المصدر: اليوم السابع
سلمت وزارة القوى العاملة والهجرة مسودتها لقانون العمل للجنة التشريعية بمجلس النواب، وهو القانون البديل لقانون العمل الحالى 12 لسنة، 2003 والذى يطبق على العاملين فى القطاع الخاص والاستثمارى. ورأت مؤسسة قضايا المرأة المصرية أنه لابد من تقييم ما ورد فى هذه المسودة من مواد تخص المرأة وحقها فى العمل ومراجعة مدى تطابق ذلك مع الدستور المصرى من عدمه، ووضع مطالب لكى يتطابق القانون مع الدستور والاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها مصر فيما يخص حقوق المرأة.
فيما وضعت حقوق المرأة فى الفصل الثانى من الباب الثانى من المسودة تحت مسمى تشغيل النساء وأتت فى المواد من 53 إلى 56. منها ما يخص تخفيض ساعات العمل لمدة ساعة بداية من الشهر السادس للحمل، وعدم إجازة تشغيل المرأة ساعات عمل إضافية، كما نصت على زيادة مدة الراحة ساعة إضافية لأرضاع طفلها، ونصت على إجازة الوضع ثلاثة مرات وكذلك إجازة رعاية الطفل، وقد ألغى الشرط الذى كان موجوداً فى القانون الحالى هو عمل العاملة لدى صاحب العمل لمدة عشرة أشهر لكى تستحق إجازة الوضع. كما حظرت المسودة فى المادة 51 فصل العاملة أو إنهاء خدمتها أثناء إجازة الوضع.
ونصت مادة 55 على ضرورة أن يعلق صاحب العمل الذى يعمل لديه أكثر من خمسة عاملات لائحة تشغيل النساء، ونصت م56 على أن ينشأ صاحب العمل الذى يستخدم مائة عاملة فأكثر دار للحضانة أو يعهد إلى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات. والمادة بهذا الوضع تكرس الثقافة المجتمعية التى تحمل المرأة وحدها مسئولية البيت والأطفال، فتجعلها تعمل كل شىء حتى اصطحاب أطفالها للحضانة تصبح مسئوليتها وحدها بدلا من أن تكون مسئولية الأب والأم معاً.
كما أن العقوبات الواردة لكل مواد تشغيل النساء فى م 241 مع غيرها من المواد – هو ألا تقل عقوبة مخالفة هذه المواد عن 500 جنيه ولا تزيد عن 5 آلاف جنيه – تظل غير رادعة. ففصل العاملة بعد أن تكون عملت لدى صاحب العمل لسنوات بمجرد أن تنجب، وفقدانها مصدر رزقها وأولادها خصوصاً وأن نسبة إعالة النساء للعائلات مرتفعة والعقوبة تظل عقوبة غير رادعة بجوار ما يرتكبه من جرم فى حق العاملة وأسرتها، كذلك بقية المخالفات. وما لفت انتباهنا أكثر للعقوبات غير الرادعة، هو العقوبات التى وضعت لحظر التمييز فى شروط العمل بسبب اختلاف الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الانتماء السياسى أو الموقع الجغرافى أو الانتماء النقابى أو لأى سبب آخر الواردة فى م4، وهى نفس مادة العقوبة التى وضعت لحظر التحرش، والتحرش الجنسى الواردة فى م5، حيث إن عقوبة هذه المواد وغيرها فى م247، وهى عبارة عن غرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه.
كما نرى فكأن وزارة القوى العاملة تريد عندما أوردت تعريف للتحرش فى مسودتها أن يفلت صاحب العمل الذى يتحرش بالعاملات لديه من العقوبة الآشد فى قانون العقوبات وهى الحبس ما لا يقل عن سنتين ولا يتجاوز خمس سنين، والغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه، لتستبدلها بغرامة فقط وبدون حبس عُشر الغرامة الواردة فى قانون العقوبات.
والأكثر من ذلك هو الاستمرار فى حرمان عمال الخدمة المنزلية، والبالغ عددهم 148 ألف شخص، ضمنهم 96.5 ألف من النساء، من أن يسرى عليهم القانون لكى يظلوا تحت رحمة أصحاب عملهم بلا أى حقوق.
هذا ولم ينص القانون على أى مواد تحظر على أصحاب الأعمال النص على عدم تشغيل النساء، لتظل النساء وفى القلب منها النساء الفقيرات لا يجدن أمامهن سوى العمل فى سوق العمالة غير الرسمية والتى تزيد عن ثلثى المشتغلين فى مصر، عمالة بلا أى حقوق تتعرض لكل أشكال العنف والتحرش بلا أى حماية ولا أية ضمانات. كما تظل مشاكل القانون الخاصة بتقنين شركات توريد العمال – والتى يعمل بها العمال والعاملات فى أسوأ ظروف عمل – بدلا من حظرها تماماً تمس المرأة العاملة كما تمس الرجل، وتعانى وستعانى المرأة العاملة مثلها مثل زميلها من الفصل التعسفى. وسيظل باب التفاوض باباً مغلقاً فى وجه العمال جميعاً نساء ورجالا طالما أن صاحب العمل لا يعاقب إذا رفض الجلوس والتفاوض مع العمال، أو إذا لم ينفذ اتفاقية العمل الجماعية التى تم التوصل لها مع العمال. وتطالب مؤسسة قاضايا المرأة المصرية وذلك للحفاظ على حقوق المرأة فى عمل رسمى تصان فيه كل حقوقها وتغليظ العقوبات فى القانون حتى تكون رادعة لكل من تسول له نفسه إهدار حقوق العمال نساءاً كانوا أو رجالا.