كتبت: نولة درويش
البديل
يقول البعض إن النساء حصلن على جميع حقوقهن، ويهاجم البعض الآخر المطالب النسائية بزعم أنها تسعى إلى تجميل صورة مصر أمام الغرب، كما يذهب آخرون إلى أن تمثيل النساء في الحياة العامة يجب أن يستند إلى الكفاءة فقط والقدرة على الأداء الجيد أمام هذه الآراء المتنوعة حول قضايا النساء التي أزعم أنها قضايا حقيقية وليست مجرد أوهام يبيعها المعنيون والمعنيات بحقوق النساء، وهي الآراء التي يشكل القاسم المشترك فيما بينها رفض الإقرار بأن هناك مشاكل فعلية، أو التظاهر بالإقرار بها ثم دحضها تحت مسمي افتقار النساء إلى الكفاءة والفاعلية، أراني مضطرة إلى طرح بعض الأسئلة لعل أحداً يجيب عنها بإجابات مقنعة ومنطقية.
السؤال الأول يتعلق بحقيقة أن ما بين 20 إلي 25% من أسر مصر تعولها نساء، وأن هذه الأسر تعد في أغلبيتها العظمي من أفقر الأسر في البلاد؛ وهو ما ينطبق أيضا على المستوى العالمي حيث أخذ الفقر يتخذ وجه امرأة بطريقة متنامية، وذلك وفقا للبيانات المتوافرة دوليا.
والسؤال إذن: لماذا نحن أمام هذا الواقع؟ من الاحتمالات الواردة تماما هو أن الإناث لا يتخذون فرصا متساوية في التعليم، وأنهن يجبرن -بحكم متطلبات الحياة لهن وخاصة لأطفالهن- إما على قضاء طوال حياتهن في تحمل كامل الأعباء الخاصة بالرعاية الأسرية، وهي الوظيفة التي ما زالت غير مرئية اجتماعيا أو على مستوى الإحصائيات الرسمية بالرغم من مساهماتهن الثمينة على المستويين العام والخاص، إما الاشتغال بأعمال هزيلة (مثل بيع الخضروات أو الدواجن التي تجلب لهن أنفلونزا الطيور ولا تفتح أمامهن أي طرق للخروج مستقبليا من هذه الدائرة المغلقة)، أو على قبول العمل في الوظائف الدنيا دون فرص للترقي الوظيفي، أو الحصول على تدريب، أو أي مزايا أخرى، مع استمرار تحملهن المسئوليات الأسرية، وهناك أعداد هائلة منهن تعمل في ظروف يصعب وصفها حيث يتعرضن لانتهاكات من كل شكل، بدءا بالانتهاكات الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وصولا إلى عمليات العنف التي تمارس ضدهن داخل مكان العمل، وفي الشارع، وفي مجتمعاتهن المحلية، وفي أسرهن.
النساء المعيلات لأسر وغيرهن من النساء يفضلن توفير أي فرص متاحة لأطفالهن، حارمات أنفسهن في أحيان كثيرة من العلاج، أو الطعام، أو الملبس، أو أي تفاصيل أخرى صغيرة كانت أو كبيرة؛ ومن ثم يتبادر السؤال الثاني: أين ومتي وكيف سيكتسب هؤلاء النساء اللاتي يشكلن أغلبية نساء مصر الكفاءة المطلوبة؟ ألا يتطلب ذلك عمليات تدخل مقصودة وواعية من أجل القضاء على هذا الشكل من أشكال الظلم والتمييز في إطار مطالبتنا بحقوق الإنسان المصري بصفة عامة، أم أن النساء لسن بشرا يقع عليهن ظلم مزدوج، مرة لكونهن في وطن بلا حقوق، ومرة أخرى لكونهن نساء في وطن يحمل نظرة دونية إليهن، ويعتبرهن مجرد تحصيل حاصل؟