يتوافق موقف فاطمة المرنيسي مع نظرة سياسية وثقافية مستنيرة. الذين دعموها وشجعوها هم الرجال وليس النساء: “ليس لدينا مشكلة مع الرجل. نحن لسنا أعداء. نطالب بأن نكون جنبا إلى جنب مع الرجل! لأننا نعيش في مجتمع تُهيمن عليه ثقافة الفصل بين الجنسين. الرجل يعيش في عالم، والمرأة تعيش في عالم آخر مختلف جداً”.
في مسيرتها الإبداعية الأخيرة حين تحررت من القيود الأكاديمية، كما قالت ذات مرة، بدأ عملها يأخذ منحى آخر. “في الماضي أردت أن أفرض نفسي من خلال التفكير العقلاني، على الرغم من أنني كنت أحب أن أكون مثل المطربة أسمهان. وكنت أحسد النساء اللواتي يكتبن الروايات.
بدأ هذا مع كتابها “الحريم داخلنا”، حيث تروي قصص ذاتية: “عندما كنت طفلا كان حلمي أن أصبح مهرجة أو ممثلة، لكن العائلة لم تسمح بذلك. كانوا يقولون: لأ فاطمة، عليك أن تصبحي معلمة أو طبيبة أو محامية”.
نقد للتصورات الغربية عن الحريم
لم يقتصر نقد فاطمة المرنيسي فقط للعالم الإسلامي، ولكنها انتقدت أيضا موقف العالم الغربي حول المرأة في الإسلام. ففي كتابها “شهرزاد ترحل إلى الغرب “، الذي صدر بالألمانية بعنوان: “الحريم، الخيال الغربي – الواقع الشرقي”، أوضحت أن أفكار الثقافة الغربية عن الحريم ليس لها علاقة بالحريم الذي تعرفه ولايوجد بينهما أي علاقة مشتركة. الحريم هو أي شيء ماعدا أن يكون ماخوراً. فهو ببساطة جزء من المنزل، الذي لا يسمح للرجال دخوله.
لأول مرة تؤلف كتاب موجه إلى الغرب. هذا ليس بالأمر السهل، كما قالت: “اعتاد الناس في الغرب أن يكتبوا حولنا. لقد خلقوا صورة نمطية عنا. ألفت هذا الكتاب للكشف عن الفرق بين نظرتين مختلفتين لدى الرجل الغربي والشرقي”.
يجد العديد من الرجال في العالم الغربي في كلمة “الحريم” شيئا مسليا. هذا ما توصلت إليه فاطمة المرنيسي. تُطلق كلمة حريم العنان لخيالهم: “يبدأ الرجال بالحلم بالحفلات الخلاعية. بالنسبة لهم الحريم مكان الإثارة الجنسية، فالرجال محاطون باستمرار بالنساء العاريات أو شبه العاريات، ويسود الصفاء والمتعة الأبدية. أيضاً النساء في الغرب يعتقدن بذلك”.
تمكث مشكلة المرأة العربية اليوم بالنسبة لفاطمة المرنيسي ليس في الحريم، وإنما في عدم وجود خبرة مع الديمقراطية والمساواة بين النساء والرجال. من أجل ذلك كرست حياتها في النضال بالكلمة. بموتها خسر العالم العربي مفكرة إنسانية تنويرية.