قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على الأحزاب السياسية المصرية تحقيق 10 إصلاحات أساسية في مجال حقوقالإنسان حتى يتسنى لمصر أن تنتقل إلى العهد الجديد الذي بشرت به “ثورة 25 يناير”.
وعشية انتخابات مجلس الشعب (البرلمان) المقرر عقدها بعد شهر، طلبت المنظمة من جميع المرشحين في الانتخابات المصرية التوقيع على “إعلان” يؤكد أنهم جادون في إجراء إصلاح حقيقي في مجال حقوق الإنسان.
وقالت منظمة العفو الدولية: “هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأحزاب السياسية التي ستتنافس في الانتخابات المزمع إجراؤها الشهر القادم. فمن حق المواطنين المصريين أن يتوقعوا في نهاية المطااف تحقيق التغيرات التي مازلت تبدو بعيدة المنال بعد قرابة عام من 25 يناير/كانون الثاني”.
وأضافت المنظمة قائلة: “لقد كان تحقيق العدالة وإنهاء القمع من المطالب الرئيسية للمتظاهرين في مصر. ويتعين على الأحزاب السياسية الآن أن تصوغ برامجها على نحو يعالج تركة الانتهاكات ويقدم تعهدات محددة في مجال حقوق الإنسان”.
ومضت المنظمة تقول: “في ظل إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يخشى المصريون من أن يحل نظام قمعي جديد محل النظام القمعي القديم. ويتطلع المصريون الآن إلى أن تتخذ الأحزاب السياسية إجراءات حاسمة لوضع حد لأشكال الظلم والانتهاكات التي اتسمت بها مصر على مدى الثلاثين عاماً الماضية”.
ويُذكر أنه منذ تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة مقاليد الحكم في فبراير/شباط 2011، كانت هناك وعود بإنهاء حالة الطوارئ، إلا إنه تم توسيع نطاق قانون الطوارئ. وبالرغم من حل جهاز مباحث أمن الدولة في الظاهر، فقد استمرت الاعتقالات التعسفية دون هوادة، كما حُوكم آلاف المدنيين في محاكمات جائرة أمام محاكم عسكرية.
كما دعت منظمة العفو الدولية إلى وضع حد لتهميش المرأة في الحياة السياسية المصرية، وأصدرت تقريراً موجزاً عن العوائق التي تعترض مشاركة المرأة في الحياة العامة في مصر.
وكانت انتخابات مجلس الشعب التي أُجريت عام 2005 قد أسفرت عن حصول تسع سيدات فقط على مقاعد برلمانية من مقاعد المجلس البالغة 454 مقعداً، وبينهن خمس سيدات عينهن الرئيس السابق مبارك. وقد تزايد العدد في انتخابات عام 2010 نظراً لاعتماد نظام جديدة بتعيين حصة محددة من المقاعد للمرأة، وإن كانت كل مقاعد المرأة من نصيب سيدات ينتمين إلى “الحزب الوطني الديمقراطي” الحاكم آنذاك، والذي حُل مؤخراً.
وفي تقرير منظمة العفو الدولية الصادر بعنوان “المرأة تطالب بالمساواة في صياغة مستقبل مصر الجديد”، دعت المنظمة السلطات المصرية إلى اتخاذ خطوات محددة تكفل أن تكون المرأة عنصراً جوهرياً في صياغة مستقبل البلاد.
وقالت المنظمة “إن التفاؤل الذي ساد في مطلع هذا العام، عندما لعبت المرأة دوراً أساسياً في المظاهرات المناهضة للرئيس السابق مبارك، آخذ في التراجع حالياً أمام الواقع المتمثل في استبعاد معظم النساء والفتيات من المشاركة السياسية”.
وأضافت المنظمة قائلة: “في هذه اللحظة تحديداً، يتعين على الحكومة والأحزاب السياسية أن تكون تعهداتها العلنية بضمان حقوق المرأة مقترنةً بإجراءات فعلية لدعم تطلعات النساء والفتيات”.
التعهدات العشر في “إعلان منظمة العفو الدولية من أجل حقوق الإنسان في مصر”:
– إنهاء حالة الطوارئ وإصلاح أجهزة الأمن: إلغاء قانون الطوارئ، وإجراء إصلاحات جوهرية لقوات الأمن بما يتماشى مع القانون الدولي والمعايير الدولية. وينبغي الإعلان عن هيكل قوات الأمن وتسلسلها القيادي، كما يجب إنشاء هيئة للإشراف تتولى التحقيق بشكل مستقل ونزيه في أية أنباء عن انتهاكات.
2- إنهاء الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي ومكافحة التعذيب: ينبغي أن يُسمح للمعتقلين في القانون وفي الممارسة العملية بالاتصال بالعالم الخارجي بشكل منتظم وبدون تأخير، بما في ذلك الاتصال بذويهم ومحامين من اختيارهم وبأطباء مستقلين لتوفير الرعاية الطبية. وينبغي عدم التسامح مع التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة، ويجب تجريم هذه الممارسات بما يتماشى مع القانون الدولي. وينبغي التحقيق في أنباء التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة. وينبغي الإعلان عن جميع أماكن الاحتجاز وإخضاعها لتفتيش بصفة منتظمة وبدون قيود وبدون سابق إنذار، على أن تتولى ذلك هيئة مستقلة
3- ضمان عدالة المحاكمات: ينبغي لأي شخص وُجهت إليه تهمة أن ينال محاكمةً عادلةً أمام محكمة مستقلة ومحايدة مشكَّلة بموجب القانون. وينبغي إنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وكذلك المحاكمات أمام محاكم الطوارئ، على أن تُعاد محاكمة من صدرت ضدهم أحكام أو يُفرج عنهم.
4- تعزيز الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها وحرية التعبير: يجب إلغاء القوانين التي تجرِّم الممارسة السلمية لهذه الحقوق، أو أن يتم تعديلها بما يتماشى مع القانون الدولي والمعايير الدولية. ومن بين هذه القوانين عدة مواد في قانون العقوبات، بالإضافة إلى قانون الجمعيات، والقانون رقم 34 لعام 2011، الذي يجرِّم التظاهر والإضراب.
5- التحقيق في الانتهاكات التي وقعت في الماضي: ينبغي إجراء تحقيق مستقل وواف ونزيه في الانتهاكات التي وقعت في ظل حكم الرئيس حسني مبارك، على أن يثمر عن تقديم توصيات لمنع وقوع مزيد من الانتهاكات مستقبلاً، وضمان الحقيقة والعدالة والتعويض للضحايا.
6- إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: ينبغي أن تُكفل لكل شخص سبل الحصول على الخدمات العامة الأساسية، بما في ذلك المياه والمرافق الصحية والرعاية الطبية، بغض النظر عن دخل الشخص أو مكان إقامته. ويجب ضمان حقوق المرأة وتعزيزها، بما في ذلك الحق في الإضراب والحق في نيل حد أدنى عادل للأجور.
7- تعزيز حقوق الذين يعيشون في أحياء فقيرة: ينبغي إجراء مشاورات حقيقية مع من يعيشون في مناطق عشوائية وتمكينهم من المشاركة بشكل فعال في القرارات التي تؤثر على مستقبلهم. وينبغي أن يُكفل لهم أمن الحيازة قانوناً. ويجب إنهاء عمليات الإخلاء القسري، التي تُعتبر خطيرة ومهينة وغير مشروعة بموجب القانون الدولي. وينبغي أن تكون هناك خطة شاملة لمعالجة ظروف السكن غير الملائم التي تهدد الأرواح والصحة.
8- إنهاء التمييز: البنود القانونية التي تنطوي على التمييز ضد الأفراد على أساس العنصر أو اللون أو الدين أو العرق أو المولد أو الجنس أو الميول الجنسية، أو هوية النوع الاجتماعي، أو الرأي السياسي أو غيره، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الملكية أو أي وضع آخر، يجب أن تتماشى مع القانون الدولي والمعايير الدولية. ومن بين هذه البنود قرار رئيس الجمهورية رقم 291 لسنة 2005 بشأن دور العبادة المسيحية. وينبغي الحيلولة دون وقوع الاعتداءات الطائفية، والتحقيق فيها وتقديم مرتكبيها إلى ساحة العدالة.
9- حماية حقوق المرأة: ينبغي أن تكون المرأة شريكاً كاملاً في عملية الإصلاح في المجال السياسي وحقوق الإنسان. ويجب ضمان المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة قانوناً فيما يتعلق بمسائل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث. ويجب توفير الحماية القانونية للمرأة من العنف الأسري، بما في ذلك الاغتصاب في إطار الزواج والتحرش الجنسي. ويجب تعديل المادتين 260 و263 من قانون العقوبات، بما يتيح الإجهاض للنساء والفتيات من ضحايا الاغتصاب وزنا المحارم، وكذلك في الحالات التي يشكل فيها الحمل خطراً على الصحة. ويجب تعديل القانون رقم 126 لسنة 2008 لمنع ختان الفتيات (تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية) في جميع الحالات.
10- إلغاء عقوبة الإعدام: ينبغي وقف تنفيذ أحكام الإعدام لحين إلغاء عقوبة الإعدام بشكل كامل.