ورغم هذا الحُكم الهام، على حد قول هيومن رايتس ووتش، تبقى النساء محرومات من الخدمة بمناصب القاضيات في هيئات أخرى بالدولة، ومنها المحاكم الجنائية.
وقالت نادية خليفة، باحثة حقوق المرأة المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “قرار المجلس الأعلى للقضاء اليوم هو خطوة للأمام، ويجب على المجلس أن يستفيد من الزخم الذي خلقه قراره بأن يسمح للنساء بالخدمة كقاضيات في محاكم الجنايات، وفي جميع مناصب القضاء”، وتابعت: “استمرار التمييز يعتبر إهانة موجهة لجميع النساء المصريات المستحقات تماماً للخدمة في مناصب القاضيات”.
ورغم أن عدد النساء اللائي يخدمن في الوزارات والبرلمان قد تزايد في السنوات الأخيرة، إلا أنهن ما زلن قليلات التمثيل إلى حد كبير في مناصب القضاء، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وفي عام 2003 كانت القاضية الوحيدة في جميع المحاكم المصرية هي تهاني الجبالي. وتم تعيينها بموجب قرار رئاسي في المحكمة الدستورية العليا. ولا يسمح المجلس الأعلى للقضاء للنساء بالعمل كقاضيات في المحاكم الجنائية. وفي تقرير هيومن رايتس ووتش “بمعزل عن العدالة” الصادر في عام 2005، تم الانتهاء إلى أن القضاة وغيرهم من ممثلي وزارة العدل جاهروا كثيراً بمعارضتهم لضم النساء إلى صفوف القضاة.
وفي عام 2007 اختار المجلس الأعلى للقضاء 31 سيدة للخدمة في مناصب قاضيات بمحاكم الأسرة. ورغم انتقاد القرار من المحافظين دينياً، وكانت صحيفة الأهرام اليومية قد نقلت تصريحا للنائب البرلماني محمد العمدة، في 2007، جاء فيه: “لا يمكن للنساء النجاح في مناصب القضاء لأن عبء هذه المهمة ثقيل للغاية”.
ومع ذلك تم تعيين النساء بموجب قرارات رئاسية ولا زلن مستمرات في عملهن.
وورد في المادة 40 من الدستور المصري أن “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”.
وبصفة مصر دولة طرف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فإنها وبموجب المادة 7 من هذه الاتفاقية مُلزمة بالقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة “وبوجه خاص تكفل [الاتفاقية] للمرأة، [و]على قدم المساواة مع الرجل، الحق في… شغل الوظائف العامة على جميع المستويات”.
ومع ملاحظة لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بقلق أن شيئا من هذا لم يُتّبع، فقد أوصت في مراجعتها لتقرير مصر المرفوع إلى اللجنة في نهاية يناير/كانون الثاني 2010 بأنه “يجب جعل الاتفاقية وجميع التشريعات الداخلية ذات الصلة جزءاً لا يتجزأ من نظام التعليم القانوني وتدريب القضاة والعاملين بنظام العدل والمحامين ووكلاء النيابة، لا سيما من يعملون بمحاكم الأسرة، بحيث تصبح الثقافة القانونية داعمة لمساواة المرأة بالرجل, مع عدم التمييز على أساس الجنس كمبدأ ثابت في مصر”.
واليوم، توجد ثلاث وزيرات في مصر من بين 27 وزيراً، في الوقت الذي صدر قانون عام 2009 يطالب بأن تحصل النساء على 12 في المائة على الأقل من مقاعد البرلمان في الانتخابات المزمع عقدها في وقت لاحق من عام 2010، أي 64 مقعداً من 518 مقعداً، لكن القانون ينطبق على مجلس الشعب فقط.
وقالت نادية خليفة: “لم يعد مقبولاً استبعاد السيدات عن مناصب القضاء في مجتمع أظهر التزامه بالمشاركة السياسية والمجتمعية للمرأة”. وأضافت: “يجب على مصر أن تحترم التزاماتها الدولية بأن تضع حداً للتمييز ضد المرأة في جميع قطاعات الحياة”.