كتبت :سارة هنري
شاركت السيدة ميشيل باتشيليت، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للنساء في مؤتمر “النساء والتحول الديمقراطي في الدول العربية” بتونس. وقد بدأت السيدة باتشيليت كلمتها في المؤتمر يوم 17 يونيو 2011 بالإشادة بكل النساء اللائي وقفن جانباً إلى جنب مع الرجال للمطالبة بالديمقراطية، وهو الفعل الجسور الذي أُطلق عليه “الربيع العربي”. ولقد أثبتت المسيرات المختلفة في شوارع تونس وصنعاء ودمشق والقاهرة وطرابلس أن الديمقراطية لا تتحقق بدون المساواة في الحقوق والعدالة للجميع. وقد حان الوقت في تونس أن تتحول تلك المطالب إلى سياسات وممارسة فعلية.
كما ذكرت باتشيليت أنه في جميع أنحاء العالم لا يؤدي التغيير الهائل في نظم الحكم بالضرورة إلى احترام حقوق النساء.
أما عن خبرة شيلي في التحول الديمقراطي، فتؤكد باتشيليت أنه يتعين على كل دولة أن تجد الطريق المناسب لها، حيث أن مواقف الدول ليست متطابقة و قد اتخذت شيلي بعض الخيارات التي كانت لها نتائج هامة، ويمكن لتونس والدول العربية أن يحددوا ما يناسبهم منها.
كان أول ما قام الشيليون به هو توحيد كل مناصري الديمقراطية حول رؤية وطريق مشتركين. فالانقسام بين مناصري الديمقراطية يقوي من موقف معارضيها. واتحدت القوى المعارضة للسلطة للمطالبة بالديمقراطية عام 1984. ولم يكن ذلك بالأمر السهل، فقد عقدت آلاف الاجتماعات السياسية والندوات. فعملية تشكيل حكم ديمقراطي تتطلب قيادة سياسية مؤثرة.
و في شيلي، تزامن التحول الديمقراطي مع النمو الإقتصادي، وكان شعارهم “النمو مع الإنصاف”. ولكن الوضع العالمي مختلف الآن، حيث تردت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
أثناء فترة رئاسة السيدة ميشيل باتشيليت، جعلت العدالة الاجتماعية أولوية، وقُدمت مجموعة كبيرة من السياسات الاجتماعية الخاصة بالنوع الاجتماعي، من أهمها الإصلاح في نظام المعاشات، وهو ما يضمن للنساء والرجال الأمن المادي في السن المتقدم. وشكلت النساء 65% من المستفيدين من تلك المعاشات.
كما تضاعف عدد الحضانات المجانية للأطفال وخاصةً للأسر الفقيرة. وبالتالي زادت نسبة مساهمة النساء في القوة العاملة بنسبة 41%. وقامت الحكومة بإصلاحات واسعة في التعليم لخلق نظام حديث يوفر الدعم للطلبة الفقراء.
هذا بالإضافة إلى الإصلاح القانوني، فقد تم تعديل قانون العقوبات ليجرّم العنف ضد المرأة. كما اعتُمد قانون المساواة في الأجور بالاجماع في البرلمان.
أما في حالة كل من مصر وتونس، ستواجه الدولتان صعوبات اقتصادية أكبر خاصة مع انخفاض نسبة العوائد من السياحة. ولكن المهم هو أن تربط الحكومات الانتقالية بين التعافي الإقتصادي والعدالة الاجتماعية منذ البداية.
وقد اتخذت تونس خطوة هامة لتعزيز حقوق النساء بها، حيث تبنت قانوناً جديداً للانتخاب يأخذ بعين الاعتبار مبدأي المناصفة والقوائم الانتخابية النسبية البديلة لتكريس التمثيل السياسي المتساوي للرجال والنساء. وبذلك يقدم التونسيون مثالاً يحتذى به لسائر دول العالم، حيث يشكل التمثيل الهزيل للنساء في المؤسسات السياسية المنتخبة ظاهرة عالمية. كما يتوجب علينا أن نتخلص من الصور النمطية التي تجعل الناخبين يعزفوا عن التصويت للنساء.
ومن خلال دعمها للنساء في الكثير من دول العالم، توصلت منظمة الأمم المتحدة للنساء إلى 4 مبادئ رئيسية لتحديد تواجد النساء في عملية بناء ديمقراطية تقوم على المساواة.
أولاً، ضمان انتخابات حرة وعادلة للنساء وكذلك للرجال.
ثانياً، دعم منظمات المجتمع المدني والمنظمات الشعبية التي تعمل على تعزيز أولويات ومصالح النساء.
ثالثاً، بناء طرق للمسائلة حول الالتزام باحترام حقوق المرأة في المؤسسات العامة الناشئة.
رابعاً، دعم النساء السياسيات لتوسيع نطاق تأثيرهن في المجتمع.
ومازال أمامنا طريقاً طويلاً لتحقيق المشاركة السياسية للنساء في جيع أنحاء العالم. فتشكل النساء أقل من 20% من أعضاء البرلمان، وأقل من 5% من الوزراء في العالم. وتحظي مجهودات الحركات النسائية في المنطقة بتأييد منظمة الأمم المتحدة للنساء ونظام الأمم المتحدة من أجل التوصل لأولويات النساء من أجل تحقيق العدل والمساواة.