بــقــــلم : نـــهــى عـــبد الــوهـاب
بعيداً عن المشهد السياسي المرتبك لايزال ملف المشاركه السياسيه ووضع المرة أمراً لا يقل أهمية عن القضايا السياسية المطروحة الأن على الساحه في مجتمعنا فقد لعبت المرأه المصريه دوراً بارزاً فى محاوله تحريك النهضه النسائيه من خلال المشاركه فى الحياه السياسيه عبر التاريخ وهذا ليس قولا ً بل هناك دلائل مشرفة بمشاركتها فى مظاهرات ثوره 1919فى أوائل القرن العشرين وقد شاركت المرأة المصرية فى التظاهرات بروح وطنية تتسم بالشجاعة
وتعد ثورة 1919 حجر زاوية فى تاريخ العصر الحديث حيث أشعلت الروح الوطنيه بالشعب رجال ونساء وهذا مايدل على أهميه دور المرأه فى الحياه السياسيه منذ القدم و تاريخ السيدة المصريه مليئ بالنضال والكفاح فهى صانعه لأول تنظيم غيرحكومى خدمى يسمى الرابطه الفكريه للنساء المصريه فيعكس هذا حبها الشديد للوطن والتضحيه من أجل النهوض بالمجتمع , وقد برز دور المرأه فى هذا الحين من الثورة وأثار أستشهاد أحداهن روح الغضب لدى النساء مما جعلهن يسعون للعيش بكرامة وحريه دون الإستسلام عن متطلبات الثوره.
وكانت الشهيدتان ” حميدة خليل و شفيقة محمد” بمثابه الفتيل المنزوع لخروج كتله مكبوتة من الروح الثوريه دون تراجع وبالرغم من ذلك جاء دستور 1923 دون أن يمنحها حقوقها فى المشاركه والتساوى مع الرجل .وظل الصراع للوصول للمشاركة حتى تم تأسيس أول حزب سياسى تحت أسم (الحزب النسائى المصرى) وقامت المرأة بعد ذلك بالمطالبة بتعديل قانون الإنتخاب بإشراك النساء مع الرجال فى حق التصويت والترشح للبرلمان عام 1951وبعد قيام ثورة 1952 نص دستور 1956 على منح المرأه المصرية حقوقها السياسيه نظراً لأن حرمانها من تلك الحقوق لا يتماشى مع قواعد الديمقراطيه التى نص عليها دستور 1956 وبناءاً عليه قد تم دخول السيدة المصرية البرلمان لأول مرة فى إنتخابات عام 1957. مما أتاح الفرصة فى تلك الفترة تولى المرأه بعض المناصب العامه والأعتراف بكيانها فى المجتمع فجاء تعيين أول وزيرة للشؤن الأجتماعية فى مصر وهى السيدة ” حكمت أبو زيد ” فى عام 1962
وهذا بمثابة تأكيد على حقوقها المرأه فى ا لمشاركة والتمكيين السياسى .
وظلت مسيرة النضال قرن ونصف من أجل تحسين وضع المرأه فى الحياه العامه , ومروراً بتلك الفترة جاء تعديل قانون الإنتخاب رقم 38 لسنة 1972 بقانون 21 لسنة 1979 الذى سمح بتخصيص 30 مقعد كحد أدنى للنساء . فقد تميزت المرأه المصريه منذ عام 1981 حتى الأن بإحداث تغيرات جوهرية وملموسة بمكانتها فى القضايا المجتمعية والسياسيه بشكل عام
وأدى ذلك التغيير إلى إنشاء “المجلس القومى للمرأه” الذى يعد هيئه رسميه للدفاع عن حقوق المرأه ورفع شأنها وزاد دور المشاركة للسيدة المصريه حين تم تعيين أول قاضية مصرية ومأذونه بعد محاولات وعناء لأثبات أن المرأه قادرة على تولى المناصب القيادية دون قصرها على الرجل فقط مادامت لم تتواجد أسباب مانعه لهذا العمل .
وعن مشاركة المرأه فى مجلسى الشعب والشورى كان عدد عضوات البرلمان المصرى منذ 1957 حتى الأن 144 عضوه فقط حيث جاء فى الدورة السابقه من مجلس الشعب عام (2000-2005) بعدد أعضاء المجلس 13 عضوه فقط بما يعادل 3% من إجمالى الأعضاء
أما عن مجلس الشورى كانت 18 عضوه بنسبة 6.8% من إجمالى الأعضاء ولكن سرعان ما تغير الحال للأسوء فى الدورة الأخيرة عام (2005-2010) فكانت 8 عضوات بالمجلس بنبسة تمثيل1.7 % من إجمالى الأعضاء وهذا
يعد تفاوت ملحوظ بأنخفاض معيار المشاركة للمرأه فى المجالس النيابيه والسلطات القضائية فقد تم تعيين 72 سيدة من أصل 1912 عضو فى النيابة الأدارية وهيئه قضايا الدولة عام 2004 وهذا المؤشر يدعو للتأمل لوضع المرأه فى المجتمع وبواقع تلك الأحصائيات جاءت نسبة المشاركة للمرأه لم تتعدى 5% من الإجمالى مما جعل الدولة تطبق نظام الكوتا من أجل مواجهة تلك العوائق المجتمعية بالتمييز الأيجابى للمرأه لتمنح حق المشاركة المشروطة عن طريق حشد نسبة من السيدات للمشاركة سياسياً , فمشاركة المرأه ترجع بأهمية كبيرة فى الحياة عن طريق مبدأ المواطنة وتساوى الجميع فى الحقوق والواجبات والتمثيل السياسى فى المجتمع وهذا يدعم إحساس المرأه بأنها شريك فعلى فى الحياة ولكن ليس المجتمع وحده يتحمل عدم المشاركة على عاتقه
بل توجد بعض العناصر والعادات المجتمعية التى تتنافى مع مبدأ المشاركة للمرأه ومثال على ذلك “صعيد مصر” الذى يقمع الفتيات والسيدات من حق المشاركة وخوض الحياه السياسيه ولكن الجانب الأكبر من الأسر بقرى الصعيد يبتعدون عن المشاركة وخروج سيداتهم للأدلاء بأصواتهن فى الإنتخابات نظراً لتقاليد رجال الصعيد وأفكارهم وأحياناً لعدم ثقه المرأه بالمرشحة المرأه مثلها ومازال حتى الأن أسر تعيش دون أوراق رسمية والجانب الأهم هو غياب آليات وبرامج المشاركة الواضحه للسيدات فى الصعيد نظراً لتدنى مستوى االثقافه لديهم . ولمواجهة ذلك يتطلب القضاء على الأمية فى المجتمع وتغير بعض المفاهيم لدى الكثيروعلى الدولة السعى حول إعادة النظر فى بعض القوانين والتشريعات الخاصة بالمرأه والنظم الإنتخابية فنحن فى مواجهة لأزمة القانون بين النص والتطبيق بشكل منصف للمرأه لأننا فى القوانين المصرية والمعاهدات الدوليه نمتلك نصوص مواد تجعلنا بصدد مشاركة مفتوحه للمرأه ولكن أين تطبيق القانون فى ظل الدول النامية مثلنا !
فالقانون بالفعل داعم لمساندة السيدات المصريات وضرورة التمكيين سياسياً هذه ليست بمبالغه وهذا جزء من نصوص تلك المواد:-
– مادة (7) من إتفاقية المرأه ضد التمييز(السيداو) تعطى الحق فى التصويت بالإٍنتخابات .
– مادة (21) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لكل شخص حق المشاركة فى الشؤون العامه لبلاده .
– وعلى غرار ذلك العهد الدولى بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقى لحقوق الإٍنسان والشعوب وكل هذه القوانين تسعى لتعزيز دور المساواة بين الجنسين من خلال تنمية المرأه والرجل معاً .
ومع تطور الأحداث السياسيه مؤخراً جاءت الشرارة الأولى لقيام ثورة 25 يناير بكفاح مشترك بين الرجال والنساء وتضحيات من المرأه المصرية وكأن التاريخ يعرض من جديد رغم معاناة المرأه وتعرضها لإنتهاكات معنويه وجسديه فظلت تدافع عن حرية وطنها دون خوف نظراً لإيمانها بأنه يولد جميع الناس أحرارا متساوون فى الكرامه والحقوق دون أى تمييز
فكانت الصفوف الأماميه تهتف بشعارات الحريه والعداله بصوت نسائى ولم يقتصر دورها على ذلك فقد تعرضت لاضعاف من الإنتهاكات المعنويه حيث كانت سمعه الناشطات اللاتى شاركوا فى الثوره والإعتصامات محلاً للتشويه .
ففى الوقت الذى كانت السلطه الحاكمة ترتكب جرائم بحق المرأه من سحل وتعذيب وتعريه وإعتقالات قد لعب بعض رجال الدين دور” الكومبارس الصامت ” بل وسعوا لتهميش دور المرأه فى المشاركة وأعادتها للعصر الجاهلى مرة أخرى .
بعد أن ظلت تعانى بمسيرة دامت لقرون حتى تنال حق المشاركة كادت تفقدها للأبد ؟!
ولكنها الأن فى مرحلة ماقبل الأزدهار فقد أقر دستور 2014 بأحقية مشاركة المرأه بمعيار منصف ليصل لنسبة 25% من الشباب والسيدات وهى بمايعادل ربع المقاعد من إجمالى عدد الأعضاء ويعد هذا تقدم مرتفع فى تاريخ المشاركة فى الحياة العامه للسيدات المصريات لم تشهده من قبل ….
ونأمل الفترة القادمة أن نصل لمرحلة الواقع وليس المأمول بمعنى أن تسعى الدولة لتفعيل دور المشاركات السياسية والمساواة بين الرجال والنساء على مدى قصير لتحقيق نجاحات لمجتمع مصرى ديمقراطى مستقر للجميع بأرتفاع شأن المرأه المصريه,,,