إن المرأة هي روح المجتمع، وبدونها يصبح المجتمع أحادي القطب. وبمعنى آخر فإن تطور المرأة هو الذي يقضي على آفات التخلف فى أى مجتمع مهما كان تصنيفه . إن الارتقاء بالمجتمع يتطلب أولاً وأخيراً العناية بالمرأة وقضاياها لأنها( الأم) وهى المعلم الأول للانسان والقدوة الحسنة للغد والمسئولة الأولى على تربية أبناء المستقبل رجلا كان او انثى ، وفي الوقت ذاته على المرأة تطوير قدراتها وأن تتهيأ فكرياً ونفسياً لتكون على قدر التحديات الكثيرة المحيطة بها والتي تملأ مجتمعنا العربي . علي المرأة مواجهة تحدي تحقيق الذات والتسلح بالثقافة والمعرفة والوعي الاجتماعي والسياسي، وتحدي الأخطار المحيطة بالأبناء من تسرب التعليم، إدمان مخدرات، إدمان فضائيات، اتساع المسافة بين أفراد الأسرة. إن المرأة العربية قد تقدمت تقدماً ملحوظاً على كافة الأصعدة، فأصبحت تشغل أعلى المناصب وأرقاها كما بات لها الحق فى ممارسة دورها السياسى سواء كانت فى موقع المسؤولية أو فى ممارسة حقها الانتخابى. كما أصبحت تشغل العديد من المهن، مما أهلها للتصدي بقوة وجرأة لأى تغيرات حياتية أوعملية. إن الارتقاء بالمجتمع هو أولاً وأخيراً ارتقاء بالمرأة والرجل معاً حتى لا نعيش في مجتمع أعرج . إن الإصلاح يأتي من داخلنا وقناعاتنا ولا يفرضه أحد على أحد .و المرأة قادرة على تحقيق المستحيل فى حال أن تقتنع بما تريد تحقيقه. إن هناك الكثير من القضايا المرتبطة بالمرأة فى عالمنا العربى ، منها التعليم، والعمل ونسبة البطالة، ومسؤولية الأم في التنشئة، الطلاق، و التأخر في الزواج (العنوسة)،و الفقر،و قانون الأحوال الشخصية، والعنف ضد المرأة والذي يعتبر من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان ومدعاة للخجل، وكذلك الحقوق السياسية للمرأة، والمرأة العائلة ومشاكلها. و بعد سقوط الانظمة العربية العربية واحدا بعد الاخر، ومحاولة الشعوب الثائرة البحث عن طرق للديمقراطية في دول لم تعرف غير السلطة العسكرية القهرية والدولة البوليسية فإن النساء العربيات تحاول النساء الآن الالتفاف حول حقوقهن كمواطنات . الا انه من الواضح ان طريق المرأة ليس مفروشا بالورود، انه مشوار صعب وطويل، ففي حين شاركت النساء بكل ما يملكن من قوة ورباطة جأش في سبيل القضاء على الظلم الواقع على الناس من الانظمة القمعية الاستبداية، الا انه تم ابعادها عن الصورة اثناء النتائج ، ولم يطلب منها أحد المشاركة في أي عملية تحول للديمقراطية، فالخوف كل الخوف ان يتم تأجيل مطالب النساء العربيات الى (ما بعد مرحلة الاستقرار السياسي )وعودة الامور الى ما كانت عليه من قبل الثورات، وهذا ما لا يجب ان يحدث ابدا. وهنا علينا ان نذكر ما حدث بعد الثورة الايرانية عام 1979، عندما سقط الشاه وتم خداع المرأة وتأجيل النظر فى مطالبها الى أن ساء حال حقوقها واوضاعها كثيرا خصوصا ان الحكومة التي جاءت بعده والتى كانت متشددة دينيا بشكل كبير واهملت حقوق المرأة فى ايران. إن الثورات لا يمكن ان نسميها ثورات دون ان تأخذ المرأة وهى نصف المجتمع حقها في العدالة والمساواة وتتمكن من تقرير مصيرها وتكون متساوية في المواطنة والحقوق والواجبات مع الاخر \” الرجل\”!!!!! فأي عدالة هذه التي لا تؤدي بالمرأة الى حق الحياة الكريمة وأي ديمقراطية تقوم على اساس إلغاء نصف مجتمع بأكمله؟؟؟؟؟؟؟؟ لقد أصاب القلق كل النساء ، بعد الاطاحة بالانظمة في كل تونس ومصر وليبيا، على مستقبل المرأة ، وكان الخوف يأتى من مخاوف تتنبأ بوصول جماعات اسلامية متطرفة الى الحكم في البلاد الثلاثة، الا ان القادة فى تونس سارعوا الى بث الطمأنينة في نفوس النساء التونسيات قائلين بانهم لن يغيروا القوانين التي تضمن للمرأة حقوقا متساوية مع الرجل في الطلاق والزواج والميراث وغيرها من القوانين والتشريعات. ونحن فى مصر ننتظر ما ستسفر عنه التغييرات فى القوانين والتشريعات ؛ وفى ليبيا ما زالت الصورة ضبابية ولا يعرف أحد ما هو مصير قوانين المرأة هناك . لقد أصبحت المرأة العربية مطالبة بجهد اكبر للحفاظ على ما حققته من انجازات فى مجال القوانين والتشريعات فى عهود ماقبل الثورات ؛ والان هى مطالبة بمواصلة المسيرة حتى تصل الى حقوقها كاملة بعد أن قطعت شوطا كبيرا فى تحقيق أحلامها فى المساواة والعدالة الاجتماعية التى كفلتها لها كل الاديان والشرائع السماوية ؛ والتى اضاعتها القوانين البشرية والمجتمعية الظالمة والتى تتسم بالذكورية التامة . إننى عندما أنظر إلى الحضور الان وأجد بيننا نموذجا نسائيا مشرفا اشعر اننى فى غاية السعادة وارى مستقبلا مشرقا للمرأة العربية ؛اتمنى أن اكون مساهمة فيه ولو بجزء بسيط فى تحقيقه.