بعد شهور من المداولات، ها هو الأردن أخيراً يقترب من إلغاء القانون الذي يتيح لمرتكبي الاغتصاب الإفلات من العقاب بالزواج من ضحاياهم (المادة 308).
وأصبح الأردن على وشك إلغاء تشريع يسهم في العنف الجنسي، بعد سنوات من الحملات القومية التي شنها أعضاء وعضوات البرلمان والمنظمات النسائية ومنظمات حقوق الإنسان. ففي أواخر شباط/فبراير، أوصت لجنة ملكية الملك عبد الله الثاني بن الحسين بإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات. وفي 15 آذار/مارس، أقرّ مجلس الوزراء الأردني هذه التوصية التي تمر الآن بخطواتها الأخيرة قبل أن تصل إلى البرلمان.
لاتخاذ إجراء! يمكن أن يجري الاقتراع في أي وقت. والمرجو أن تساعدوا على وقف عملية إعادة إيذاء ضحايا العنف الجنسي الناجيات بمناشدة برلمان الأردن أن يلغي المادة 308 تماماً – بدون أي استثناءات!
وقد بيّنا في تقريرنا عن الكيفية التي تخذل بها قوانين مكافحة العنف الجنسي النساء والفتيات، كيف أن هذه الأنواع من الإعفاءات و”التسويات” القانونية تساعد على تفشي وباء الاغتصاب الذي يجتاح العالم. ولقلة خشية المعتدين من العقاب، فهم ينتهكون أعداداً لا تحصى من النساء والفتيات وتُحرم الضحايا الناجيات من العدالة. وهذا هو بالضبط ما حدث لنور*، البالغة من العمر ٢٠ عاماً، التي اغتصبها عابد*، وهو رجل عمره ٥٥ عاماً، في الأردن. فكانت تعمل في حانوته المتنقل كما عملت مدبّرة لمنزله وجليسة لأطفاله. وفي أحد الأيام أصيبت بصداع وتقبلت منه بعض الأقراص لعلاجه. ولم تتذكر بعد ذلك إلا أنها استيقظت عارية وقد تعرضت للاغتصاب. وقد عرض علينا شريكنا، وهو جمعية معهد تضامن النساء الاردني، تجربتها مع هذه الصدمة العصبية:
بكيت وبكيت دون أن أعلم ماذا أفعل. وفي تلك اللحظة أدركت أن الأمر سيؤدي لانهيار أسرتي تماماً. وحاول أن يهدئني بقوله “سأتزوجك” ووعد بأن يذهب ويطلب يدي. وجاء بقطعة ورق ووقعنا عليها كلانا عقد زواج … كنت خائفة، منهارة، وخطر لي أن ألزم الصمت. [وفيما بعد] أدركت أني كنت حاملاً. فقررت أن أتقدم بشكوى إلى قسم الشرطة بسبب طفلي؛ واتهمته باغتصابي. وعندئذ عرض أن يتزوجني بموجب المادة ٣٠٨ من قانون العقوبات الأردني [لأن] الملاحقة القضائية ستتوقف إذا فعل ذلك … وأجبرتني أسرتي على الزواج به إنقاذاً “لشرف الأسرة”. فتزوجته وانتقلت إلى العيش معه بكل الذكريات السلبية عن الاغتصاب والخداع. وظننت أن الحياة مع طفلي قد تسعدني، ولكنني كنت مخطئة جداً في ذلك؛ فحالتي تدهورت. فقد كان أملي الوحيد من الزواج به أن أضمن السلامة لطفلي. كنت حريصة على تسجيله باسم أبيه، ولكنني فشلت. إذ بدأ يفاوضني بأن يعرض الاعتراف بالطفل في مقابل تطليقي. وقبلت ذلك لأنه لم يكن بإمكاني أن أتحمل العيش مع مغتصبي.
والمرجو منكم أن تتخذوا إجراء للتضامن مع نور وآلاف النساء والفتيات الأردنيات اللواتي تعانين أوضاعاً مماثلة.
وبالنظر إلى أن الاغتصاب والعنف الجنسي يؤثران على ما يقرب من بليون امرأة وفتاة على مدى حياتهن، فإن إلغاء هذا القانون من شأنه أن يضرب مثلاً حيوياً آخر على أن التغيير ممكن في المنطقة العربية، وفي سائر العالم، بالنسبة للبلاد التي توجد فيها استثناءات مماثلة. وفي كانون اول/ديسمبر ٢٠١٦، قمنا بالجمع بين المناصرين لذلك من كافة أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان واضحاً إصرارهم على وضع حد لهذه الأنواع من القوانين التي تشجع على العنف وتتسم بالتمييز.
وتلقى جهودنا الدعم من المساواة الآن، وشركائنا في “الائتلاف المدني من أجل إلغاء المادة ٣٠٨”، بتنسيق من جمعية معهد تضامن النساء الأردني، وجمعية النساء العربيات وبعض البرلمانيات القويات مثل السيدة وفاء بني مصطفي. ونرجو أن تساعدونا على الإضافة إلى التقدم المحرز من جانب البلدان مثل المغرب ومصر وإثيوبيا، التي أغلقت الثغرات المشابهة، ولبنان والبحرين، اللتين يوجد فيهما تعديلات ينتظر البت فيها. وإلغاء المادة ٣٠٨ سيجعل الأردن كذلك في حالة امتثال لالتزاماته القانونية الدولية، بما فيها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل. وفي أعقاب تقاريرنا المشتركة التي قُدّمت إلى لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة في حزيران/يونيه ٢٠١٦ وكانون ثاني/يناير ٢٠١٧، أوصت اللجنة أيضاً في ملاحظاتها الختامية الصادرة في آذار/مارس ٢٠١٧ بأن يقوم الأردن بـ “إلغاء، دون مزيد من التأخير، جميع الأحكام التمييزية المتبقية في قانون العقوبات التي تتغاضى عن العنف الجنساني ضد المرأة، ولا سيما المواد من 97 إلى 99 و 308 و 340، وضمان مقاضاة المغتصبين ومرتكبي ما يُسمّى بجرائم “الشرف” ومعاقبتهم بشكل ملائم، وعدم تمكينهم من الاستفادة من أي أحكام مخففة أو أحكام تُسقط التهم الموجَّهة لهم”.
المساواة الان