظروف المشددة لم تكن مذكورة من قبل فى التشريع السابق.
ثانيًا سلبيات النص الجديد :
لم يحدد النص الجديد كسابقه معنى الفعل الذى يعد تعرضًا للغير، ولا يصل إلى جريمة هتك العرض وترك تعريف معنى كلمة “تعرض بالفعل” لتفسيرات محكمة النقض، التى كثيرًا ما تحدث لغطًا بين الجهات القضائية أثناء نظر الدعاوى الجنائية.
هذا إلى جانب أنه وفقاً لهذا التعديل لابد أن يتوافر لدى الجانى قصد الحصول على منفعة ذات طبيعة جنسية ! وهنا ترك المشرع مرة أخرى الأمر إلى انتظار تفسيرات الفقه والقضاء لتوضيح ما وضعه المشرع من تعديل غير واضح من كلمة منفعة ذات طبيعة جنسية.
استعمال الرأفة في قضايا العنف الجنسي :
لقد شكلت المادة (17) من قانون العقوبات المصري مشكلة حقيقية في شأن جرائم (الاغتصاب) لأنها تعطي القاضي سلطة استعمال الرأفة في أقصى درجاتها عندما ينزل القاضي بالعقوبة درجتين عن العقوبة المقررة أصلا حيث تنص على أنه: “يجوز في مواد الجنايات، إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة، تبديل العقوبة على الوجه الآتي:
وقد قضت محكمة النقض تطبيقا لذلك :-
“تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابًا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي رأته . وليس في القانون ما يلزمها أن تتقيد بالحد الأدنى الذي يستتبعه تطبيق المادة 17 عقوبات إن هي أعملتها “
( 20/6/1966 أحكام النقض س 17 ق 161 ص 852 )
تقدير العقوبة، وتقدير موجبات الرأفة، أو عدم قيامها هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب، ودون أن تسأل حسابًا عن الأسباب التي من أجلها أوقفت العقوبة بالقدر الذي أرتأته، كما أن وقف تنفيذ العقوبة أو شموله لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم أمر متعلق بتقدير العقوبة ولم يلزمه الشارع باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه، وهو يقرره لمن يراه مستحقا له من المتهمين بحسب ظروف الدعوى وحالة كل منهم شخصيًا على حدة.
( 7/1/1981 أحكام النقض س 32 ق 1 ص 23 )
و هذا تأكيد من محكمة النقض أن استعمال الرأفة سلطة مطلقة لقاضي الموضوع (محكمة الجنايات ) وليس لمحكمة النقض الرقابة عليها في ذلك .
نطاق الظروف المخففة :
يقتصر نطاق الظروف المخففة على الجنايات ، فلا محل لها في الجنح والمخالفات ، وتبرير ذلك هو عدم جدواها بالنسبة لهذه الأخيرة ، ذلك لأن القانون لا ينص على حد أدنى لعقاب كل جنحة أو مخالفة على حدة مكتفيا بالحد الأدنى العام لعقوبتي الحبس والغرامة ، وهو حد منخفض بذاته ، فيستطيع القاضي أن ينزل إليه دون تذرع بالظروف المخففة . أما الجنايات فقد نص المشرع على حد أدنى لعقوبة كل منها على حدة، ومن ثم كان القاضي في حاجة إلى الظروف المخففة حين تقتضي ظروف الدعوى الهبوط دون هذا الحد. وعلة السماح بالهبوط بالعقاب درجة أو درجتين هي توسيع سلطة القاضي كي يواجه جميع الحالات التي تقتضي التخفيف حتى الشاذة منها، أما علة وضع حد أدنى للحبس فهي حرص المشرع على أن يقف تخفيف عقوبات الجنايات عند حدود معقولة. ويقتصر التخفيف على العقوبات السالبة للحرية دون عقوبة الغرامة.
واستثناء مما تقدم، نصت المادة 27 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الخاص بمكافحة المخدرات على عقوبة السجن لجريمة إحراز المواد المخدرة بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وقضت بعدم النزول في عقوبة الحبس التي يحكم بها عند تطبيق الظروف المخففة عن ستة أشهر .
وقد يقضي المشرع في نص العقوبة نفسه كذلك بخلاف نص المادة 17 عقوبات، فالمادة 102هـ من قانون العقوبات تنص على أنه: استثناء من أحكام المادة 17 لا يجوز في تطبيق المواد 102- 192د النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة، وكذلك المادة 36 من القانون 182لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات التي نصت على أنه: ( استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة ).
الملاحظة علي المادة: أنها تستخدم بشكل كبير في أحكام قضايا الاغتصاب وهتك العرض الخاصة بالنساء، فهناك قضايا تمت إدانة المتهم فيها بالخطف والاغتصاب والقتل الخطأ والعقوبة القانونية لهذه الجرائم هي الإعدام، وبعد استخدام المحكمة للرأفة كان النزول بالعقوبة من الإعدام إلى السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وهي الحد الأدنى للعقوبة الذي تستطيع المحكمة النزول به، و لم يقتصر الأمر على هذه القضية لكنها على سبيل المثال فقط لكى ندرك ما للمادة 17 من قانون العقوبات من أهمية وتأثير، سواء على الجاني لأنها تعطي المحكمة الحق في النزول بالعقوبة من الإعدام إلى السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، أو على المجني عليها وأهلها باعتبار أن استخدام هذه المادة على هذا النحو يمثل حكم إدانة جديد على الضحية. مما يؤدي إلي عدم العدالة في الأحكام.
لذلك نطالب بتعديل القانون إلى إقرار عقوبات متناسبة مع الأفعال المجرمة، دون تزايد أو استهانة، بالإضافة إلى تقييد سلطة القاضي في استخدام المادة 17من قانون العقوبات عند تطبيقه المواد العقابية الخاصة بالاغتصاب والاعتداء الجنسي والخطف، بأن يتاح له النزول بالعقوبة لدرجة واحدة فقط، على أن يكون القاضي ملزمًا بذكر أسباب استخدامه الرأفة في حيثيات الحكم، وأن يخضع هذا التسبيب لرقابة محكمة النقض.
وإننا نرى، أن استخدام الرأفة في قضايا الاغتصاب وهتك العرض بهذا الحد أمرٌ خطيرٌ جدًا، ونرى أن الخطر الناجم عن هذه الجرائم لا يقل بأي حال من الأحوال عن الخطر الناتج عن الجرائم التي وضع فيها المشرع قيودًا على المحكمة عند استخدام المادة 17 مثل جرائم حيازة المخدرات، و قد نص القانون في مواد تجريمها على حد أدنى لا يمكن النزول بالعقوبة عنه، كما ذكرنا سلفا. أو مساوتها بجرائم الإضرار بمصالح الدولة من الخارج أو من الداخل المنصوص عليها في المواد 77 و 88 من القانون – فالمشرع نص على أنه لا يجوز تطبيق المادة 17 بأي حال على جريمة من هذه الجرائم، فنطالب بمساواة الجرائم الجنسية ضد النساء بهذه الجرائم، بما أنه مطبق بجرائم أخرى، فنحن لا نطالب باستحداث أمرٍ لا يطبق في نفس القانون.
حكم ضرب الزوجات في قانون العقوبات:
مادة 60: لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة.
الملاحظة علي المادة: أنها تستخدم بشكل كبير في قضايا ضرب الزوجات مما يساعد كثيرًا من الأزواج علي الإفلات من العقاب.
و أكد ذلك حكم محكمة النقض في (الطعن رقم 4818 لسنة 80 جلسة 2011/12/12)
لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن خاصاً بحقه الشرعي في تأديب زوجته المجني عليها في قوله: “وحيث إنه عما تذرع به دفاع المتهم من أنه كان يستخدم حقه الطبيعي في تأديب زوجته- المجني عليها بقالة- سوء سلوكها، فمردود عليه بما أنه وأن كانت المادة 60 من قانون العقوبات تضمنت أنه لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة فإن ما تضمنته تلك المادة لا يسري في حق المتهم، وذلك لما هو مقرر أنه وأن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديبًا خفيفًا على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر، حد ذلك الإيذاء الخفيف، وبالتالي لا يجوز له أصلاً أن يضربها ضربًا فاحشًا ولو بحق – وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد – ولما كان ذلك وأن كان قد تولد في خلد المتهم وحده سوء سلوك زوجته المجني عليها، فإنه لا يحق له الاعتداء عليها بالضرب المبرح وإحداث الإصابات العديدة بها، وذلك على النحو الوارد بالأوراق وبتقرير الطب الشرعي، وقد أفضى ذلك الضرب إلى وفاتها، ومن ثم يكون المتهم مسئولاً عن ذلك الضرب المفضي إلى الموت والمؤثم بالمادة 236/1 من قانون العقوبات، ومن ثم يكون ما استند إليه دفاع المتهم في هذا الصدد غير سديد ولا يوافق صحيح الواقع والقانون مما يتعين معه الالتفات عن ذلك الدفع 0” وما أورده الحكم صحيح في القانون، ذلك بأنه وأن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديبًا خفيفًا عن كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر إلا أنه لا يجوز له أصلاً أن يضربها ضربًا فاحشًا ولو بحق، وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد، فإذا كان الطاعن قد اعتدى على المجني عليها اعتداء بلغ من الجسامة الحد الذي أوردها حتفها فليس له أن يتعلل بما يزعمه حقاً له يبيح له ما جناه بل أضحى مستوجبًا للعقاب عملاً بالفقرة الأولى من المادة 236 من قانون العقوبات “.
و بما أن أحكام محكمة النقض تعتبر قواعد قانونية، فنرى أن الحكم قد أرسى مبدأ تأديب الزوج لزوجته تأديبًا خفيفا أى له أن يضربها لكن ليس ضربًا عنيفًا يترك أثرًا على جسدها، و ذلك يعبر بشكل واضح عن تقنين وإباحة للعنف البدنى ضد المرأة في التشريع المصري ومخالفة صارخة للدستور و لالتزامات مصر الدولية وهو غير مقبول ومرفوض من الأساس أن يكون هناك مبدأ قانونى لتأديب المرأة سواء كان خفيفًا أو عنيفًا كل اعتداء بدنى يجب أن يكون مُجرّمًا ولذلك نطالب بإلغاء المادة 60 أو استثناء العنف ضد المرأة منها.
وهناك مطالبات و حلول مقترحة من المؤسسات النسوية، بتشريع قانون منفصل يتعامل مع العنف الأسري يقوم على فلسفة مختلفة، يكون هدفها هو منع الاعتداء، والحماية منه فى المستقبل، وتتبنى العقوبات الاجتماعية والأوامر الحمائية، على سبيل المثال في حالة اتهام الزوج بممارسة العنف يتم إخراجه من مسكن الزوجية وإلزامه بالانفاق على الزوجة والأبناء أثناء التحقيق وسير القضية.
و هنا يجب أن نتعرض إلى الواقع الفعلي لما تتعرض له المرأة عند محاولتها مجرد استخدام حقها القانونى في الإبلاغ.
الحماية القانونية المتوافرة:
علي خلاف الحماية القانونية في النصوص القانونية التى تجرم السب، والقذف، والاعتداءات البدنية إلا أن الواقع يأتي علي خلاف ذلك تمامًا، فإذا ما وقع السب من الزوج علي زوجته نجد تحيزًا داخل أقسام الشرطة للزوج، يبدأ بالضغط علي الزوجة لعدم تحرير محضر، وتنتهى بضغط الأهل والمجتمع لعدم اتخاذ إجراءات قانونية، حرصًا على منزلها وحياتها وعلاقتها بزوجها.
المواد التي تتحدث عن الزنى، فيوجد تمييز بين عقوبة الرجل وعقوبة المرأة بالرغم من أن الشريعة الإسلامية ساوت بين العقوبتين، ولذلك هذه المواد مخالفة للدستور، وثمة ملاحظات علي تلك المواد:
أ- التفرقة بين الرجل والمرأة في قيام جريمة الزنى:
المرأة المتزوجة ترتكب جريمة الزنى أياً كان مكان وقوعه، أي سواء حدث في منزل الزوجية أو خارج منزل الزوجية، وهو ما لا نعترض عليه لأن واجب الوفاء والإخلاص بين الزوجين لا يتقيد بمكان معين، بل هو مفروض دون تقيد بزمان أو مكان طالما رابطة الزوجية قائمة، لكن القانون لم يعترف بذلك بالنسبة للزوج، لأن جريمة الزنى لا تقوم في حق الزوج من الناحية القانونية إلا إذا كان قد ارتكب فاحشة الزنى في منزل الزوجية، فإذا زنى في غير منزل الزوجية، لا تتحقق بالنسبة له جريمة الزنى، إلا إذا كان قد زنى بامرأة متزوجة، حيث يكون شريكاً لها في جريمتها وليس فاعلاً أصليًا، أما إذا ارتكب الزنى في خارج منزل الزوجية مع امرأة غير متزوجة، فلا تقوم في حق أي منهما جريمة الزنى في ظل نصوص قانون العقوبات الساري.
ب- التفرقة بين الرجل والمرأة في عقاب الزنى:
لم يقنع القانون بمحاباة الرجل في مجال قيام الجريمة، لكنه سار في منهجه التمييزي بين الرجل والمرأة حتى بالنسبة للعقوبة المستحقة عن جريمة الزنى، فعقوبة الرجل أخف من عقوبة المرأة.
– الزوجة التي ثبت زناها، داخل أو خارج منزل الزوجية تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين (م274ع).
– الزوج الذي ثبت زناه في منزل الزوجية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور (م277ع). وهذا التمييز ممقوت، لأنه يشجع الرجل على الزنى مرتين: الأولي بإباحة الفعل إذا حدث في غير منزل الزوجية، والثانية بتخفيف عقابه عن عقاب الزوجة ولو خانها في منزل الزوجية.
ج – التفرقة بين الرجل والمرأة في عذر التلبس بالزنى.
تنص المادة 237 من قانون العقوبات على تخفيف عقاب الزوج الذي يفاجئ زوجته حال تلبسها بالزنى فيقتلها في الحال هي ومن يزني بها. ووجه التخفيف أن هذا الزوج لا يعاقب بالعقوبات المقررة للقتل العمد أو للضرب المفضي إلى الموت، وإنما يعاقب بعقوبة الحبس وحدها الأدنى 24 ساعة. وعلة التخفيف هنا حالة الغضب والاستفزاز الذي يسيطر على الزوج الذي يفاجئ زوجته متلبسة بالخيانة الزوجية، ولو كان ذلك في غير منزل الزوجية.
هذا العذر المخفف للعقاب لا تستفيد منه الزوجة التي تفاجئ زوجها متلبساً بالخيانة الزوجية، ولو كانت قد فاجأته في منزل الزوجية الذي تقيم فيه مع زوجها. هذه التفرقة بين الزوج والزوجة في الاستفادة من عذر تخفيف العقاب تبنى على فرضية غير إنسانية مؤداها أن الزوجة لا يقبل منها أن تنفعل وتتهور حين تفاجأ بشريك حياتها متلبساً بالخيانة في منزل الزوجية، بل الواجب عليها أن تسيطر على غضبها وانفعالها ، فلا تقدم على إيذاء زوجها أو من يزني بها، فإن تهورت وقتلته أو قتلت شريكته لا يخفف عقابها فتعاقب بعقوبة القتل العمد أي السجن المؤبد أو المشدد.
لذلك تعد تلك التفرقة ، تفرقة معيبة، لا سند لها من علة التخفيف، وهي سبب لعدم دستورية النص المقرر لهذا العذر المخفف للعقاب، كما أنها تفرقة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
د- التفرقة بين الرجل والمرأة في الإجراءات في مجال المحاكمة عن الزنى:
يميز القانون المصري المرأة بأحكام خاصة في المجال الإجرائي الخاص بجريمة الزنى، وهو تمييز منتقد في تقديرنا.
2- إذا صدر حكم بإدانة الزوجة عن جريمة الزنى، كان للزوج أن يوقف تنفيذ هذا الحكم إذا رضي بمعاشرتها له كما كانت قبل الحكم. ويعني هذا أن العفو عن عقوبة الزوجة حق للزوج لمصلحة زوجته، ولكن الزوجة لا يثبت لها حق العفو عن عقوبة زوجها إذا رضيت زوجته بمعاشرته لها (م274ع). وهذا تمييز منتقد بين الرجل والمرأة، لأنه يكرس دونية المرأة على الرغم من أنه تمييز يحقق مصلحتها، لكنه لا يراعى مصلحة الأسرة إذا رأت المرأة العفو عن زوجها بعد الحكم عليه حفاظاً على سمعة الأسرة ومراعاة لمشاعر أبنائها منه.
التشريع المصري وختان الإناث:
على الرغم من أن معركة المجتمع المصري ضد ختان الإناث بدأت منذ عشرينيات القرن العشرين ، بل قبلها حيث كان قانون العقوبات المصري سنة 1883 يجرم كل اعتداء على السلامة البدنية للإنسان ذكرًا كان أو أنثى، لكن إرادة حسم القضية لم تكن أبداً صريحة وواضحة لدى المشرع. أيد القضاء الإداري القرارات الصادرة من وزارة الصحة بحظر الختان للبنات في وحدات وزارة الصحة إلا في حالات استثنائية.
أخيرًا أضاف القانون رقم 126 لسنة 2008 إلى قانون العقوبات نصًا متواضعًا في صياغته ومضمونه هو نص المادة 242 مكررا، الذي شدد عقاب جريمة الإيذاء العمدي إذا حدث الجرح عن طريق إجراء ختان لأنثى مع مراعاة حكم المادة 61 من قانون العقوبات الخاصة بحالة الضرورة. ويلاحظ على هذا النص الجديد ما يلي:
– أنه لم يجرم بطريقة مباشرة ختان الأناث، وإنما اعتبر الختان ظرفًا مشددًا لعقاب جريمة إحداث جرح عمدًا.
– أنه جعل حالة الضرورة مانعًا من موانع المسئولية والعقاب على الختان للأنثى، وهو ما يفتح الباب واسعًا للتحايل على الحكم المستحدث بادعاء أن الختان كان ضروريًا لوقاية الأنثى من خطر جسيم على نفسها، والمعلوم أن الضرورات تبيح المحظورات.
– أنه أعطى القاضي سلطة تقديرية واسعة في الاختيار بين الحبس أو الغرامة، والغرامة حدها الأدنى من ألف جنيه لا يتناسب مع الضرر الذي يلحق بالمجني عليها أو ما يمكن أن يجنيه المتهم من الجريمة.
– أن النص المستحدث جعل موقف المتهم أفضل مما كان عليه في غياب النص. فقد استقر الفقه الجنائي على أن الختان يشكل اعتداء على السلامة البدنية للأنثى، وهو اعتداء يعاقب عليه قانون العقوبات، ويشدد العقاب إذا أدى هذا الاعتداء إلى وفاة المجني عليها، لأن الجريمة تكون جناية جرح عمد أفضى إلى وفاة المجني عليها (م 236 ع). وإذا اعتبرت الوفاة قتلاً خطأ، عوقب المتهم بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين والغرامة من مائة إلى خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.
واقع النساء في قانون الأحوال الشخصية
اشكاليات عامة فى قوانين الأحوال الشخصية :
إن قانون الأحوال الشخصية الحالي عقيم، يحكم الأسرة المصرية منذ ما يقرب من مائة عام، وهو القانون 25 لسنة 1920 السارى حتى الآن، ولم تكن التعديلات التي لحقت به رغم كثرتها كافية لتلبية احتياجات المرأة والطفل فيما يتعلق بحقوقهما.
وهذا القانون قد ادخل عليه العديد من التعديلات في 1929 و1979 و1985 و2005 و 2006 ، كما تمت إضافة عدة قوانين كقانون الخلع في سنة 2000ووثيقة الزواج وقضايا النفقة، وفي سنة 2004 صدر قانون (10 و11) الخاص بمحكمة الأسرة، كما تم تعديله أيضًا في سنة 2005.
و تعدد قوانين الأحوال الشخصية فى مصر و كثرتها وإدخال العديد من التعديلات عليها وما صدر بشأنها من قرارات و لوائح تنفيذية جعل من الصعوبة ملاحقة ما ورد عليها من تعديلات و جعلها مهترئة و منفصلة عن بعضها البعض و هذه تشكل صعوبة بالإلمام والتوعية بها أيضًا.
بعض الاشكاليات التمييزية التى تواجه النساء في قانون الأحوال الشخصية:
سوف نتناول بعض الصعوبات التى تواجه المرأة في قانون الأحوال الشخصية ولا نستطيع تناولها جميعًا نظرًا لكثرتها وتشعبها وتعدد أحكامه وعدم إمكانية إجمالها في هذه الورقة، لذلك نلقي الضوء على بعض هذه الصعوبات دون الخوض فى تفصيلها، مع توصيات بإدخال التعديلات القانونية للتغلب عليها.
بعض الاشكاليات التى تواجه المشاركة الاقتصادية للمرأة في قانون الأحوال الشخصية:
إن قانون الأحوال الشخصية (قانون الأسرة) قائم على فلسفة أن الزواج (شركة)، صاحبها هو الزوج، بما أنه صاحب المال، والعامل فيها هي الزوجة، التى تقوم بالعمل داخل مقر هذه الشركة وهو المنزل، وأوجب عليها أن تطيع صاحب عملها وله عليها الحقوق كافة في مقابل الإنفاق عليها، فأصبحت المرأة أجيرة، يمكن فصلها أو استبدالها بأخرى، بدلا من أن تكون الحياة الزوجية قائمة على المشاركة بين الرجل والمرأة، ورغم هذه الفلسفة المادية التى لا تضع في اعتبارها أنها تنظم الحياة الشخصية للأسرة، أى العلاقة بين الأهل ،وليست بين صاحب عمل وأجير، ولم تراع أى مودة و رحمة وعلاقة إنسانية فلم يعط المرأة حقوق الأجير ولا يعترف بعملها داخل المنزل، وهو وفقا لفلسفة القانون مقر عملها غير المعترف به كعمل، ولا يوجد تقدير للعمل المنزلي.
مما أدى إلى أن أصبح وضع «الزوجة» المصرية هو أنها مكلفة بمهام لا تقبل النقاش، مثل العمل المنزلى والرعائى للأطفال والمسنين، وعليها السمع والطاعة لكل ما يقوله الزوج، وإلا أصبحت «ناشزا» فى نظر الجميع، وهذا نتاج قانون وضع سياسة اجتماعية قائمة على تبعية المرأة و عطل من دورها كشخص فاعل في المجتمع.
و بما أنه لا يوجد في القانون تعريف واضح منصوص عليه للزواج، فكان علينا أن نفهم هذا التعريف مما تناولته مواد القانون من أحكام حصرت حقوق المرأة داخل مؤسسة الأسرة على إنفاق الرجل عليها، وفي المقابل احتباسها، أى حبس الزوجة نفسها لرعاية شئون الزوج والأسرة و دخولها في طاعته.
نصت الفقرة الثالثة من المادة الأولي من القانون رقم 25 لسنة 1920 (المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985) علي أن:
” وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضي به الشرع “.
حالات سقوط النفقة
“النشوز”
الزوجة الناشز هي التي تخرج عن طاعة زوجها بغير مبرر شرعي، أو بسبب ليس من جهته، أو تخرج الزوجة من منزل الزوجية بغير إذن زوجها دون مبرر شرعي، وفي هذه الحالات تكون الزوجة ناشزًا وفوّتت على زوجها حقه في الاحتباس؛ وبالتالي تسقط نفقتها.
الزوجة العاملة:
تنص الفقرة الخامسة من المادة الأولى من القانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه: “ولا يعتبر سببًا لسقوط نفقة الزوجة خروجها من مسكن الزوجية دون إذن زوجها في الأحوال التي يُباح فيها ذلك بحكم الشرع مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت بها ضرورة، ولا خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروط مشوب بإساءة استعمال الحق، أو مناف لمصلحة الأسرة، وطلب منها الزوج الامتناع عنه”.وبناءً على ذلك، يجوز للزوجة أن تخرج من منزل الزوجية لأداء عملها المشروع، ولا يجوز للزوج منعها من الخروج لعملها، وإذا خرجت لا تسقط نفقتها، وذلك في الأحوال التالية:
اشتراط الزوجة في عقد زواجها أن تعمل أو أن تظل في عملها.
إذا تزوجها الرجل وهو عالم بعملها قبل الزواج.
إذا رضى الزوج بخروج زوجته للعمل، بعد زواجه منها.
وعمل الزوجة في تلك الحالات مشروط بألا تسيء استعمال حقها في الخروج للعمل وإلا جاز لزوجها أن يمنعها من العمل، وألا يتنافى عملها مع مصلحة الأسرة (كأن يستدعي عملها سهرها ليلاً خارج المنزل).
و هذا يعنى أن عمل المرأة موقوف على موافقة زوجها وسماحه لها، وليس حقا لها وليس مفروغا منه لكن يمكن للزوج السماح لها من عدمه، ورغم إتاحته في بعض الحالات تظل هذه الحالات هي الاستثناء و ليست القاعدة و عدم توضيح شرط ألا تسيء المرأة حقها في الخروج للعمل وإلا جاز لزوجها أن يمنعها منه، من يحدد هذه الإساءة، وما هي ضوابطها، فهل هذه الإساءة من وجهة نظر الزوج، أم هي رأى القاضي في ذلك، وهو ما ينطبق أيضًا على ألا يتنافي عملها مع مصلحة أسرتها، من يحدد مصلحة أسرتها هل هو الزوج فقط فهذا يؤكد نص القانون على أنه ليس من حق المرأة العمل دون رضاء الزوج حتى في الأحوال التى نصت على أنه من حقها، فقد أفرغ القانون هذا الحق المنتقص من معناه، وذلك يتنافي مع العصر والظروف المجتمعية، ومنطق الإنسانية، والمساواة، والواقع العملى الذي يقول أن أكثر من 30 في المائة من الأسر المصرية تعولها نساء في الأساس، وهو ما يقلص المشاركة الاقتصادية للمرأة في المجتمع، ويجعلها تعانى في محاكم الأسرة، وخاصة اذا انتهت العلاقة الزوجية بالطلاق بعد أن يكون قد تمت إضاعة فرصتها في بناء قدراتها، وفرص العمل التى كانت متاحة لها فى سن صغيرة، وحياتها العملية و ترقيها في المجتمع بناء على تعنت الأزواج. وتبتلى بعد الطلاق، أو توقف الزوج عن الانفاق، فتحتاج إلى مساعدة أسرتها، ومساعدة الدولة التى لا تلتزم بدورها في تمكين المرأة، وتذليل العقبات أمامها.
وأقترحت العديد من مؤسسات المرأة كحل منصف للنساء المطلقات فكرة تقسيم الثروة بين الزوجين في حالة الطلاق، كتعويض للزوجة عن سنوات العمل غير المدفوع داخل المنزل ومساعدة الزوج في تكوين الثروة فقانون الأحوال الشخصية لا يعطى للمرأة سوى نفقة العدة وهي ثلاثة شهور،ونفقة المتعة والتي حصرها المشرع بسنتين بحد أدنى من النفقة الزوجية مهما كان عمر الزواج، ونقطة البدء في ذلك هو الاعتراف بالعمل المنزلي غير المدفوع الذى تقوم به ربة المنزل، وبالتالي الاقتناع بأن أي زيادة في الثروة هي عمل مشترك للزوجين سواء كانت للمرأة عملًا انتاجيًا أو لا، وهناك الكثير من دول العالم اعترفت بأن العمل الذي يؤدى مجانا داخل الأسرة، يؤثر في معيشة الأسرة، ويؤثر في المجتمع رغم أنه لا يدخل في الناتج المحلي الإجمالي، وهذه المجتمعات أقرت بتقسيم الثروة الزوجية في حالة الطلاق .
و قد أسفر تطور الفكر الاقتصادى و جهود الحركة النسوية في العالم عن إقرار لجنة الإحصاء في الأمم المتحدة بضرورة إعداد حسابات تكميلية للحسابات القومية تختص بإحصاء العمل المنزلى غير المدفوع و توزيع ساعات ذلك العمل بين النساء والرجال، وذلك لاستكمال الصورة الحقيقية عن الأداء الاقتصادى والتقدم الاجتماعي، و التى يقصر مؤشر الناتج المحلى الإجمالى عن التعبير الكامل عنها .
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن 42% من دول العالم صارت تهتم بقياس و تقدير قيمة العمل غير المدفوع كجزء من إحصائياتها الرسمية . وقد أدى قياس و تقدير قيمة ذلك العمل إلى توضيح المساهمة الكبيرة للعمل المنزلى في مستوى معيشة المجتمع في بلدان العالم المختلفة، وقيام النساء بالجزء الأكبر من هذا العمل . كما أوضحت مسوح استخدام الوقت في كثير من الأحيان زيادة عدد ساعات العمل الإجمالية للنساء مقارنة بالرجال وبالتالى انخفاض عدد ساعات الراحة و الترفيه التى يحصلن عليها . وقد ساعد هذا كله الحركة النسوية في دول العالم على المطالبة بالحق في تحقيق التوازن بين مسئوليات الحياة و العمل ،وإعادة توزيع تلك المسئوليات بين النساء و الرجال على مستوى الأسرة، فضلا عن تدعيم مطالب المساوة في الأجور مع الأخذ في الاعتبار أن تربية الطفل بالتحديد تمثل عملا من أعمال الخدمة العامة، ويتحمل المجتمع مسئوليتها وليس للأسرة فحسب .
و هناك تجارب عربية رائدة فى تبنى اقتسام الثروة الزواجية مثل تونس، أقر القانون الصادرعام 1998 نظامًا للاشتراك في الملكية يعكس التوجه التشريعي نحو تكريس التعاون بين الزوجين في تصريف شئون العائلة، ويحمي حقوق الزوجة التي التحقت بسوق العمل وشاركت الزوج في تحمل الأعـباء المالية للأسرة، وأصبحت تساهم من مالها الخاص في شراء المسكن العائلي، ونظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين يبقى نظامًا ماليًا اختياريًا يتفق عليه الزوجان عند إبرام عقد الزواج أوحتى بعده بمقتضى كتاب لاحق مستقل عنه.
وفي المغرب، شرح المشرع كيفية تقسيم الأموال المكتسبة خلال فترة الزوجية في المادة 49 من مدونة الأسرة التي دخلت حيز التطبيق منذ 2004، وتنص على أن “لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها”.
فبرغم أن التجربة التونسية و المغربية تركت الأمر اختياريًا يتم الاتفاق عليه وليس ملزمًا لكنها خطوة على طريق إقرار حقوق النساء والحد من الغبن الذي يتعرضن له .
الأعمال الرعائية وتأثيرها على الحقوق الاقتصادية للنساء
و حتى في حالة سماح الزوج لزوجته بالعمل،تواجه المرأة أشكاليات أخرى في القانون وفي العرف العام ،فهي في هذا الحال يوضع على عاتقها مسئولية الأسرة من زوج وأطفال، والتعامل مع كل هذه المسئوليات باعتبارها مسئوليتها منفردة، أى أنها هى المسئولة عن الأعمال المنزلية وحدها، واشتراط إمكانية ممارسة عملها خارج المنزل على توفيقها بينه وبين عملها المنزلى بشكل كامل، ودون مشاركة من الرجل واعتبار مساعدة الرجل في الأعمال المنزلية انتقاصًا من رجولته وتنازلا منه عن حقٍ له كفله له القانون والعرف والمجتمع مما يصعب على المرأة أداءها لعملها والإبداع والترقي فيه، وهي محملة بعبء تحمل مسئولية جميع أفراد الأسرة، وإرضاء الجميع، وعدم الالتفات لما تحتاجه، و هو ما نصت عليه ورسخته المادة 11 من الدستور،كما ذكرنا سلفا، ويظهر ذلك في قانون الأحوال الشخصية في مناحي عده سوف نتناول بعضها فيما هو آتٍ.
المحاكم المختصة بنظر مسائل الأحوال الشخصية فى مصر
هي محاكم الأسرة، وقد أنشئت بالقانون رقم 10 لسنة 2004، وتوجد محكمة أسرة داخل كل محكمة جزئية في مصر، كما توجد دوائر استئنافية متخصصة داخل كل محكمة استئناف، للنظر في الطعون على أحكام محاكم الأسرة (في الأحوال التي يجيزها القانون) ،وقد تم أنشاؤها لمحاولة حل أكبر الاشكاليات التى تواجه المتقاضين في هذه النوعية من القضايا، وخاصةَ لحماية حقوق المرأة والأطفال من طول أمد التقاضي مما تضيع معه الحقوق، لكن للأسف لم يحدث ذلك بل يظل الأمر سيئًا في أغلب الأحوال.
مكاتب تسوية المنازعات الأسرية ( مكاتب المساندة ) و دورها الغائب :
وقد ألزم القانون من يرغب في إقامة دعوى من دعاوى الأحوال الشخصية (باستثناء الدعاوى التي لا يجوز فيها الصلح، والدعاوى المستعجلة، ومنازعات التنفيذ، والأوامر الوقتية)، أن يبدأ بتقديم طلب إلى «مكتب تسوية المنازعات الأسرية»، وهو مكتب وظيفته الاجتماع بأطراف النزاع، وسماع أقوالهم، وإبداء النصح والإرشاد لهم حول آثار النزاع من أجل محاولة حلّه ودياً. وهذا المكتب يتبع وزارة العدل، ويتكون من عدة آلافٍ من الأخصائيين القانونيين والاجتماعيين والنفسيين.
و كان الهدف من إنشاء مكاتب التسوية هو محاولة مساعدة الأطراف من قبل متخصصين في تسوية النزاع والحفاظ على الأسرة، ومحاولة الوصول لحل للنزاع القائم وعدم الوصول للمحكمة، ولكن هذا ما لم يحدث لغياب دور هذه المكاتب الفعال والحقيقي في دعم المتقاضين، فقد تحول الأمر لعقبة إجرائية تواجه النساء وتطيل أمد التقاضي مما يضر بمصالحهن ولا تخدمهن .
الصعوبات التى تواجه المرأة في قانون الأحوال الشخصية فيما يخص الزواج :
رغم أن الزواج يشكل محورًا رئيسيًا لقانون الأحوال الشخصية فإن القانون لم يتناوله بالقدر الكافي،ولذا يجب أن يكون الزواج محور اهتمام من الناحية التشريعية، وبشيء من التفصيل فلا يوجد أيضًا تعريف في القانون للزواج، مما نتج عنه انتشار العديد من أنواع الزواج التي لم ينظمها القانون، كالزواج العرفي والقبلي،والسني، كما أنه لم يحدد الآثار المترتبة علي عدم توثيق عقود الزواج، مما عدد الإشكاليات المترتبة علي ذلك، بداية من الميراث والنسب والحقوق الزوجية،إلي الزواجغير المثبت بمحرر رسمي،وعدم وجود نص صريح بشأنها وجوب وعدم وجوب وولاية في الزواج مما أدي لاختلاف الأخذ بالولاية من مأذون لآخر.
وللتغلب علي تلك الاشكالية ضرورة أن يتضمن القانون تعريفا للزواج وشروطه،ومعالجة ظاهرة الزواجغير الرسمي بشكل قانوني.
ويعد من أهم إشكاليات القانون هو طلب الزوجة في الطاعة التي أصبحت مدعاة للكيد للزوجات من قبل الأزواج للهروب من الالتزامات المالية قبلهم،كما أن اعتراض الزوجة علي إنذار الطاعة يجب أن يكون خلال(30) يومًا من تاريخ الإعلان بالإنذار،ويتطلب ذلك عرض الأمر علي مكتب التسوية والذي يبت في الأمر خلال (15) يومًا مما يجعل العديد من الدعاوي معرضة لعدم القبول لرفعها بعد الميعاد، حيث يصل الإعلان للزوجة، وتبحث عن محام، وتلجأ لمكتب التسوية، كل هذا من الثلاثين يومًا،بالإضافة الي صعوبة إثبات عدم أمانة الزوج علي نفس الزوجة التي ترفض الطاعة ومالها،وصعوبة إثبات عدم ملاءمة سكن الطاعة إذا كان قد استبدل بمنزل الزوجية،وتوجيه الإنذار علي عنوانغير صحيح ليحصل الزوج علي حكم النشوز،الذي يصعب إلغاؤه ،ليتهرب من الالتزامات المالية.
تعدد الإنذارات التي يوجهها الزوج للزوجة في فترات متقاربة حيث يوجه إنذارًا قبل الفصل في السابق له، هذا إلى جانب الامتهان الذي يسببه لفظ الناشز علي المرأة، لاسيما أن المجتمع يعتبر ذلك وصمة، لذا يوصي بالاستعاضة بلفظ” الالتزامات المتبادلة” بدلا من لفظ “الطاعة”، وبلفظ “الإخلال” بدلا من لفظ “النشوز”،وهناك مطالبات أيضًا بأن يكون الاعتراض علي الإنذار خلال ثلاثين يومًا تبدأ من تاريخ انتهاء المدة المقررة لمكتب تسوية المنازعات، وعدم قبول الإنذار الموجة من الزوج ،إذا كان هناك إنذار مازال متداولا ًبالمحاكم ولم يصدر فيه حكم نهائي، أو انقضت مواعيد تجديده إذا كان قد شطب،وربط الحكم برفض هذه الدعوي بغرامات مالية للحيلولة دون إساءة استخدام هذا الحق.
الصعوبات التى تواجه النساء في قانون الأحوال الشخصية لإنهاء الزواج (الطلاق والخلع ) :
رغم أن القانون ألزم الزوج بتوثيق الطلاق في مدة أقصاها (30) يومًا من تاريخ الطلاق،فإن الزوج يعمد أحيانا إلي عدم توثيق الطلاق الشفهي فتلجأ الزوجة لإقامة دعوي إثبات الطلاق،والحد الأدني لدليل الإثبات شهادة الشهود وقد لا تجد شهودًا لتلك الواقعة.
وكذلك التطليق الذي يختلف موقف القانون منه والإشكالية المترتبة عليه وفقاً لنوع التطليق، وعلي رأسها التطليق للحبس، فالزوج المحبوس المحكوم عليه نهائيا ًبعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنوات فأكثر أن تطلب من القاضي بعد مضي سنة من حبسه التطليق عليه بائنا للضرر، ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه شرط أن تكون المدة المحكوم بها (3) سنوات،وأن يمضي عام علي تنفيذ الحكم.
وللتغلب علي تلك الإشكاليات،لابد أن يتم تعريف وتفعيل المقصود بالطلاق، ليكون بمثابة حل لميثاق الزوجية،يمارسه الزوج والزوجة،كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء، وطبقاً لأحكام هذا القانون مع التأكيد علي أن الطلاق هو حق أصيل للزوج، لكن عند الرغبة في إيقاعه وجب علي الزوج اللجوء إلي القضاء لإيقاع هذا الطلاق وإثباته،علي أن يُقضي بكل المستحقات المقررة للزوجة والأبناء المترتبة علي عقد الزواج والتطليق،وتوقيع جزاء عند عدم إثبات الطلاق أمام القاضي.
يكون على الزوجة عندما تطلب التطليق للضرر لقيام الزوج بالزواج من أخري أن تثبت الضرر الواقع عليها أمام المحكمة وكأن زواج زوجها بأخرى ليس بضرر .
ونود التأكيد علي أن دعوي التطليق خلعًا دعوي إجرائية ينحصر دور المحكمة فيها علي إثبات عناصرها من طلب الزوجة التطليق خلعاً،وأنها تخشي ألا تقيم حدود الله،وترد ما دفع لها من مهر ثابت بالكتابة،وتتنازل عن جميع حقوقها الشرعية والمالية،– هذا دون النظر لما يستقر في يقين المحكمة من عدم وجود خطأ من قبل الزوج.
مع التأكيد علي حق الزوجةغير المدخول بها في إقامة تلك الدعوي. والتأكيد علي استحقاق طالبة التطليق بالخلع لنفقة زوجية أثناء رفع دعوي الخلع وحتي الحكم.
الصعوبات التى تواجه النساء في قانون الأحوال الشخصية فى أمورالنفقة :
اشكاليات القانون فيما يخص النفقة تتمثل في:
مادة 18- مكرر ( مضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 )
“الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قبلها تستحق فوق نفقة عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل وبمراعاة حال المطلق يسرًا وعسرًا وظروف الطلاق ومدة الزوجية، ويجوز أن يرخص للمطلق في سداد هذه المتعة على أقساط.”
أى أنه يشترط لاستحقاق المتعة أربعة شروط وهي:
1 ـ أن تكون الزوجة مدخول بها في عقد زواج صحيح.
2 ـ وقوع الطلاق بين الزوجين أيا كان نوعه.
3 ـ أن يكون الطلاق قد وقع بغير رضا من الزوجة.
4 ـ ألا تكون الزوجة هي المتسببة في الطلاق.
و اذا ما لم يتحقق أحد الشروط السابقة أصبحت الزوجة لا تستحق نفقة من زوجها وتصبح بعد سنوات من الزواج دورها الأساسي فيها هو القيام برعاية الأسرة لا تستحق نفقة من زوجها.
هذا إلى جانب شرط عدم قبول دعوي النفقة إلا عن سنة سابقة علي رفع الدعوي المنصوص عليه في المادة الأولى من القانون السابق مما يترتب عليه ضياع حقوق الزوجة،لاسيما أن هذا يدعو الزوجة لسرعة اللجوء للمحكمة بمجرد عدم الإنفاق،ومن المعلوم أن سرعة وصول النزاع للمحاكم يقلل فرص إعادة التوفيق،بالإضافة الي صعوبة تنفيذ أحكام النفقة، وخاصة إذا كان الزوج من أصحاب الأعمال الحرة في ظل الإجراءات البيروقراطية لصندوق تأمين الأسرة أو عند تجاوز مبلغ الحكم ما يتبناه صندوق تأمين الأسرة،ورفض صندوق تأمين الأسرة تنفيذ محاضر الصلح الصادرة من مكتب تسوية المنازعات الأسرية،ومن أهم الإشكاليات قلة المبالغ المحكوم بها والتي لا تكفي لمواجهة الضروريات الأولية للحياة،نتيجة لصعوبة إثبات الأصول المالية للزوج أو الدخل الذي يحصل عليه،وعدم تفعيل دور نيابة الأسرة في هذا الأمر بالرغم من النص عليه في قانون محكمة الأسرة.
الصعوبات التى تواجه النساء في قانون الأحوال الشخصية فيما يخص الحضانة :
على الرغم من أن القانون لم ينص علي سقوط حق الأم فى حضانة أولادها في حالة زواجها، وأن الأصل في الحضانة هو الأمانة على مصلحة الطفل لكن هناك عرفًا عامًا يقول بذلك وهناك الكثير من الأحكام القضائية تؤيد ذلك دون اعتبار إذا كان ذلك في مصلحة الطفل أو في ظروفه، خاصة إذا كان ذا إعاقة أو لصغر سنه أو اذا كان مريضًا بمرض يحتاج لرعايتها له، حتى اذا كان علي ألا تستحق في تلك الحالة أجر مسكن حضانة،وفيغير ذلك يترك هذا لتقدير القاضي ومصلحة الطفل، ويوصي بإعادة النظر في ترتيب الأب من حضانة الصغير ليكون التالي للأم بما يحقق المصلحة الفضلي للطفل .
وبالتطرق الي قانون الرؤية، نجد أن القانون يعطى الفرصة لتعنت من بيده الصغير ومنع الطرف الآخر من رؤيته انتقاماً منه،ورفضه من أن يكون مكان الرؤية هو المكان الذي اختاره الطرف الآخر حتي وإن كان هو المكان الأفضل والأصلح لنفسية الصغير،وعدم تأهيل المشرفين الاجتماعيين الحاضرين أثناء تنفيذ حكم الرؤية تأهيلاً صحيحًاً وعدم أحقية الجد والجدة والأقارب في رؤية الصغير مما يقطع صلات الرحم بينهم.
لذلك ينبغي النص علي حق الأجداد والأعمام والعمات والأخوال والخالات رؤية الصغير والصغيرة ولو مع وجود الوالدين وبمراعاة مصلحته الفضلي،مع جعل النيابة العامة صاحبة اختصاص في إصدار قرارات وقتية لحين صدور حكم منه،وفرض عقوبات أغلبها مالية لمن يمتنع عن تنفيذ القرار أو الحكم الصادر بالرؤية.
زواج القاصرات :
تعريف منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، حيث عرفته بأنّه الزواج الذي يتمّ بين طرفين أحدهما أو كلاهما في سنّ أقل من الثامنة عشر، أي قبل اكتمال النمو الجسدي، والنفسي، والعاطفي للطرفين، لما لهذه العوامل من أهميّة كبيرة في إنجاح هذا الزواج، حتّى أنّ عدم مراعاتها يؤدّي إلى خطورة أكبر من فشل مثل هذا الزواج.
الإطار الدستوري: لم ينص الدستور صراحة على حماية المرأة من الزواج المبكر بشكل مباشر،لكن نص الدستور على أن الدولة تلتزم برعاية الأطفال وحمايتهم من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري، وبالتالي جرم الدستور بشكل غير مباشر الاستغلال الجنسي للأطفال.
الإطار القانوني: على عكس الدستور المصري، نص القانون المصري بشكل مباشر على تجريم الزواج المبكر للأطفال، وعاقب كل من لجأ إليه، حيث نص القانون رقم 126 لسنة 2008 على تجريم توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ ثماني عشر سنة ميلادية كاملة، ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوها من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما. كما نص قانون العقوبات على معاقبة كل من أدلى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم إنها غير صحيحة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه، كما يعاقب القانون كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه أو كلاهما لم يبلغ السن المحددة في القانون، بغرامة لا تزيد على 500 جنيه. كما نص قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994، على أنه لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويعاقب تأديبيا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام هذه المادة .
و كما ذكرنا سابقا أننا لن نستطيع تناول الاشكاليات كافة التى تواجه المرأة في قوانين الأحوال الشخصية نظرًا لتعدد القوانين ولكثرة هذه الصعوبات وتشعبها وتعدد أحكامها واعتمادها على آراء فقهاء الشريعة الإسلامية بما لا يمكننا من تناولها جميعًا بالذكر والتحليل والدراسة، لذلك اكتفينا بإضاءة بعضها لأهميته ووضوح فجاجة انتهاكهه لحقوق المرأة دون الدخول فى التفاصيل القانونية والفقهية.
واقع النساء في تشريعات العمل
تعد قوانين العمل أحد المحددات الأساسية التى تكشف عن مدى التزام الدول بتحقيق قيم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمساواة ، وبالتالي فوجود علاقات عمل عادلة مرهون بشكل أساسي بتوافر تشريعات تحافظ على توازن العلاقات بين أطراف العمل و تسهم في توفير شروط العمل اللائق، والتى تتضمن تحقيق المساواة بين الجنسين ، وهذا هو جوهر معايير العمل الدولية التى حرصت منظمة العمل منذ نشأتها على تبنيها وإقرارها، وأصدرت الاتفاقيات والتوصيات، والتى يمكن للدول الاستناد إليها لإصدار تشريعات وبناء سياسات وطنية خاصة بعلاقات العمل تراعى هذه المعايير، ويتم ذلك من خلال التشاور الثلاثى بين أطراف الإنتاج الثلاثة، وقد أصدرت منظمة العمل الدولية إعلان المبادئ و الحقوق الأساسية فى العمل سنة 1998. وبمقتضاه تتعهد الدول – و إن لم تكن مصدقة على الإتفاقيات – بأن تحترم المبادئ والحقوق الأساسية فى العمل وفقاً لدستور المنظمة و هى :
ويشمل الاتفاقيتين رقمى 87 ، 98 .
و يشمل الاتفاقيتين 29 ، 105 .
و يشمل الاتفاقيتين 138 ، 182 .
ويشمل الاتفاقيتين 100 المساواة في الأجور ، 111 التمييز في الاستخدام والمهنة
كما أيضًا نصت المادة (11) من اتفاقية “السيداو” على ضرورة اتخاذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل، لكى تكفل لها على أساس المساواة بين الرجل والمرأة نفس الحقوق، ولاسيما الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر ”
كما ذكرنا سابقا ان هذه الاتفاقيات تكتسب أهمية بعد صدور الدستور الذي نص في مادة (93) على الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة ملزمة للدولة المصرية، فضلا عن الحقوق الدستورية التى منحها الدستور للنساء في المادتين (11) و(53) وتمت الاشارة إليهما تفصيليًا أعلاه.
بالاضافة إلى ذلك نجد أن الدستور نص على الزام الدولة بحقوق أساسية يجب أن تلتزم بها القوانين وهى :
أ- عدم جواز إلزام المواطن بالعمل جبرًا إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة و لمدة محددة و بمقابل عادل.
ب- عدم الإخلال بالحقوق الأساسية لمن يكلف بالعمل .
ج- الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة و دون محاباة أو وساطة .
د- حظر فصل العمال تعسفيًا وأن يكون الفصل بالطريق التأديبى .
كما تضمن الدستور عددًا من الحقوق التى طالب الدولة بكفالتها وهى :
أ- الحق فى العمل.
ب- بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفى العملية الإنتاجية .
ج- التفاوض الجماعى .
د- حماية العمال من مخاطر العمل و توافر شروط الأمن و السلامة المهنية .
ه- حقوق الموظفين العموميين و حمايتهم .
و- قيام الموظفين العموميين بأداء واجباتهم فى رعاية مصالح الشعب .
وتعد هذه الاتفاقيات والدستور المرجعية الأساسية لإصدار القوانين و بالنظر إلى حقوق النساء في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 نجد اتساع الفجوة التشريعية، وهذا على النحو التالي :
النصوص القانونية:
1- قانون العمل:
و لما كان الهدف من قانون العمل هو استقرار علاقات العمل بين طرفى علاقة العمل بقواعد عادلة تحقق التوازن بينهما، ولما كان العامل – دائمًا – هو الطرف الضعيف فقد جعل المشرع قواعد قانون العمل قواعد آمرة، ومتعلقة بالنظام العام، فلا يجوز مخالفتها، وكذلك أبطل القانون الشرط المخالف له .(المادة 5 في قانون العمل ) ضامنة للحقوق.
وقد جاءت أحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على النحو الآتى :
1- التعاريف :
لم تميز التعاريف الواردة فى المادة (1) من الباب الأول من الكتاب الأول من قانون العمل بين النساء والرجال سواء كان المصطلح هو العامل أو صاحب العمل .
2- السريان :
نص القانون فى المادة (4) منه على عدم سريان أحكامه على عدة فئات منها عمال المنازل (النساء والرجال) ويستند المشرع هنا إلى قاعدة تشريعية قديمة لايزال معمول بها حتى الآن، أن المنازل لها حرمة وأن تفتيشها بإعتبارها مكان العمل يقضى على خصوصيتها، وترتب على ذلك حرمان أصحاب هذه المهن من الحماية القانونية، ومع الوضع في الاعتبار أن أغلب من يعمل بهذه المهنة من النساء، وبالتالي يتعرضن لأشكال من الاستغلال مضاعفة نتيجة لغياب القانون ونتيجة للأوضاع الاجتماعية التى توصم النساء اللائي يعملن في هذه المهنة وتجعلهن محل شك في سلوكهن، مما يتسبب في تعرضهن لأشكال مختلفة من العنف الجنسي والبدنى والنفسي، وهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة وتعديل، وفقا للنصوص الدستورية الخاصة بالعمل والحماية الاجتماعية، ووفقاً لاتفاقية منظمة العمل الدولية 189 ” اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين” وهذه الاتفاقية لم توقع عليها مصر حتى الآن .
3- التشغيل :
أفردت المواد (12 وما بعدها ) من الفصل الأول، من الباب الأول، من الكتاب الثانى، من قانون العمل ،أحكاماً تسرى على الجميع نساء و رجال و كذلك ذوى الإعاقة من الجنسين و تشمل الآتى :
أ- على ممارسى الحرف التى يحددها وزير القوى العاملة أن يحدد مستوى مهارته و يحصل على ترخيص بمزاولة هذه الحرفة دون تمييز بين الجنسين و لايجوز التشغيل بدونها .
ب- قيد الأسماء لراغبى العمل من النساء والرجال لدي مكتب العمل ،حسب محل إقامة العامل وإعطاء العامل شهادة بالقيد بلا مقابل .
ت- تقوم مكاتب العمل بترشيح العمال من الجنسين لأصحاب الأعمال الراغبين حسب أسبقية القيد.
و هنا يجب تعريف النساء القادرات على العمل والراغبات فيه بأهمية القيد لدى مكاتب العمل حتى يتم ترشيحهن للعمل .
و أفردت المواد (27 وما بعدها ) من الفصل الثانى من الكتاب الثانى من قانون العمل أحكامًا لتنظيم عمل الأجانب دون تمييز بين جميع قطاعات الدولة، و دون تمييز بين الجنسين وفق الآتى :
أ- أن يكون دخول مصر بقصد العمل .
ب- ضرورة الحصول على ترخيص من وزارة القوى العاملة لممارسة أى عمل أو مهنة أو حرفة بما فى ذلك الخدمة المنزلية مع مراعاة شرط المعاملة بالمثل .
و الواقع أن تنظيم علاقات العمل للفئات غير الخاضعة لأحكام قانون العمل من عمالة غير منتظمة وعاملات المنازل، وبخاصة أن الفئة الأخيرة يتم استثناؤها من أحكام قانون العمل، رغم حمايته لعاملات المنازل الأجنبيات من خلال تنظيم عمل الأجانب داخل مصر ،وهو وضع مشوه يجعل القانون المصرى يحمى عاملات المنازل الأجانب و لا يحمى عاملات المنازل المصريات دون أى مبرر منطقي، غير الاستناد إلى فلسفة تشريعية قديمة تسببت في أن فئات من العمالة لا تشملها ثمة حماية أخذاً فى الاعتبار أنه يمكن أن يكون تفتيش المنازل و مراعاة حرمتها من خلال النيابة العامة أو المحاكم العمالية المتخصصة حال إقرارها وبخاصة أنه يوجد بها قاضٍ للأمور الوقتية .
ج- يحدد وزير القوى العاملة شروط الحصول على الترخيص و إجراءاته و البيانات التى يتضمنها و الرسم المقرر وحالات إعفاء الأجانب من هذا الترخيص .
4- عقد العمل :
أفردت المواد (31 وما بعدها ) من الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانون العمل أحكام عقد العمل و كانت كالآتى:
أ- سريان أحكام الباب على عقد العمل للعاملة أو العامل لدى صاحب عمل دون تمييز .
ب- التزام صاحب العمل بتحرير عقد العمل كتابة .
ج – حظرت الأحكام التمييز فى الأجور بسبب اختلاف الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .
5- الأجور :
حددت المواد (34 وما بعدها ) أن تكون الأجور، طبقاً لعقد العمل أو اتفاقية العمل الجماعية أو لائحة المنشأة، فإذا لم توجد، فأجر المثل إن وجد، وإلا طبقاً لعرف المهنة فى المكان الذى يؤدى فيه العمل، فإن لم يوجد عرف تتولى المحكمة العمالية تحديده.
اهتم قانون العمل بالأجور كالأتى :
إن الحد الأدنى للأجور يعد عنصرًا مهمًا من عناصر التوازن في علاقات العمل، وكان وضع الحد الأدنى للأجور في الفترات الزمنية السابقة يتم من خلال القرارات الحكومية، وهو ما يتعارض مع الإتفاقيات الدولية والعربية على السواء، تنص على أن يكون ذلك من خلال أطراف العمل الثلاثة ( الحكومة ، منظمات أصحاب الأعمال ، منظمات العمال ) و قد حدد قانون العمل المصرى ذلك من خلال المجلس القومى للأجور كأحد مهامه الأساسية إلا أنه لم يقم بهذا الدور المهم – رغم أهميته الشديدة – و مازال الأمر يتم وفق رغبة الحكومة وحدها .
ثمة ملاحظات على إنشاء وتشكيل المجلس ومهام أعماله التى ينظمها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003،وينص هذا القرار على أن من بين الأعضاء المجلس القومى للمرأة، لكن لا ينص مثلا على نسبة تمثيل للنساء من النقابات، وهو ما يضعف تمثيل النساء ومشاركتهن في عملية صنع القرار في القضايا التى تخص العمل ، أيضًا لا يناقش المجلس الفجوة النوعية في الأجور رغم أن ذلك اختصاص أصيل له، وتؤكد الإحصائيات أن الفجوة النوعية لمتوسط الأجور النقدية الأسبوعية في القطاع العام وقطاع الأعمال العام بلغت 25,5% لصالح الرجل، كما أن الفجوة النوعية للدخل في القطاع الخاص تكون أيضًا لصالح الرجال بنسبة 23,2%.[6]
الحدود التي يجوز فيها الحجز على أجور العمال:
1-حددت المادة (44 ) من قانون العمل القاعدة العامة التى تحكم الخصم من أجور العمال من أنه لا يجوز في جميع الأحوال الاستقطاع أو الحجز أو النزول عن الأجر المستحق للعامل لأداء أي دين إلا في حدود 25% من هذا الأجر .
2- أجاز القانون رفع نسبة الخصم إلى 50% في حالة دين النفقة فقط .
3- إذا تزاحمت الديون يقدم دين النفقة ثم ما يكون مطلوباً لصاحب العمل بسبب ما أتلفه العامل من أدوات أو مهمات أو استرداداً لما صرف إليه بغير وجه حق أو ما وقع على العامل من جزاءات.
وأشترط القانون لصحة النزول عن الأجر في حدود النسب المذكورة أن تصدر به موافقة مكتوبة من العامل.
تسري الأحكام السالف ذكرها والخاصة بالحدود التي يجوز فيها الحجز على أجور العمال بمراعاة الأحكام الواردة بالمواد 75، 76، 77 من قانون الأحوال الشخصية رقم السنة 2000 والتي تبين ما يلي:
المادة 75 من قانون الأحوال الشخصية:
“لبنك ناصر الاجتماعي استيفاء ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما في حكمها وجميع ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها بسبب امتناع المحكوم عليه بالنفقة عن أدائها”.
المادة 76 من قانون الأحوال الشخصية:
”استثناءً مما تقرر القوانين في شأن قواعد الحجز على المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها يكون الحد الأقصى لما يجوز الحجز عليه منها وفاءً لدين نفقة أو أجر أو ما في حكمها للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين في حدود النسب الآتية:
أ- 25% للزوجة أو المطلقة وتكون النسبة 40% في حالة وجود أكثر من واحدة.
ب- 25% للوالدين أو أيهما.
ج- 35% للولدين أو أقــــل.
د- 40% للزوجة أو المطلقة ولولد أو اثنين والوالدين أو أيهما.
ه-50% للزوجة أو المطلقة وأكثر من ولدين والوالدين أو أيهما.
المادة 77 من قانون الأحوال الشخصية:
في حالة التزاحم بين الديون (ديون النفقات) تكون الأولوية لدين نفقة الزوجة أو المطلقة، فنفقة الأولاد، فنفقة الوالدين، فنفقة الأقارب ثم الديون الأخرى.
وقد جاء الربط بين أحكام قانون العمل وقانون الأحوال الشخصية تحقيقاً لمصالح النساء، حيث نص قانون العمل على أحكام خاصة بالإستقطاع أو الحجز أو النزول عن أجر العامل، وجعل الأولوية لسداد ديون النفقات وجعل دين نفقة الزوجة أو المطلقة، ثم نفقة الأولاد ثم نفقة الوالدين ثم الديون الأخرى، إلا أن ذلك لا يجعلنا نغفل إشكاليات تطبيق القانون فى هذا الأمر، وكيفية تحديد الأجر الحقيقى الذى تحتسب على أساسه قيمة النفقة، رغم وضوح نص قانون العمل فى تعريفه للأجر، وأن النفقة تكون وفق دخل كل عامل بما يشمله من أجر، ويجب فى هذه الحالة إيجاد آلية قانونية لإثبات الدخل الحقيقى للعامل كى تكون النفقات وفق الدخل الحقيقى، وأن يتضمن قانون الأحوال الشخصية نصاً بأن تغطى النفقات سلة غذاء أساسية للأولاد والكساء والمسكن فى ضوء التكلفة الحقيقية، وليس مبالغ متدنية لا تحقق الغرض منها .
يخصص القانون بابًا لتشغيل النساء من المواد (88) الى (97)
نصت المادة (88) من القانون على أن جميع الأحكام المنظمة لتشغيل العمال تسرى على النساء والرجال على حد سواء متى تماثلت أوضاع عملهم .
حددت المواد من (89 وما بعدها )الأحكام الخاصة بتشغيل النساء و حقوقهن كالتالى :
– بموجب المادة (89) لا يجوز تشغيل النساء ما بين الساعة السابعة مساءً حتى السابعة صباحًا، وتركت المادة للوزير تحديد الأماكن التى لا تعمل بها النساء ليلا ،وتنظيم هذا الأمر وبموجب هذه المادة صدر القرار الوزاري رقم183 لسنة 2003 بشأن تنظيم عمل النساء ليلاً، وحدد هذا القرار في المادة الأولى منه الأماكن التى لا تعمل بها النساء ليلا ،وهى أى منشاة صناعية أو أحد فروعها ما بين الساعة السابعة مساءً حتى السابعة صباحًا، الا انه في المواد التالية، في القرار نفسه نص على العديد من الاستثناءات التى يسمح فيها للنساء العمل ليلا في المنشآت الصناعية، مما يجعل وجود هذا النص مفرغًا من أى مضمون حقيقي، وأنه أعطى سلطة للوزير المختص ووصاية على النساء دون أى مبرر.
– بموجب المادة (90) لا يجوز تشغيل النساء في الأعمال الضارة بهن صحياً أو أخلاقيًا، ويحددها وزير القوى العاملة و الهجرة، هذه الأعمال بموجب قرار وزارى، وفي هذا الإطار أصدر القرار رقم 155 لسنة 2003 فى شأن تحديد الأعمال التى لا يجوز تشغيل النساء فيها، وتضمن القرار ثلاثين مجال عمل لايجوز تشغيل النساء بها، دون أن يوضح القرار أى مبررات أومعايير تم على أساسها تحديد هذه المواد، فضلا عن أنه يخضع لرؤية و رغبة الوزير، وتعد هذه المادة قيدًا على النساء، تكرس للثقافة السائدة التى تحكم النساء في مجتمعنا بأن المرأة لابد أن تكون تابعة لرجل هو ولى أمرها، ويجب إلغاء المادة وترك الأمر للمرأة و إعمال حقها فى الاختيار.
تكشف المادتان (89) و(90) تاثير الثقافة الذكورية وتبني المشرع للنظرة التقليدية نفسها، وهى أن النساء دائمًا تحتاج إلى وصاية، ويجب أن يخضعن لسلطة ما من أجل حمايتهن من الضرر والخطر والمحافظة على أخلاقهن ، وهذه السلطة التى تفرض على النساء تحرمهن من حقوق أساسية في العمل و تتعارض مع مبدأ المساواة بين الجنسين في العمل .
– بموجب المادة (91) للعاملة التي أمضت عشرة أشهر في خدمة صاحب عمل أو أكثر الحق في إجازة وضع مدتها تسعون يوماً بتعويض مساو للأجر الشامل، وتشمل المدة التي تسبق الوضع والتي تليه بشرط أن تقدم شهادة طبية مبيناً بها التاريخ الذي يرجح حصول الوضع فيه .
والواقع أن اشتراط مدة عشرة أشهر وفق قانون التأمين الاجتماعى هو شرط تحكمى لا جدوى منه، ويجب العمل على إلغائه، ووضع مصلحة الطفل الفضلي هى الأساس .
– بموجب المادة (92) يحظر على صاحب العمل فصل العاملة أو إنهاء خدمتها أثناء إجازة الوضع (سنبينها لاحقاً)، وإن كان له حرمانها من التعويض عن أجرها الشامل عن مدة الإجازة أو استرداد ما تم أداؤه إليها منه إذا ثبت اشتغالها خلال الإجازة لدى صاحب عمل آخر، فضلاً عن تعرضها للمساءلة التأديبية ويقع عبء الإثبات هنا على عاتق صاحب العمل.
– تخفض ساعات العمل بمقدار ساعة اعتباراً من الشهر السادس للحمل .
– لا يــــجوز تشغيل العاملة خلال الخمسة وأربعين يومًا التالية للوضع بأي حــال.
و بالنظر لإجازة الوضع، فإنها يمكن أن تكون إجازة للوالدين تمنح بعضها للأم و بعضها للأب، خاصة في حالة مرض الأم وعدم استطاعتها رعاية الطفل، ويمكن للأب الحصول عليها جميعها فى حالة وفاة الأم ليرعى طفله، الذى فقد أمه باعتباره الأقرب له، وهذا ما نصت عليه التوصية رقم 191 التي تتعلق بالاتفاقية رقم 183 الخاصة بحماية الأمومة بأن “يمنح الأب إجازة في حالة وفاة الأم أو مرضها أو دخولها المستشفى قبل انتهاء الإجازة اللاحقة للولادة” .
– بموجب المادة (93)، للمرأة العاملة التي ترعى طفلها في خلال الأربعة وعشرين شهرًا التالية للوضع – فضلاً عن الراحة اليومية المقررة – الحق في فترتين أخريين للرضاعة، لا تقل أي منهما عن نصف ساعة وللعاملة ضم الفترتين معاً ويحتسبان من ساعات العمل.
– بموجب المادة (94) للمرأة العاملة فى المنشآت التى يعمل بها 50 عاملة فأكثر الحق فى إجازة لرعاية طفلها لثلاث مرات و لمدة لا تزيد على سنتين فى كل مرة .
و الواقع أن حق المرأة العاملة في إجازة بدون أجر لرعاية طفلها لمدة لا تتجاوز سنتين بحد أقصى ثلاث مرات طوال مدة خدمتها مرتبط بقيد عددى، وهو عدد العاملات بالمنشأة، ومقرر للمرأة العاملة وحدها دون زوجها ،والمقترح أن تكون إجازة رعاية الطفل لأى من الزوجين العاملين أو أيهما بإتفاقهما، وبخاصة فى حالة وفاة الأم أو أن تكون الأخيرة فى مجال عملها أكثر ترقياً من الأب، أو أن تكون الأكثر دخلا ً، وهذه قواعد تتبع في العديد من الدول ويتم تطبيقها، وهنا يتم التعامل مع موضوع رعاية الطفل وفقا لمصلحة الأسرة وليس باعتباره شأنً خاصًا للنساء، فضلا عن أن منظمة العمل الدولية في مؤتمرها عام 1981 أصدرت توصية رقم 165 تتعلق بالإتفاقية رقم 156،الخاصة بالعمال ذوي المسئوليات العائلية، نصت بشكل واضح على أن الإجازة الوالدية: هى إجازة تمنح لأى من الوالدين لرعاية الأطفال.
كما يحق للمرأة أن تحصل على إجازة رعاية الطفل كاملة ” ثلاثة مرات” طوال حياتها الوظيفية حتى في حالة وجود طفل واحد أو أكثر بشرط ألا يتجاوز عمره 18 عامًا، وتأكد هذا الحق عام 2014 من خلال حكم قضائي مهم بالقضاء الاداري بمجلس الدولة.
و يجب إلزام أصحاب الأعمال بإنشاء دور الحضانة أو الاشتراك فى ذلك مع أصحاب الأعمال الآخرين مع تيسير إجراءات الترخيص لهذه الدور، و كذلك إعادة النظر في القرار الوزارى رقم 121 لسنة 2003 الخاص بدور الحضانة فيما يتعلق بتعديل قيمة الاشتراك الذى تدفعه العاملة، كاشتراك عن أطفالها وحصة صاحب العمل، بما لا يؤدى إلى تهرب أصحاب الأعمال من الالتزام بتوفير دور الحضانة، وأن يرتبط شرط إنشاء دور الحضانة بعدد العمال من الجنسين وليس النساء وحدهن، فالأطفال هم أطفال النساء والرجال على السواء ويجب ألا تتحمل النساء المسئولية بمفردها بل هى مسئولية مجتمعية بالأساس .
– بموجب المادة (97) فإن العاملات في الزراعة البحتة مثل جنى المحاصيل وتسوية الأراضي الزراعية.. الخ لا ينطبق عليهن أحكام تشغيل النساء، نظرًا لكونهن عمالة موسمية، ولا توجد علاقات تعاقدية منتظمة مع صاحب عمل، لكن بموجب النصوص الدستورية المشار لها أعلاه يجب أن تصدر تشريعات توفر لهن الحماية الاجتماعية، وفقا لظروف عملهن وتوفير الرعاية لهؤلاء النساء أثناء فترات الحمل والوضع لهن ولأطفالهن .
2- قانون التأمين والضمان الإجتماعى :
إن التأمينات الاجتماعية هي تلك النظم التى تستهدف تغطية خطر اجتماعى معين فى مقابل تجميع اشتراكات يؤديها المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال ثم إعادة توزيع هذه الاشتراكات على من يتحقق بالنسبة لهم وقوع الخطر المؤمن منه ، ومن ثم فإذا ما تحملت الدولة فى نظام معين عبء المزايا دون مقابل من الاشتراكات انتفى عن النظام صفة التأمين وأصبح نظامًا للضمان الإجتماعى.
يشكل الضمان الإجتماعى و التأمينات الاجتماعية ركيزة أساسية لاستقرار أى مجتمع و تعد حقًا من الحقوق الاقتصادية والإجتماعية بمقتضى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية التى صدقت عليها مصر، وأصبحت ملزمة طبقاً لأحكام المادة 93 من الدستور المصري فضلا عن نص المادة 17 من الدستور.
” تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى. ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة.
وتعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين والصيادين، والعمالة غير المنتظمة، وفقًا للقانون.
وأموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة، تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثمارًا آمنا، وتديرها هيئة مستقلة، وفقاً للقانون. وتضمن الدولة أموال التأمينات والمعاشات” .
والواقع التأمينى للعمالة المصرية مؤلم ويتضح ذلك من بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة الإحصاء أن 4,9 % من موظفى الحكومة غير مؤمن عليهم وتصل النسبة بين عمال القطاعين العام والأعمال العام إلى 6,5 % ،أما القطاع الخاص فترتفع النسبة إلى 57,6 % من العاملين داخل القطاع المنظم و 87,7 % من القطاع غير المنظم .
( المصدر: إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة و الإحصاء حول واقع المرأة المصرية 2015 )
وتتمثل مشكلات العمال على اختلافهم فى مجال التأمين الإجتماعى كالآتى :
1- التأمين على العمال بالحد الأدنى للأجور والتغاضى عن أجورهم الفعلية وهو ما يتسبب فى ضعف المعاشات عند إصابتهم أو وفاتهم .
2- إجبار العمال في القطاع الخاص على توقيع إستمارة 6 تأمينات فى بداية علاقة العمل لإنهاء علاقة العمل حسب رغبة صاحب العمل.
3- خصم حصة العامل فى الاشتراكات دون توريدها لصندوق التأمين الإجتماعى.
4- ضعف استفادة عمال المقاولات من الأموال المحصلة عن عمليات المقاولات.
5- انخفاض نسبة المسجلين تأمينيًا من العاملين بالقطاع غير المنظم.
و كانت المرأة العاملة تجمع بين أجرها أو معاشها وبين معاش زوجها المتوفى عنها وذلك بخلاف الرجل الذى كان لا يستحق سوى أجره أو معاشه حسب الأحوال، فقام أحد الرجال برفع قضية للمطالبة بنفس الحق كما هو الحال بالنسبة للنساء، وأثناء نظر الدعوى طعن بعدم دستورية نص القانون من قصر الجمع على النساء فقط إعمالا لقاعدة المساواة فى الدستور، وهو ما انتهت اليه المحكمة الدستورية فى حكمها، و تم عقب ذلك المساواة بين الجنسين و بذات الشروط.
الأخطار التى يغطيها القانون رقم 79 لسنة 1975 :
تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة ، و تأمين إصابة العمل ، و تأمين المرض و تأمين البطالة ، و تأمين الرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات .
ويشمل القانون موظفى الحكومة وعمال القطاعين العام و الخاص وينتفع بهذا القانون كل من يعمل لدى الغير، و تضمن القانون تفصيليًا من يشملهم، ومن بينهم المشتغلون بالأعمال المتعلقة بالخدمة المنزلية، فيما عدا من يعمل منهم داخل المنازل الخاصة ( هؤلاء أغلبهن نساء)، و بموجب هذه المادة لا تتمتع العمالة المنزلية بالحماية التأمينية، ناهيك عما ذكرنا سالفا في قانون العمل إنهم فئة مستثناة أيضًا من الحماية القانونية.
وتتعدد القوانين أيضًا لتشمل التأمين على أصحاب الأعمال ومن في حكمهم بموجب القانون رقم 108 لسنة 1976 اعتبارًا مـــن 1/10/1976م، والتأمين الاجتماعي على العاملين المصريين بالخارج بموجب القانون رقم 50 لسنة 1978 اعتبارًا من 1 / 8 / 1978 ، وهناك القانون رقم 112 لسنة 1980 ،ويسرى هذا القانون على فئات العاملين الذين لم تشملهم قوانين المعاشات و التأمين الإجتماعى[7]
و بالنظر لما احتوته أحكام قوانين التأمين الإجتماعى وما بها من نصوص نجد أن تعددها وما احتوته وتعدد القرارات الوزارية الصادرة تنفيذًا لها تمثل عائقًا كبيرًا فى حصول العمال والعاملات على حقوقهم ومستحقاتهم وضياعها لضعف العقوبات عن المخالفات وضعف الرقابة وعدم الربط بين أجهزة الدولة ذات الصلة وهو ما يؤدى لإهدار موارد الدولة وتحملها لما يجب أن يتحمله صاحب العمل فى ضوء تهربه من التأمين على العامل أو التأمين عليه بقيمة غير حقيقية لا تتناسب مع ما يحصل عليه من أجر.
و بالنسبة لمعاشات الضمان الاجتماعى التى تقدمها هيئة التأمينات الاجتماعية وتمول بالكامل من قبل الدولة فقد بدأت فى مصر بالقانون رقم 116 لسنة 1950 وهو أول قانون يجعل الرعاية الاجتماعية حقًا للمحتاجين ثم تم تعديل القانون بالقانون رقم 133 لسنة 1964 ،ولم يشترط نظام الضمان الإجتماعى سداد أية إشتراكات سابقة كشرط للحصول على هذا النوع من المعاشات، وتم عقب ذلك تعديل نظام الضمان الإجتماعى بالقانون رقم 30 لسنة 1977 وعرف بمعاش السادات ،ثم تم تعديله بالقانون رقم 87 لسنة 2000 وعرف بمعاش مبارك .
وتوجد عدة فئات تستفيد من هذا النظام هى :
اليتيم من الجنسين ، الأرملة ، المطلقة ، أولاد المطلقة إذا توفيت أو تزوجت أو سجنت ، العاجز ، البنت التى بلغت الخمسين ولم يسبق لها الزواج، أسرة المسجون لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
ورغم تعدد المستفيدين لكن قيمة المبلغ المستحقة شهريًا لا تكفى الاحتياجات الأساسية ولا تؤمن حياة كريمة، و ما نحتاج إليه هو مراجعة شاملة لمنظومة الحماية الاجتماعية على مستوى القانون والتطبيق.
3- التعليم :
بالنظر لمواد التعليم في الدستور 19 ، 20 ، 21 ، هى مواد تفصيلية، تضمنت العديد من الالتزامات أوالكفالات على الدولة والتى بموجبها يتطلب الأمر إعادة النظر في التشريعات والسياسات المنظمة للعملية التعليمية وهو ما لم ينفذ حتى الآن، وفيما يتعلق بالتمييز القانونى، وهو موضوع هذه الورقة أصبح بإمكاننا بموجب نص دستورى ملزم مطالبة الدولة ومقاضاة الجهات المعنية بشأن عدم إرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز فى مناهج التعليم وإتاحة الحق في التعليم وفقاً لمعايير الجودة العالمية، وزيادة الإنفاق وطرق الانفاق هل تراعى احتياجات النوع الاجتماعى، هذا بموجب النص الدستورى الذي يلزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية .
كما يتيح الدستور للمشرع استحداث عقوبات مالية أو سالبة للحرية لأولياء أمور الذين يحرمون بناتهن أو اولادهم من التعليم، خاصة البنات اللائي يتعرضن بنسبة أكبر للتسرب من التعليم بحكم أوضاع ثقافية واجتماعية تخالف أحكام الدستور .
4 – الصحة :
مادة (18) في الدستور من المواد التفصيلية، وتضمنت تجريمًا للامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة كافٍ لتقديم الرعاية الصحية له، و لو لم يكن مصريًا فكونه إنسانًا و فى حالة طارئة أو خطرة كافٍ لتقديمها له .
بموجب هذه المادة الدستورية يمكن للمواطنين مساءلة الدولة قانونيًا في حالة عدم الالتزام بنسبة 3% من الناتج القومى الإجمالى للإنفاق على الصحة، وأن تتصاعد النسبة تدريجياً حتى تتفق مع المعايير العالمية، فضلا عن أن الدولة مطالبة بسرعة تقديم مشروع قانون التأمين الصحى الشامل للبرلمان، وأن يتم تعديل قانون العقوبات بإضافة نص لتجريم الامتناع عن تقديم العلاج بجميع أشكاله لكل إنسان فى حالة طوارئ أو فى حالة خطرة .
فضلا أن هذا القانون سوف يسهم في توفير الرعاية الصحية لفئات من النساء هى الأكثر فقرًا والنظم الحالية لا توفر لها الرعاية اللازمة، فمثلا قانون التأمين الصحى على الفلاحين وعمالة الزراعة رقم (127) لسنة 2014 به الكثير من المواد الفضفاضة بشأن تعريف وتحديد الفئات المستحقة لهذا التأمين، وليس واضحًا هل سوف يمتد ليشمل أيضا النساء اللائي يعملن بدون أجر لدي العائلة، وأغلبهن من النساء الريفيات في القري، أو العمالة الزراعية النسائية المحرومة أيضًا من الحماية القانونية، كما أشرنا أعلاه، وأيضًا لم يحدد آلية واضحة للتطبيق، ورغم صدوره في العام 2014 فإنه حتى الآن لم ينفذ
أيضًا في العام 2012 صدر قانون رقم (23) للتأمين الصحي للمرأة المعيلة يعد هذا القانون خطوة إيجابية لكن بدون جمهرة هذا القانون ووصول المعلومات بشأنه إلى الفئات المستهدفة من الجماهير العريضة وتبسيط الإجراءات فتحرم النساء من هذه الخدمة، خاصة أن الفئات المستهدفة أغلبهن أميات و قدرتهن على البحث والمعرفة القانونية محدودة ،وهنا تاتى أهمية دور الدولة ليس في إصدار القانون فحسب لكن في تفيل إجراءات تنفيذه .
توصيات :
بالاضافة الى ما جاء من توصيات ضمنية في متن هذه الورقة نضيف التوصيات التالية :
القانون الجنائي :
قانون الأحوال الشخصية :
استبدال قوانين الأحوال الشخصية بقانون موحد يشمل جميع الموضوعات الخاصة بالأسرة وفقا لفلسفة جديدة تواكب التغيرات المجتمعية وتعبر عنها و تعالج الاشكاليات التى تم طرحها .
قانون العمل :
3- مراجعة العقوبات الموقعة على أصحاب الأعمال المخالفين لأحكام قانون العمل المتعلقة بالمساواة بين الجنسين بحيث تكون رادعة ويتم إعمال الرقابة والتفتيش بما يضمن انفاذ القانون وتفعيله .
4- تفعيل دور المجلس القومى للأجور وخاصة فيما يتعلق بسياسات عادلة للأجور وتحقيق المساواة بين الجنسين .
الحماية الاجتماعية:
1- وضع قانون ضمان إجتماعى شامل لجميع أفراد المجتمع من العاملين و غير العاملين ويكرس لفكرة الحماية الإجتماعية ويعالج جميع المشكلات والثغرات الموجودة بالقوانين الحالية فيجعل منظومة الضمان الاجتماعى تشمل جميع أفراد المجتمع وهو ما يؤدى لعدم التحايل لصرف معاشات أو إعانات دون وجه حق كما هو الحال الآن .
2- معالجة مشكلة تهرب التأمينى من جانب أصحاب الأعمال و التأمين على العمال بأجورهم الحقيقية للحفاظ على معاش يستطيع أن يجابه به المؤمن عليه الاحتياجات الحياتية عقب خروجه للمعاش لأى سبب من الأسباب .
قانون التعليم:
إصدار قانون التأمين الصحى الشامل على أن يتضمن :
1- الالتزام بالنسبة المحددة من الناتج القومى الإجمالى للإنفاق على الصحة وأن تتصاعد النسبة تدريجياً حتى تتفق مع المعايير العالمية .
2- إقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين و أن يغطى جميع الأمراض و أن تكون إسهامات المواطنين به أو إعفاؤهم منه حسب دخولهم .
3- أن يتم تعديل قانون العقوبات بإضافة نص لتجريم الامتناع عن تقديم العلاج بجميع أشكاله لكل إنسان فى حالة طوارئ أو فى حالة خطرة .
المصادر و المراجع :
– موقع المجلس القومي للمرأة (حقوق المرأة في مجال الأحوال الشخصية أحكام الزواج من الوجهة القانونية )
www.ncwegypt.com/index.php/ar/docswomen/pslara/442-pslara1
– ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺿﺪ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ﺣﻖ اﻟﻄﻼق ﻓﻲ ﻣﺼﺮ : ﺣﺮﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﻌﺪاﻟﺔ – Human Rights Watch
https://www.hrw.org/sites/default/files/reports/egypt1204ar.pdf
– منتدى المحامين العرب – أهلية التقاضي ( الأهلية الإجرائية )
http://www.mohamoon-montada.com/Default.aspx?action=DISPLAY&id=105581&Type=3
– تعزيز وصول المرأة إلى العدالة و توعية الجمهور، و تمثيل المنظمات غير الحكومية
http://www.protectionproject.org/
https://www.facebook.com/elnadeem/posts/10154828802199365
application/vnd.openxmlformats-officedocument.wordprocessingml.document icon qanun-nashaz-paper-violence-public-and-private-spheres-en-final.docx application/vnd.openxmlformats-officedocument.wordprocessingml.document iconنشاز-الورقة-الخاصة-بالعنف-في-المجالين-العام-والخاص.docx
[1] صادر عن قوة عمل مناهضة العنف الجنسي ضد النساء التى تأسست في ديسمبر 2008 وضمت 16 منظمة غير حكومية من محافظات مختلفة ومحامين متطوعين
[2] لمزيد من التفاصيل يمكن الاطلاع على الموقع الرسمى لمؤسسة المرأة الجديدة https://nwrcegypt.org
[3] لمزيد من التفاصيل :
[4] لمزيد من التفاصيل :
[5] لمزيد من التفاصيل الاطلاع على موقع مؤسسة المرأة الجديدة : https://nwrcegypt.org
[6] المرأة والرجل 2014، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، القاهرة، يونيو2014
[7]العاملون المؤقتون فى الزراعة سواء فى الحقول و الحدائق و البساتين أو فى مشروعات تربية الماشية أو الحيوانات الصغيرة أو الدواجن أو فى المناحل أو فى أراضى الاستصلاح و الإستزراع . و يقصد بهم من تقل مدة عملهم لدى صاحب العمل عن ستة أشهر متصلة أو كان العمل الذى يزاولونه لا يدخل بطبيعته فيما يزاوله صاحب العمل من نشاط .
2- حائزو الأراضى الزراعية الذين تقل مساحة حيازتهم عن عشرة أفدنة سواء كانوا ملاكاً أو مستأجرين بالأجرة أو بالمزارعة .
3- ملاك الأراضى الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن عشرة أفدنة .
4- ملاك المبانى الذين يقل نصيب كل مالك فى ريعها عن مائتين و خمسين جنيهًا سنوياً .
5- العاملون فى الصيد لدى أصحاب الأعمال فى القطاع الخاص .
6- عمال التراحيل .
7- صغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين و منادى السيارات و موزعى الصحف و ماسحى الأحذية المتجولين وغيرهم من الفئات المماثلة والحرفيين متى توافرت فى شأنهم الشروط الآتية :
أ- عدم إستخدام عمال .
ب-عدم ممارسة النشاط فى محل عمل ثابت له سجل تجارى أو تتوافر فى شأنه شروط القيد فى السجل التجارى أو ألا يكون محل النشاط خاضعًا لنظام الترخيص من جانب أى من الأجهزة المعنية .
8- المشتغلون داخل المنازل الخاصة الذين تتوافر فى شأنهم الشروط الآتية :
أ- أن يكون محل مزاولة العمل داخل منزل معد للسكن الخاص .
ب-أن يكون العمل الذى يمارسه يدويًا لقضاء حاجات شخصية للمخدوم أو ذويه .
9- أصحاب المراكب الشراعية فى قطاعات الصيد و النقل النهرى و البحرى و أصحاب وسائل النقل البسيطة ويشترط فى هؤلاء جميعاً ألا يستخدموا عمالاً .
10- المتدرجون بمراكز التأمين المهنى لمرضى الجذام .
11- الرائدات الريفيات و الرائدات الحضريات .
12- محفظو وقراء القرآن .
13- المرتلون و غيرهم من خدام الكنيسة .
14- بعض ورثة أصحاب الأعمال فى المنشآت الفردية بشروط .
15- أصحاب الصناعات المنزلية و الريفية و الأسرية إذا كان المنتفع لا يستخدم عاملاً .