فاطمة إمام
مدونة تابوهات
تلاحقني دوائر الخوف ، أحاول أن أبتعد أو أن ألوذ بمكان امن و لكنني اكتشفت أن الخوف مازال يلاحقني .
يسكن الخوف مكان أثير في كل دوائري الاجتماعية ، فعائلتي تتعامل معي علي أنني متمردة علي التقاليد و منعزلة و مستقلة بشكل مقلق، و ترتعد عندما تسمع لبعض أفكاري و مناقشاتي . و صديقات الصغر قلقات علي مآلي و تزعجهن اختياراتي في العلاقات و القرارات. .إلا أنني أجد مرفأ امن في دائرة أصدقاء الجامعة و ما بعدها و خاصة شلتي الصغيرة ، فعلي الرغم من أننا أتينا من خلفيات مختلفة و قد لا ننتهي نهايات واحدة ، إلا أننا قررنا أن نحتفي بجمال الفسيفساء التي نكونها معا، فلكل منا لونه و جماله و أن لم نتمازج أو نتفق.
علي الرغم من الخوف الذي يلاحقني في هذه الدوائر ، إلا أنني توقعته و أتعايش معه، و أراه طبيعي نظرا لاختلاف رؤيتنا للأشياء. إلا أن الدائرة التي تزعجني و تجعلني أراجع قناعاتي هي الدائرة التي اشعر بالانتماء اليها حتي لو كنت من المغضوب عليهم فيها.
عن دائرة ناشطات حقوق المرأة و النسويات أتحدث. عذرا إن كنت فرقت بين ناشطات حقوق المرأة و النسويات و لكن البعض يعتبر لفظ” نسوية” وصمة أو مصطلح سيئ السمعة و أخريات لا ينتمون فعلا للحركة و إن كان نشاطهن مركز علي النساء. في هذه الدائرة دائما ما نتغني بالأخوية النسوية” Feminist Sisterhood” و نتخيل أننا نحمل هما مشترك و نسعي لتحقيق نهايات معا ، إلا انني دائما ما اشعر بعكس ذلك ، اري استقطابا بين المنتميات لمدارس ايدولوجية مختلفة خاصة فيما يتعلق بالنسويات صاحبات التوجه الديني و النسويات العلمانيات. ترهقني محاولاتي المستميتة ان استرضي البعض و اثبت لهم ان الاسلام الذي اؤمن به ليس اسلام المودودي او بن لادن و انني لا اشارك الاسلاميين موقفهم من المرأة . و استغرب بشدة من اندماج العلمانيات النسويات مع مبادرات عالمية تتقدمها نسويات اسلاميات عالميات و تعاطيهن معهن و احتفائهن بنسويات إسلاميات الا انهن في الداخل لا تتقبلن بنات جلدتهن اللاتي تحمل نفس المبادئ. أتذكر جيدا محاكم التفتيش التي عقدت لي و ان كانت صامتة لانني ارتدي غطاء للرأس أو لأنني أقول قولا مختلفا عما يقلن و ما زلت اشعر بارتيابهم و شكهن في توجهاتي.
أضف إلي دور التوجهات الايدولوجية في استبعادي من هذه الدائرة دور آخر و هو عامل السن و الخبرة ، فكوني لم انشأ في مجتمعات النسويات و خاصة اليسار و أنني لم انتمي إلي أي من مؤسساتهن و لا أشاركهن خطاباتهن القومية و أنني آثرت السلامة و بدأ أتلمس خطاي مع مجموعة من زملائي بعيدأ عن رعاية الكبيرات. ، يجعلني دائما ما اشعر أني قيد الانتقاد و انني في اختبار دائم، فانا لم العب الدور المنوط بالشابات ، فقط آلات تنفيذ و السنة تنطق بلغات غير العربية للتعامل مع الممولين و لكن ليس لنا أي مكان في دوائر تخطيط استراتجيات العمل و اتخاذ القرار .هالني الخوف عندما رأيت بعيني تعامل بعض المؤسسات مع الشابات اللاتي تتجه لعمل اخر في جهة افضل، فهؤلاء الشابات اصول للمؤسسة لا يصح لهم اتخاذ طريق سوي ما تحتاره المؤسسة، خاصة مع الاخذ بعين الاعتبار بيئة العمل الغير ودودة في العديد من مؤسسات المجتمع المدني و خاصة فيما يتعلق بالمرتبات و الوضع المالي.
مازالت تقبع في ذاكرتي ذكري أول مؤتمر تمويل إقليمي احضره و يا لها من ذكري أليمة و قد كان هذا المؤتمر منظم بحيث يتيح للنسويات الشابات الالتقاء يوما قبل بدء المؤتمر للمناقشة و تبادل الآراء ، لم اعتد إن اخشي الحديث في الفاعليات العامة الا ان رهبة سكنتني طوال فعاليات المؤتمر و استغرقت وقتا طويلا احسب حساباتي و اراجع مواقفي قبل حتي البوح بها ، فانا بلا ضهر ، لن يوجد من يتولي أمري و يدافع عن افكاري علي عكس باقي زميلاتي الشابات اللاتي اتين جميع محملات بمباركات مؤسساتهن الراعية.
ما زال الخوف يسكنني، ما هي خطوتي القادمة ، علي أي اساس اختار قضاياي و كيف اختار معاركي
ملحوظة : استوحيت فكرة التدوينة من الكتب الرائع لدكتور نصر حامد ابو زيد ” دوائر الخوف”.