قالت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة في تونس نزيهة العبيدي، إن “حالات العنف المسلط ضدّ النساء والأطفال في تونس وصلت إلى أرقام مفزعة جدا”.
جاء ذلك خلال جلسة استماع للوزيرة أمام “لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية” في مجلس نواب الشعب (البرلمان). في إطار مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة.
وكشفت العبيدي أن قضايا العنف الزوجي وصلت إلى 38 ألف قضية خلال الفترة بين 2011 و2015، وأكدت أن “هذا الرقم مفزع جدا”. كما أشارت إلى أن “حالات العنف الجنسي ضد الأطفال إناثا وذكورا بلغت 301 حالة عنف جنسي سنة 2015 مقابل 262 حالة سنة 2013”، وهذه الحالات من العنف الموجه ضد الأطفال “في تزايد كبير”.
وتابعت موضحة “53 بالمئة من النساء في تونس تعرضن إلى أحد أنواع العنف خلال الفترة من 2011 إلى 2015، و78.1 بالمئة (من هذه النسبة الـ53 بالمئة) تعرضن للعنف النفسي، و74.4 بالمئة تعرضن للعنف الجنسي، و41.2 بالمئة من النساء تعرضن للعنف الجسدي، وفق دراسة ميدانية حول العنف المبني على النوع الاجتماعي في الفضاء العام، أنجزها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة”.
وجاءت جلسة الاستماع إلى وزيرة المرأة التونسية، تزامنا مع انطلاق لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان التونسي في مناقشة مشروع قانون يتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة ويتضمن 43 بندا.
وفي هذا الإطار أكدت وزيرة المرأة على “أهمية هذا القانون (مشروع القانون) الذي لا يهم فقط مناهضة أشكال العنف ضد المرأة، بل هو قانون شامل يحمي المجتمع من العنف سواء في المؤسسات التربوية أو الشارع أو غيرها من الأطر”.
وذكرت العبيدي أن “العديد من الدول والهيئات الدولية على غرار الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا وهيئات الأمم المتحدة المختصة في مجال المرأة تنتظر من تونس إصدار هذا القانون الذي تضمنه دستور 2014 في فصله 46”.
وتابعت موضحة أن “القانون هو ثمرة عشر سنوات من الإعداد وفيه قراءات مختلفة اجتماعية واقتصادية ونفسية”.
ونبهت العبيدي في وقت سابق إلى أن سنة 2015 شهدت تسجيل 500 حالة عنف ضدّ الطفولة في تونس مؤكّدة أنّ 30 بالمئة منها هي حالات عنف جنسي. وحذرت خلال أشغال حلقة تكوين ثانية نظّمتها وزارة المرأة لفائدة الإعلاميين في مجال “التعاطي الإعلامي مع قضايا الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال” من خطورة تفشي هذه الظاهرة في المجتمع التونسي ممّا يستدعي ضرورة الحماية والوقاية.
ومن جانبه قال وزير العدل غازي الجريبي، خلال جلسة استماع بلجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية حول مشروع القانون الأساسي عدد 2016/60 المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة، أنّ الجديد في مشروع القانون، هو التنصيص على عدم الإفلات من العقاب في جريمة مواقعة أنثى حتى في حالة زواج المغتصب من الضحيّة.
وأشار إلى أن مشروع القانون يتضمن تعديلا للفصل 227 مكرّر من المجلة الجزائية، وسيصبح بموجبه المذنب معرضا للعقوبة حتى في حال الزواج من الأنثى التي واقعها.
وأوضح أنّ هذا المشروع يندرج في إطار تفعيل الفصل 46 من الدستور الذي يلزم الدّولة باتخاذ كافة التدابير التي تساهم في القضاء على العنف ضدّ المرأة، منبها إلى أنّ مشروع القانون فيه العديد من التدابير التي تتعلق بالجانب الوقائي والردعي، وسيتمّ العمل مع وزارات التربية والمرأة والداخليّة في هذا الشأن.
وأكد على وجود جوانب عملية في مشروع القانون تتعلق بالأساس بتوفير فضاءات للمرأة المعنفة، بالإضافة إلى إحداث مرصد مختص في مناهضة ظاهرة العنف ضدّ المرأة تحت إشراف رئاسة الحكومة، سيتم إحداثه بعد مصادقة مجلس نواب الشّعب على القانون.
وشدد نواب الشعب على ضرورة الترفيع في سن الأهلية الجنسية للفتيات إلى 15 سنة، وعلى ضرورة عدم إسقاط العقاب على المتزوج بالفتاة المغتصبة، مؤكدين على أهمية التربية والتوعية والإرشاد بضرورة احترام المرأة منذ سن الطفولة.
يذكر أن المكلفة بمأمورية في ديوان وزيرة المرأة والأسرة والطفولة سامية دولة أكدت أنه تم تعديل الفصل 227 مكرر وإلغاء إمكانية زواج المغتصب بضحيته في مشروع قانون القضاء على العنف ضدّ المرأة.
وأكدت دولة في آخر تصريح لها أن هذه الأحكام تمكّن من الإفلات من العقاب باعتبار الجاني يحرص على إبرام الزواج لتفادي العقوبات الجزائية، وفي المقابل فإن الضحية التي تمارس عليها وعلى أهلها الضغوط الاجتماعية من شأنها أن توافق تحت الضغط الاجتماعي على هذا الزواج.
وبحسب مشروع القانون يعتبر هذا الزواج بالنسبة إلى الطفلة القاصرة نوعا من أنوع الزواج القسري الذي يبطله القانون.
وشددت على أن القانون التونسي والمنظومة القانونية منظومة رائدة لا يمكن أن تتضمن أحكاما تمييزية تشرّع العنف ضد الفتيات.
كما أوضحت دولة أن الجدل الذي أثارته جمعيات إسلامية رافضة لمشروع قانون التصدّي للعنف ضد المرأة في صيغته الحالية والمعروض أمام لجنة الحقوق والحريات في مجلس نواب الشعب مؤكدة أنه جدل مفتعل.
وكانت جمعيات إسلامية قد دعت إلى تنقيح مشروع القانون الخاص بالتصدي للعنف ضد المرأة معتبرة أنه يضم مفهوما “خطيرا” هو مفهوم النوع الاجتماعي أو ما يعرف بـ”الجندر”، الذي “يتنافى مع فطرة الإنسان التي تفرق بين الذكر والأنثى وتقضي حتما بالتماثل بين الجنسين، كما أنه يقوّض دعائم المجتمع المسلم”.
وأظهرت دولة أن هذا التأويل هو تأويل خاطئ يقوم على معتقدات خاطئة لأنماط مجتمعية وأدوار اجتماعية سائدة في مجتمعات أخرى لا تتناسب مع المجتمع التونسي، مضيفة أن هذا التأويل للنوع الاجتماعي يأخذ بعين الاعتبار الممارسات الضارة بالمرأة حتى لا تتمكن من الاستفادة من التنمية والتعليم وفرص العمل وفرص التدريب.
وطالبت هيئة مشائخ تونس وجمعية الأئمة من أجل الاعتدال ونبذ التطرّف بضرورة استناد مشروع القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة إلى الخصوصية الدينية والثقافية للشعب التونسي التي نص عليها الدستور.
كما طالبتا خلال ندوة صحافية مشتركة بضرورة إلغاء مصطلح النوع الاجتماعي (الجندر) المنصوص عليه بالفصلين 1 و2 من المشروع المعروض حاليا على مجلس نواب الشعب، إضافة إلى إلغاء كل الأحكام التي تستند إلى مضمونه لأنه قائم على منظومة فلسفية متكاملة تهدف إلى إلغاء كافة الفروق الفطرية السوية، البيولوجية والفسيولوجية بين الرجل والمرأة.
” وكالة أخبار المرأة “