ملتقى تنمية المرأة
عبد القدوس :الشيخ الغزالي كان يري أن مارجريت تاتشر أفضل من كل الرؤساء العرب
فريدة النقاش: لن تأخذ المرأة حقها من مجلس الدولة إلا بمجلس الدولة
ناصر أمين : من يريد أن يتعلم الحريات عليه أن يقرأ أحكام قاضيات القضاء الإداري..
أيمن الورداني : أنا تابعت بنفسي أداء القاضيات، ورأيت تمكنهم من أداء مهامهن، وجودة الأحكام التي يصيغونها.
أدان المشاركون في ندوة المرأة القاضية بين الحق الدستوري والملائمة الاجتماعية قرار مجلس الدولة بتأجيل تعيين المرأة في قضاء المجلس ..و قال المستشار مقبل شاكر الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى ونائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان أن تقارير متابعة عمل القاضيات أثبتت أنهن يعملن أفضل من الرجال وان نسبة الفساد بينهن أقل من الرجال بكثير..مشيرا أن وجود جدل حول تعيين المرأة في القضاء بمصر حتى الآن أمر يسيء لنا..وتعجب المستشار مقبل شاكر من وجود خلاف حتى الآن علي الأماكن التي يتم التعيين المرأة بها، لافتا أن البعض مازال يتحفظ في تعيينهن في بعض الأماكن، كما أن مجلس الدولة ما زال بابا مغلقا تماما في وجه القاضيات المصريات ..
وأكد المستشار مقبل شاكر خلال الندوة التي عقدها ملتقي تنمية المرأة بالتعاون مع لجنة الحريات بنقابة الصحفيين أمس تحت عنوان “تعيين المرأة قاضية بين الحق الدستوري والملائمة الاجتماعية” أن الدستور والشريعة الإسلامية لا يعارضان أن تصبح المرأة قاضيا، فالدستور ينص علي المساواة التامة دون النظر لنوع أو دين، فقد قال عبد الرزاق السنهوري أن الدستور لا يمانع تعيين المرأة قاضية، وكان هذا في ظل دستور 1923، ومنذ نحو 12 عاما كنت أتحدث مع المستشار فتحي نجيب- رئيس المحكمة الدستورية الأسبق- كنا نستنكر بشدة كيف أن المرأة المصرية لم تعين قاضية حتي الآن، وكنّا وقتها نحاول ترسيخ فكرة أن تكون المرأة قاضية في أذهان المصريين، ونعمل علي إزالة الغموض المحيط بها، ونقيم الندوات والمؤتمرات لخلق وعي عام متقبلا للفكرة، وكنّا نأتي بقاضيات من الدول العربية يتحدثن عن تجربتهن، فالقاضيات موجودات في كثير من الدول العربية ومنها السودان التي يخضع نظام حكمها للشريعة الإسلامية، كما أن نسبة القاضيات في دول شمال إفريقيا كالجزائر وتونس والمغرب أكثر من نسبتهن في فرنسا، والنائب العام في سوريا امرأة، ولم يحول كونها أنثي دون أن تبت في قضايا بالإعدام للجاني.
وقال محمد عبد القدوس خلال الكلمة الافتتاحية للندوة أنه لا يوجد أي مانع ديني أو دستوري يحول دون تولي المرأة القضاء، وأن هناك كثير من النساء أثبتن جدارتهن وأنهن أفضل من مئات الرجال، فكان الشيخ الغزالي يقول “مارجريت تاتشر-رئيس وزراء بريطانيا السابقة- كانت أفضل من كل رؤساء العرب.”، كما أن من أنجي إندونيسيا من حرب أهلية كادت تندلع بها علي يد امرأة، فالأمر ليس له علاقة بالنوع وكون الفرد ذكرا أم أنثي ولكنه متعلق أكثر بصلاح الشخص ومدي أحقيته لتولي المنصب.
وأكدت فريدة النقاش رئيسة مجلس إدارة ملتقي تنمية المرأة ورئيس تحرير جريدة الأهالي أن”كل الحجج التي ساقها معارضي تعيين المرأة في القضاء حجج قديمة وواهية وربما تكون مضحكة أيضا، فهناك من قال أن المرأة ليست ناضجة بما يكفي لتكون قاضية، ولا أدري كيف يقال هذا بعد كل هذا العمر من النضال والمشاركة المجتمعية.”
وأكد علي الأداء الجيد للقاضيات المستشار أيمن الورداني قائلا “أنا تابعت بنفسي أداء القاضيات، ورأيت تمكنهم من أداء مهامهن، وجودة الأحكام التي يصيغونها، كما أشار إلي أنه لا يوجد أي مانع دستوري في تعيين المرأة قاضية، ولكن كل الأمر متعلق بالملائمة الاجتماعية، فالمرأة لن تستطع النزول والمشاركة في كل الأوقات، كما أنه لا يوجد أي إمكانيات مادية تمكننا من تخصيص أماكن للإقامة واستراحات، تحافظ علي القاضية كامرأة ولها طبيعة خاصة، واتهم الورداني القاضيات بأنهن لا يدافعن عن قضيتهن كما ينبغي قائلا “كم قاضية تجلس بين الحضور أتت لتدافع عن قضيتها؟” وأجاب” لا يوجد..رغم دعوتهن”
واستنكر ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء التمسك بموقف عدم تعيين المرأة في أي منصب قضائي وفي النيابة العامة، مشيرا إلي أن هذا الموقف يسيء لسمعة مصر، التي قادت دول المنطقة في كثير من المجالات، وأن تجربة تعيين القاضيات منتشرة في الدول العربية، ومصر في ذيل القائمة.
ويضيف أمين قائلا” عام 1997 بدأنا أول حملة لتعيين المرأة قاضية وكان كثير من المستشارين يعارضون فكرة تعيين المرأة قاضية بحجة عدم الملائمة الاجتماعية، ولكننا أكملنا الطريق حتي تم تعيين المستشارة تهاني الجبالي قاضية بالمحكمة الدستورية، كان هذا وقتها مجرد وسيلة لأن يصمت المطالبين بتعيين المرأة قاضية، وكنّا نخاف نحن أن ينتهي الأمر عند هذا الحد دون أن تعين دفعات جديدة، فبدأنا حملة ثانية بقيادة المستشارة تهاني الجبالي حتى تم تعيين أول دفعة من القاضيات عام 2006، ولكن لازال أمامنا أبواب مغلقة تماما هما مجلس الدولة والنيابة العامة، ولكننا علي يقين بأن المرأة ستدخلهم إن آجلا أو عاجلا.. فأداء القاضيات بمحكمة القضاء الإداري يشهد علي استحقاقهن لتولي المنصب، فمن يريد أن يتعلم الحريات والحقوق عليه أن يقرأ الأحكام التي تكتبها قاضيات القضاء الإداري.”
وعبر ملتقي تنمية المرأة عن موقفه من رفض تعيين المرأة في قضاء مجلس الدولة حتى الآن من خلال بيان تم توزيعه خلال الندوة جاء فيه” يعبر ملتقى تنمية المرأة عن أسفه الشديد للتصريحات الصادمة والمسيئة للنساء التي أطلقها المستشار عادل فرغلي رئيس لجنة مناقشة موضوع تعيين المرأة في مجلس الدولة ، فقد قال المستشار ما نصه إن تجربة القاضيات أثبتت فشلها ، وهو القول الذي يجافي الحقيقة بعد أن شهد الكثيرون فضلا عن الواقع نفسه بكفاءة النساء والتزامهن في كل المواقع التي شغلتها فضلا عن أنه يتناقض مع شهادة المستشار مقبل شاكر الرئيس الأسبق لمجلس القضاء الأعلى و رأس السلطة القضائية في مصر وقت تجربة انضمام الفتيات للنيابة العامة والذي شهد بأنها كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس، وبهذا فإن امتناع النيابة العامة عن قبول الإناث خلال العام الحالي يعد شهادة ضد النيابة وليس ضد النساء اللاتي أثبتن قدرة وتفوق في مجال القضاء بشهادة رأس السلطة القضائية نفسه مثلما أثبتن قدرتهن في كل الميادين التي دخلن إليها بعد أن كافحن طويلا منذ ما يزيد على قرن من الزمان .
الغريب أن سيادة المستشار وهو يروج لرؤيته طرح سؤالا قديماً جرى استهلاكه والإجابة عليه منذ زمن طويل هل المرأة ناضجة بما يكفي لتولي الوظيفة القضائية ؟ ثم أجاب بالنفي مستندا إلى حجة أغرب وهي إن بعضهن ينفذن أجندات خارجية لتيارات سلفية تسعى لإشاعة ارتداء النقاب ، ولابد هنا أن نسأله هل يجوز حرمان المواطنين من حقوقهم الدستورية بسبب رؤاهم؟ وما رأيه في الرجال الذين يطلقون اللحى ويلبسون الجلابيب وهل يصوغ ذلك لحرمان كل الرجال من العمل بالقضاء أو بأي مهنة أخرى ؟ فلا النساء اللاتي يرتدين النقاب هن كل النساء ، ولا الرجال الذين يطلقون اللحى ويلبسون الجلابيب هم كل الرجال .
ويسوق المستشار عادل فرغلي حجة واهية أخرى لحجب موقع قاضي مجلس الدولة عن المرأة حين يقول إنه بسبب ظروف عملية منها عدم وجود استراحات مجهزة بالأقاليم . متجاهلا أنه حجة تأخذ علي المسئولين عن مجلس الدولة وليس ضد النساء بموجب الحقوق الدستورية للمواطنين ونص المادة 11 من الدستور التي تلزم الدولة باتخاذ التدابير التي تكفل حصول المواطنين على حقوقهم ،وبموجب الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها الدولة ومنها الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والمادة2 / 3 منها التي تلزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة لضمان حصول النساء على حقوقهن و ضمان القضاء على التميز ضد المرأة فى المجالات السياسية .والسؤال المنطقي هو لماذا لا يجرى تجهيز مثل هذه الاستراحات اليوم قبل الغد إذا انعقدت النية حقا على قبول النساء في مجلس الدولة .
ملتقى تنمية المرأة وهو يأسف لأن الموجه المحافظة التي ضربت المجتمع قد طالت مجلس الدولة أيضا ولأن مجلس الدولة وضع نفسه في موقف متناقض فهو لا يستطيع أن يؤسس امتناعه عن تعيين القاضيات ـ حتى لو كان امتناعاً مؤقتاً لا على القانون ولا على الدستور الذي ينص صراحة على أن المصريين سواء وبالتالي هو يضع نفسه في مواجهة القانون والدستور .
وإننا على ثقة أن هذه المعركة المفتعلة سوف تنتهي حتماً بتأكيد حقوق النساء وفتح كل أبواب السلك القضائي أمامهن استنادا إلى الدستور والقانون والواقع الذي يؤكد جدارتهن وتبرز فيه قدراتهن في كل المجالات