د. نادية عبد الوهاب تحكي عن أسلوب حياة لشيخوخة ناجحة
كبر السن/ الشيخوخة/ الأعمار مرحلة يمر بها الرجال و النساء. وينبغي علينا أن نحضر أنفسنا لها بالشكل الذي يسمح لنا أن نعيشها فى أفضل حال جسديا ونفسيا و أن نحافظ على استقلاليتنا و نبقى قادرين على التفاعل مع مجتمعاتنا. لقد عرّفت منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها “حالة من الرفاهة البدني والعقلي والاجتماعي” ولكن هذا التعريف غير مستقر تماما بالأذهان حيث أن الصحة عند الكثيرين منا هي خلونا من الأمراض فقط .
أننا نتحدث فى هذا الكتاب عن الصحة بمفهومها الإيجابي الشامل المسبق لا نستعرض الجديد في طب المسنين ولكن المشكلات الحياتية التي قد نعاني منها في أعمارنا ونحاول أن نتعرض لبعض أساليب الوقاية وكيفية التعامل مع المشكلات حال حدوثها. ولأننا نتحدث عن الصحة وليس عن الأمراض لذلك سنلقي الضوء على الخبرات البشرية لا الطبية في التعامل مع هذه المشكلات. ورغم ازدياد معدلات الأمراض عند كبار السن إلا أن المرض والعجز ليسا ظاهرة مرتبطة بالأعمار حتماً . ويمكننا أن نعيش شيخوخة ناجحة لو أحسنّا الاستعداد لهذه الفترة منذ شبابنا المبكر.
لماذا يتوجه هذا الكتاب للنساء؟
رغم أننا نتحدث عن صحة المسنين بشكل عام إلا إننا نشدد على قضايا النساء الصحية كشريحة خاصة داخل هذة المرحلة العمرية. إن المظاهر البيولوجية لكبر السن تتقارب لدى الجنسين, إلا أن هناك اختلافات بينهما يرجع بعضها للتوقعات و الأدوار التي يرسمها المجتمع لكل منهما. و لا يمكننا كنساء أن ننكر القلق الذى يتملكنا ونحن نلحظ خطوط الزمن على وجوهنا و أجسادنا . وبينما يباهى الرجال بوقار الشيب, نهرع نحن لإخفائه قبل أن يلحظ . إننا نحتاج لإعادة التفكير فى أنفسنا ليس كأجساد خالدة الجمال ولكن ككائنات لها عقول وأرواح وأجساد نشطة قادرة على العطاء و الأخذ, وإضافة الكثير من البهجة للآخرين خلال تفاعلنا معا فى كل مراحل عمرنا.
إن متوسط عمر النساء أعلى من عمر الرجال فى العالم أجمع . والمتوقع أن يقضي أعواما مديدة في هذه المرحلة العمرية . والكثيرات منا الاتى قضين صباهن فى كد و نشاط و رعاية لأفراد أسرهن , يرغبن أن يعشن مستقلات, و ألا يكن عالة على أحد. علينا أذا علينا التزود بكل النصائح و التدابير الوقائية التى تبقينا فى أفضل صحة. علينا أيضا ان نحاول توفير الموارد التى نحتاجها لتخطى هذه المرحلة من العمر بأمان. أننا نطلق دعوة لتغيير أفكارنا كنساء حول الأعمار إذ نطمح أن يستمر نشاطنا وعافيتنا حتى نهاية عمرنا إن رعاية المسنين غير القادرين أو المرضى_ إناثا وذكورا_ هي مهمة مازالت ملقاة علي عاتق النساء بالأساس سواء في الأسرة حيث تفرض علينا قيمنا الاجتماعية أن تقوم الزوجة , الابنة ، الأخت ، أو زوجة الابن بهذا العمل,أو في المهن الطبية والاجتماعية حيث تشغل النساء الوظائف التمريضية والرعائية في الغالب
.إثناء قيامنا بهذا الدور نحتاج ان نعرف ماذا نواجه من مشكلات؟ و كيف يمكننا التعامل معها؟ و كيف نساعد المسنين الذين نرعاهم أن يعيشوا حياة نشطة متفاعلة رغم أي قصور أو نقص في قواهم الجسدية أو العقلية؟ كما إننا كراعيات للمسنين نحتاج أيضا أن نعرف كيف نحمى أنفسنا من ألإجهاد الذي ينتج من عبئ الرعاية لنستطيع الاستمرار في مهمتنا النبيلة بكفاءة.
قد يبدو الكتاب للبعض منا متشائما للوهلة الأولى حيث نذكر العديد من المشكلات و الأمراض التي قد تحدث للمسنين.ولكن التفاؤل لا ينتج من إنكار المشكلات بل من فهمها ومعرفة كيف نتخطاها أيضا من اكتشاف الجوانب الإيجابية التي ترتبط بهذه المرحلة العمرية ككل مراحل العمر الأخرى.
لقد ثبت أن اللغة غير محايدة ولدى علماء اللغويات الآن أبحاثاً لاكتشاف انحياز اللغات المختلفة والمرتبطة بالانحيازات الاجتماعية . كما أن هناك تدابير تتخذ لمواجهة هذا الانحياز على المستوى العالمي . فكثير من اللغات ومنها اللغة العربية تتحدث عن الرجل حين تقصد البشر رجالا ونساء لذا أرجو المعذرة لو كانت كتابتي لم تتمكن أحيانا من الخروج على هذا الانحياز خاصة حين أتحدث عن قضايا المسنين رجالا
ونساءً .
إننا نسعى في هذا الكتاب لفهم القضايا المرتبطة بالأعمار ,و كيف يمكننا التمتع بصحة جيدة في أعمارنا و تقليل الآثار التي يحدثها الزمن على أجسادنا ونفوسنا؟ وكيف نستمر في التكيف مع مجتمعاتنا والتفاعل مع كل محيطنا؟ إننا نحتاج لتغيير مفاهيمنا السلبية الناتجة عن القلق وعدم الثقة بالمستقبل وبالعالم المحيط ، ولن يحدث هذا التغيير إلا من خلال فهم قضية الشيخوخة وإتخاذ الترتيبات المناسبة حتى لاتقل فاعليتنا مع تقدم العمر.