تمتلك إرادة حديدية استطاعت بها أن تحقق كثير من الإنجازات، شابة ثلاثينية تعانى من الإعاقة البصرية، ترى بقلبها كل شئ واستطاعت أن تحقق ما لا يستطيع كثيرين تحقيقه، إنها سيلفيا جوزيف.
عانت سيلفيا من ضعف البصر منذ الصغر، ورغم ذلك استطاعت أن تصل للعديد من الإنجازات، منها تعيينها بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وحصولها على منحة خارجية وأيضا حصولها على الماجستير من الولايات المتحدة بتقدير امتياز.
«منذ طفولتي أعاني من ضعف بصر بسبب الجيليكوما وقمت بإجراء عديد من العمليات، ولكن استمر البصر فى الضعف حتى وصل الأمر إلى أن أصبحت “legally blind” في المرحلة الثانية الجامعية” هكذا تقول سيلفيا.
وتابعت: في تصريحات خاصة لـ “اليوم السابع” :”رغم ضعف البصر فقد التحقت بمدرسة لغات عادية واستطاعت أن اتفوق في الدراسة مما جعل زملائي ومعلميني بالمدرسة أن يتعجبوا، ولكن كان تكلفة هذا التفوق باهظة لأني كنت أقضي وقت كبير فى المذاكرة ولكن كانت أسرتي داعم أساسي في نجاحي وتفوقى”.
سيليفا أوضحت أنها بعد أن حصلت على الثانوية العامة عام 2003 بمجموع 96.5%، والتحقت بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية دون اقتناع شخصى، تضيف “لم أقضى بها فترة كبيرة لأنها كانت نتاج تأثير المحيطين بي وبعدها تقدمت بطلب للالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، وشعرت بأول حالة تمييز فى حياتى حينما أخبرتني وكيلة الكلية إننى لا استطيع أن أحقق النجاح، نظرا لصعوبة المواد ولكني أصررت والتحقت بالكلية”.
“أنهيت العام الأول، وأنا الأولى على دفعتى وهذه كانت مفاجأة للجميع ولي أنا شخصيا” تقول سيلفيبا، وتوضح: “حاول البعض أن يضع العقبات أمامي حتى وصل الأمر إلى أن رفضت الكلية في البداية أن يتم توفير شخص لي للكتابة والقراءة فى الامتحانات وتخرجت من الكلية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف والخامسة على دفعتى”.
وأضافت أن “حصولى على المركز الخامس يؤهلني للتعيين، كمعيدة بالكلية، وأخبرت من الكلية بأنه لا يمكن أن أصبح معيدة نظرا، لأنى كفيفة، ولن استطيع القيام بمهام وظيفتى، ولم تحدث في تاريخ الكلية، وقتها شعرت بأول مرة بالظلم فى حياتي”.
“فتوى مجلس الدولة أجازت تعيينى بالكلية بعدما أحالت الجامعة الأمر إليها للبت فيه، خاصة أنني حصلت على تقدير امتياز بشكل عام وفي مادة التخصص”، تقول سيلفيا، وتوضح أنه في عام 2006 حصلت على منحة من مؤسسة أمريكية “Academy for Educational Development” للالتحاق بمركز تأهيل المكفوفين بولاية كلورادو، وهذه الخطوة كانت نقطة تحول في حياتها، وتوضح أنها تعلمت وقتها مهارات عديدة، مثل استخدام الكمبيوتر، عن طريق البرامج القارئة للشاشة، واستخدام العصا البيضاء، والكتابة والقراءة بطريقة برايل وقضاء بعض أعمال المنزل بنفسي و«من هنا ذادت ثقتي بنفسي لأنني أيقنت أننى استطيع القيام بكل شيء”.
وأضافت أنه فى عام 2009 حصلت على منحة من مؤسسة “Sawiris Foundation” للحصول على الماجستير من جامعة “George Mason University” وحصلت على الماجستير بتقدير امتياز, “GPA = 4.0”, فى التعليم مع التركيز على “Assistive Technology” وهي التكنولوجيا المساعدة التي يستخدمها «ذوي الإعاقة» للتعامل مع جميع الأجهزة التكنولوجية.
وأوضحت أنها عملت في الولايات المتحدة كمدرسة تكنولوجيا مساعدة “Assistive Technology Instructor” في مركز تأهيل للمكفوفين في ولاية Maryland لمدة عامين. وكانت مهام عملها تتضمن تدريس المكفوفين كيفية استخدام الكمبيوتر والعديد من تطبيقاته على نظامي التشغيل Windows و Macintosh وكذلك استخدام iPhone والكثير من الأجهزة الأخرى.
وتقول:”أود أن أوجه رسالة لأي شخص ذوى إعاقة أنت في نظر الله شخص له قيمة كبيرة ومحبوب وحياتك لها قيمة ولا تستسلم لشعور الشفقة على الذات فإن هذا طريق يؤدى إلى اليأس والفشل، لا تخجل من التعبير عن احتياجاتك ومشاعرك للآخرين”.
ووجهت رسالة إلى الأسر التى لديها شخص ذوى إعاقة، قائلة: “الأشخاص ذوى الإعاقة، طبيعيين، لهم نفس الاحتياجات والطموحات مثلكم تماما, والإعاقة ليست مركز شخصيتهم”.
وأضافت أن ذوى الإعاقة ليسوا مماثلين لبعضهم البعض، بل هم عينة عشوائية من المجتمع، مطالبة بالتعامل معهم بمحبة واهتمام حقيقى وقبول وقدر من الصبر.
وطالبت بألا يتم تجاهل وجود الشخص ذوى الإعاقة، بل “وجّه كلامك وأسئلتك لهم مباشرة وليس إلى من يصطحبه”.
وأضافت: “لا تفرض مساعدتك عليه، ولا تتضايق إذا رفض مساعدتك فهو إنسان وله خصوصيته، إذا كنت تتعامل مع شخص كفيف فاحرص على أن تتحدث إليه وتصف ما ترى بقدر المستطاع، ومن فضلك تجنب استخدام الإشارات الصامتة للتحدث عن الكفيف مع الآخرين فى حضوره”.
اليوم السابع