سعاد عبد الرسول
المعرفة قوة..فهل تُمنح المرأة فى مصر تلك القوة..؟ تظل المرأة العربية حالة خاصة فهى لم تتخلص بعد من وطئة نوعها “كأنثى” الذنب الذى بات يأرقها دون ان تقترفه ،مهما ارتقت علميا وأدبيا وانسانيا ،فهى لا تزال تعانى من التمييز والا ما كانت بحاجة للنداء بالمساواه وانشاء جمعيات تطالب ليل نهار بحقوقها وانسانيتها.التعليم الجامعى للمرأة يضعها بين شقى رحى ، فهى بين الرغبة فى التحقق مقابل التهميش والاستعلاء المتعمد من الرجل وربما المجتمع كله.
زينب فتاة تحمل ملامح مصرية شديدة الخصوصية وحضور من نوع خاص، متفوقة ،مثقفة، أنيقة ،وموهوبة أيضا ،بمجرد ان تراها تلمح ذكائها وقدرتها على التواصل بل والاقتحام ترتيبها السادس فى اسرة مصرية متوسطة الحال وتسكن أحد الاحياء الشعبية بالقاهرة
تعتبر نموذج لبنات جيلها، تخرجت فى كلية الفنون الجميلة ،تفوقت على أقرانها وبالرغم من ذلك لم تحصل على حقها فى التعيين بأمر من رئيس القسم بدعوى انها امرأه سوف تتزوج وتنجب وسيأثر ذلك بطبيعة الحال على ادائها الوظيفى، على الرغم من ان القانون يكفل لها ذلك الحق تماما،لكن كما قالت ” القانون اللى فى الكتب غير قانون الحياة”
وتؤكد انها لم تندهش فهى تشعر بالتمييز منذ ان كانت صغيرة فكانت تأمرها امها بخدمة اخيها لانه “ذكر” وكأن الام تتحد مع جلادها بشكل غير واعى ،وايضا شعرت بنفس الاحساس حينما كانت تلميذة فى المدرسة الابتدائية المشتركة فكانت لها رغبة تتكرر كل يوم مع طابور الصباح وهى تحية العلم فتقول كانوا لا يسمحون لى بأداء تحية العلم لأنى بنت كنت اتسآل “هو الولد احسن منى فأيه هو مصرى وانا هندية مثلا .. دانا مصرية اكتر منه”.
فتؤكد انها عاشت رحلة التمييز هذه منذ زمن ،واستمر التمييز بعد التخرج ففى العمل يفضلون الرجال حتى لو كان العمل يعتمد على الموهبة والمجهود العقلى وليس البدنى وتشير مازحة ” فكرت انى اتخلص من جهازى التناسلى اللى انا شيلاه ذنب على ضهرى طول العمر “.سوق العمل فى مصر يفضل الرجل ،اما ان تتجه لاعمال تعتمد على كونها انثى وهى اعمال لا تتعدى السكرتارية وما شبه ذلك .
الاسرة المصرية تعتنى بالفتاه وتهذيبها اكثر بكثير من الولد بإعتبار ان الانثى لو لم تُربى وتُقوم من الممكن ان تجلب العار اما الرجل فهو..رجل وأكسر للبنت ضلع يطلعلها اربعة وعشرين.ومن الامثلة البارزة على التزام الفتاة فى مصر هو انه ولسنوات طويلة غالبية أوائل الثانوية العامة من الفتيات ومع ذلك ففرصة البنت المصرية الجامعية فى الزواج اقل بكثير من الغير جامعية لانها توضع بين اختيارين كلاهما مُر اما يرفضها الرجل لخوفه من وعيها واستقلالها المادى فيفضلها اكثر بسيطة ومحدودة وتابعة وهذا سبب من اهم اسباب ارتفاع سن الزواج “العنوسة” فى شريحة الفتيات اصحاب المؤهلات العليا.
اما ان تقبل الزواج وفى المقابل تتنازل عن حلمها فى التحقق تحت شعار” فى الآخر ملهاش غير بيتها وجوزها” فيصبح الزواج مقبرة احلامها ،اما الفتاة التى تحاول ان تتحقق كأمرأة عاملة وفى نفس الوقت تمارس حقها فى الزواج والامومة فتتحمل العبء كاملا كإمرأة عاملة وزوجة وام ،وترتفع نسبة الطلاق فى هذه الحالة لانها تتعرض لضغوط خارجية من العمل وأخرى داخلية من زوج يغار ويخاف من نجاح زوجته او استقلالها المادى وهذا لا يتناسب مع وعيها ومساحة الحرية والقوة التى انتزعتها من مجتمع شرقى ذكورى له تاريخ قاسى وممارسات ظالمة للمرأة،ولذلك فالبعض يفضلونها غبية الا من رحم ربى .