(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن تراجع السعودية عن حظرها طويل الأمد على رياضة النساء والفتيات في المدارس الحكومية خطوة هامة إلى الأمام. لكن لا تزال هناك عقبات خطيرة، بما فيهانظام الوصاية الذكوري في البلاد، ما يحول دون حصول المرأة بشكل كامل على الفوائد التعليمية والصحية للممارسة الرياضية.
ينصّ الإعلان المنشور في موقع وزارة التربية والتعليم في 11 يوليو/تموز 2017 على أن مدارس البنات السعودية ستطبق برنامج التربية البدنية ابتداء من نهاية العام الدراسي 2017 “وفق الضوابط الشرعية وبالتدريج حسب الإمكانات المتوفرة في كل مدرسة”، بما فيها القاعات الرياضية والمدربات المختصات. جاء في البيان أن الوزارة اتخذت القرار لتحقيق أهداف “رؤية 2030″، وهي خارطة طريق حكومية طموحة للنمو الاقتصادي والتنموي.
قالت مينكي وردن، مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش: “هذا الإصلاح المتأخر ضروري للغاية للفتيات السعوديات اللواتي حرمن من حقهن الإنساني الأساسي في الصحة من خلال ممارسة الرياضة، والانضمام إلى الفرق، والفوائد الصحية والاقتصادية والتعليمية طويلة الأمد للرياضة. هذه الخطوة الهامة يمكن أن تعزز حقوق الانسان والصحة للنساء، رغم العقبات القانونية الشاقة التي لا تزال في البلاد”.
قالت ناشطة سعودية في حقوق المرأة لـ هيومن رايتس ووتش إنها رحبت بإعلان السعودية تقديم التربية البدنية في المدارس الحكومية، لكنها حذرت من أنها لم تقدم تفاصيل عن كيفية تنفيذها. قالت إنه لا توجد حاليا مدرسة حكومية للبنات في السعودية لديها بنية تحتية رياضية، وهناك عدد قليل من المدربات الرياضية. بالإضافة إلى ذلك، لم يذكر البيان ما إذا كانت التربية البدنية إلزامية للفتيات، أو إذا كانت المدارس ستطالب الفتيات بالحصول على إذن الوالدين للتسجيل في صفوف التربية البدنية.
تفتقر السعودية إلى البنية التحتية الرياضية الحكومية للنساء، حيث تقتصر جميع الملاعب الرياضية والنوادي الرياضية والدورات والمدربين الخبراء والحكام على الرجال فقط. لا تقيم الهيئات الرياضية الرسمية أي مسابقات رياضية تنافسية للرياضيات السعوديات في البلاد، ولا تقدم الدعم والتدريب للرياضيات السعوديات للمنافسة في المسابقات الإقليمية والدولية. ولكن في خطوة إيجابية في 1 أغسطس/آب 2016، أعلنت “الهيئة العامة للرياضة”، التي تعمل كوزارة للرياضة، عن إدارة جديدة للإناث وعينتالأميرة ريما بنت بندر آل سعود رئيسة لها.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السعودية البناء على هذا الإصلاح الأخير وفتح أقسام في أكثر من 150 اتحادا رياضيا في السعودية للنساء، وأن تزيل الحظر المفروض على النساء المتفرجات في الملاعب.
على مدى العقد الماضي، دعت هيومن رايتس ووتش بقوة إلى وصول النساء والفتيات إلى الرياضة في السعودية. خلصت هيومن رايتس ووتش في تقريرها لعام 2012 بعنوان “خطوات الشيطان” إلى أن القيود التي فرضتها الحكومة السعودية جعلت الألعاب الرياضية بعيدة عن متناول جميع النساء والفتيات تقريبا.خلصت هيومن رايتس ووتش في أبحاثها لعام 2016 إلى أن النساء يطالبن بشكل متزايد بحقهن في ممارسة الرياضة، ولكن السياسات الوطنية ونظام الوصاية الذكوري في البلاد خلق أحيانا عقبات لا يمكن التغلب عليها من أجل المشاركة الفعالة في ممارسة الرياضة.
لا يزال نظام الوصاية الذكورية السعودي أهم عقبة أمام حقوق المرأة في البلاد، كما هو موثق في تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2016، “كمن يعيش في صندوق”.
جب أن يكون لكل امرأة وصي ذكر – أب أو أخ أو زوج أو حتى ابن – لديه السلطة في اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة نيابة عنها، بما فيه ما إذا كانت تستطيع التقدم بطلب للحصول على جواز سفر،السفر خارج البلد، الدراسة في الخارج بمنحة حكومية، الزواج، أو الخروج من السجن. أصدر الملك سلمان في 17 أبريل/نيسان أمرا إلى جميع الوكالات الحكومية من أجل تمكين المرأة من الوصول إلى الخدمات الحكومية دون موافقة ولي الأمر، ما لم تكن اللوائح القائمة تتطلب ذلك، وتقديم قائمة في غضون 3 أشهر للإجراءات التي تتطلب موافقة ولي الأمر. الموعد النهائي للوكالات لتقديم القائمة بعد يومين.
تواجه النساء بانتظام صعوبة في إجراء مجموعة من المعاملات دون موافقة أو حضور أحد الأقارب – من استئجار شقة إلى تقديم مطالبات قانونية. يحظر عليها القيادة في السعودية، وهو ما يشكل عائقا أمام المشاركة في تدريب الفريق أو الرياضة.
يبدو أن الأمر يبقي على اللوائح التي تتطلب صراحة موافقة ولي الأمر، مثل سفر النساء إلى الخارج والحصول على جواز سفر أو الزواج. كما أنه لا يتناول المجالات التي يطلب فيها الأفراد والكيانات الخاصة من النساء الحصول على إذن ولي الأمر، قبل أن يعملن مثلا أو يخضعن لإجراءات طبية.
قالت وردن: “الرياضة للفتيات في مدارس الدولة السعودية هي تقدم كبير يحرك عجلة الإصلاح. لكن لن تستطيع النساء والفتيات الحصول على الفوائد الصحية والاقتصادية والتربوية بشكل كامل، حتى زوال نظام الوصاية الذكوري”.
هيومن رايتس ووتش