عن فرانس 24
بسمة قضماني، الباحثة السياسية ومديرة مبادرة الإصلاح العربي، تتحدث لكمال طربيه عن صعوبة الإصلاح في الدول العربية عامة وعن صعوبة أو استحالة إصلاح النظام السوري خاصة رغم الوعود التي أطلقها الرئيس بشار الأسد.
مونت كارلو الدولية (نص)
لا شك أن غياب الإصلاح في العالم العربي، كان أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الثورات وحركات الاحتجاج وسقوط الأنظمة. وأنت كنت شخصيا تعملين على هذا الموضوع، لكن لا من يسمع؟
كانت كلمة إصلاح مقبولة عند البعض ومرفوضة عند بعض الأنظمة الأخرى. عندما كنا نتكلم عن الإصلاح، كان النموذج في ذهن المثقفين والذين يشجعون الأنظمة على الإصلاح، كان نموذج الإصلاح التدريجي الذي تقوم به حكومات مسؤولة واعية لتطورات العالم والمجتمعات.
هل لاحظت أن هناك حكومات مسؤولة وواعية في العالم العربي وحكومات أقل وعي وأقل مسؤولية؟
كان الرهان على أن هناك بعض الحكومات مستعدة لنموذج الانتقال التدريجي. وقد وصلنا إلى قناعة شبه تامة بأن هذه الأنظمة لا تتغير ولن تغير أي شيء إلا إذا كانت تحت ضغط ومرغمة على هذا التغيير. والضغط الخارجي كان له مفعول ومفعول عكسي.
هذا ما يحصل حاليا في سوريا. إذا ما تمت المبادرة إلى الإصلاح، هل سيكون ذلك مترافقا مع الضغط الشعبي؟
أولا نحن لم نتوجه إلى سوريا في كل الفترة التي عملنا عليها على الإصلاح، لأننا كنا فاقدين الأمل من أن يتم أي إصلاح في سوريا.
وهل لا زلتي فاقدة الأمل؟
بعد ما جرى في المدن والشوارع السورية، يأتي النظام ويقول أن هناك استعداد للإصلاح، ولكن يبدو أن إرغام الأنظمة هو الطريقة الوحيدة. فالضغط من الأسفل، من المجتمع، من الشارع هو الذي يرغم الأنظمة على الإصلاح. وهذا ما فهمته كل الشعوب، ولذلك فهي تتحرك اليوم.
هل النظام السوري، بتركيبته السياسية والحزبية والعسكرية والأمنية، قادر على التغيير والإصلاح؟
هناك قناعة عند أغلبية الناس بأن هذا النظام له تركيبة معينة وإذا تغير فيه وتر واحد فقط، فقد ينهار كل الهيكل الأمني، السياسي والاقتصادي. الرئيس بشار الأسد ورث نظاما لم يكن يعلم تماما كيف يصلحه إذا اختلت التوازنات داخله. بالتالي لم يقم لا بالعناية بهذا النظام.
لكنه اتخذ قرارات ببعض الإصلاحات الاقتصادية كتحرير اقتصاد السوق وإنشاء مصارف خاصة.
هذه الإجراءات قامت بها كل الأنظمة السياسية العربية. وهي حقيقة شكلية لأنها لا تمس بأي مصالح لأي شخص في النظام السياسي. هناك طبقة ما زالت قائمة على كل المصالح الاقتصادية وعلى كل موارد الوطن.
وبالتالي إصلاحات من نوع تحرير السوق المالي وفتح بنوك خاصة، لا تغير شيئاً في حياة المواطن السوري، ولا حتى رجل الأعمال السوري العادي الذي يريد أن يعمل دون أن يضطر إلى رشوة فلان أو دفع نسب مالية من أجل تصريف أعماله. أصبح العمل بشكل نظيف في البلد شبه مستحيل ولا نتحدث هنا عن السياسة. الرجل الذي يريد العمل بشكل محترم ونزيه لا يستطيع ذلك في الوضع الحالي في سوريا.
الوضع السوري قد يكون مماثلا لأوضاع العديد من الدول العربية وهو ليس الوحيد في هذا السياق مع اختلافات بسيطة. هل يمكن الحديث عن نظام عربي غير قابل للإصلاح؟
حقيقة التغيير من خلال قلب النظام، ولكن قلبه بشكل سلمي. نحن نتكلم عن إسقاط النظام من خلال ضغط الشعب لأن هناك ضرورة. و واضح أن هذه الأنظمة ترفض التغيير أو هي غير قابلة للتغيير أو غير مستعدة لوضع أي حدود لسلطتها.
وبالتالي يأتي التغيير من خلال هدم ما هو قائم وهو نوع من الهيكل أو البناء العظيم والمخيف بالنسبة للمجتمع. لكن أصبح واضحا أن هدم هذا البناء ثم إعادة بنائه من جديد هو الطريقة الوحيدة في إصلاح الأنظمة. يأتي ذلك بعلامة استفهام واحدة وهي: هل هناك في الأنظمة السياسية العربية، إن كانت في دول الخليج أو في الجزائر أو سوريا اليوم، رجل واع وله بعد نظر يفتكره التاريخ بأنه قام بهدم هذا الهيكل الأمني والقمعي على المجتمع وإعادة علاقة مختلفة مع المجتمع فهو قادر على ذلك. ولكن مع الأسف حتى الآن لم نر ذلك لا في اليمن ولا في الخليج ولا في الجزائر ولا في سوريا.
هل بشار الأسد قادر على ذلك؟
بشار الأسد قادر على ذلك لو أراد غدا أن يعلن عن برنامج إصلاحي، ولكن برنامج إصلاحي بكل تفاصيله وبجدول زمني.