اعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مؤسسة مهارات، ومركز الخليج لحقوق الإنسان بالتعاون مع شبكة “آيفكس” عن الناشطة المدنية وداد حلواني من لبنان كمدافعٍ عن حقوق الإنسان وحرية التعبير لشهر ايلول/سبتمبر2017، ضمن حملة “دعم مدافعي حقوق الإنسان وحرية التعبير”.
أن وداد حلواني هي ناشطة مدنية عملت على قضيةالمفقودين والمخفيين قسراً خلال الحرب الاهلية منذ ما يقارب الثلاثة عقود، وترأس حالياً “لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان”. ولدت حلواني في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، والتحقت بكلية الآداب ببيروت، وانتقلت بعد سنتين إلى كلية التربية في العام 1971. وفي العام 1982 اختطف زوجهاعدنان حلواني من بيتهما في رأس النبع- بيروت وما زال مصيره مجهولاً حتى الآن. ومن حينها اقامت الدنيا ولم تقعدها، ولم تهدأ في المطالبة بمعرفة مصيره ولا تزال مستمرة حتى اليوم.
بدأت حلواني تحركها بإعلان وضعته في الإذاعة دعت فيه اهالي المخطوفين الى لقاء تعارف في العام 1982، وبعد نجاح اللقاء اسست جمعية “لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان”، حيث ضمت أهالي هؤلاء الضحايا الذين كان عددهم يزداد يوماً بعد يوم خلال سنوات الحرب. لقد تشكّلت هذه اللجنة جلّها من النساء اللائي هن أمهاتوزوجاتوأخوات،وأولاد هؤلاء الذين ُخطفوا أو ُفقدوا خلال الحرب.
لقد نجحت حلواني من خلال هذه الجمعية في توحيد عدد كبير من الأهالي ضمن هذا الإطار، بالرغم من تنوع انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والمناطقية والفكرية، ومن تعدد الجهات المسؤولة عن خطف أولادهم. لقد استطاعت “لجنة اهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان”، من خلال حملات الضغط وحملات المطالبة من تحويل حالات الخطف الإفرادية الى قضية وطنية وإبقائها حية حتى اليوم.
بعد ان وضعت الحرب أوزارها كان التعاطي الرسمي مع ملف المخطوفين أشبه بمسرحيّة هزلية بحسب حلواني، توّجها تقرير صدر عام 2000 عن لجنة شُكّلت “لتقصّي الحقائق”. أعلنت السلطات اللبنانية في تقريرها أنها لم تجد مفقودين أحياء، بل مقابر جماعية منها في مدافن مار متر، والتحويطة، ومدافن الشهداء في حرج بيروت وفي البحر.
تتذكر وداد كيف راحت يومها تلملم الأمهات من غرف الطوارئ في المستشفيات، تمسح دموع تلك، وتربّت على كتف الأخرى. “اعتقدت الجهات الرسمية أنّها بذلك التقرير، تكون قد اشترت صمتنا، لكنّها نسيت أنّه حين يموت انسان لا تتبخر جثّته… لو صدر ذلك التقرير المتخاذل في أي دولة أخرى غير لبنان، لكانت التظاهرات اجتاحت الشوارع حيث نستعيد هنا تجارب مماثلة في أميركا اللاتينية والبوسنة وأوروبا الخارجة من حربين عالميتين.” وأضافت قائلةً،”المهم أن ذلك التقرير كان حلقةً من سلسلة طويلة من المماطلات، بين لجان رسمية وقوانين ووعود فارغة.”
خاضت حلواني عدة مواجهات مع السلطات اللبنانية أبرزها في العام 1995 بعد إصدار قانون “الأصول الواجب اتباعها لإثبات وفاة المفقودين” والذي يسمح لأهل المفقود إشهار وفاته في المحاكم الروحيّة. وفي خطوة مفصليّة ضمن تحركها، رفعت اللجنة في العام 2009 دعوتين قضائيتين أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، بهدف التأكد من وجود مقابر جماعيّة في أملاك مطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت، وجمعيّة المقاصد الإسلاميّة، تمهيداً لتحديد مكانها، وتأمين حراستها.
في العام 2014 أصدر مجلس شورى الدولة قراراً غير قابل للطعن أو المراجعة في الطعن، يعطي الحق في الاطلاع على “كامل التحقيقات” التي قامت بها لجنة التحقيق المشّكلة عام 2000 للاستقصاء عن مصير جميع المفقودين والمخطوفين اللبنانيين.لقد جاء القرار الذي يطال جميع المفقودين والمخطوفين سواء من هم في لبنان او في سوريا، بناءاً على الطلب الذي قدمته “لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان”، و”جمعية دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين ـ سوليد” في عام 2009.
اعتبر هذا القرار نجاحاً لنضال حلواني واهالي المفقودين والمخفيين قسراً خلال الحرب الاهلية، اذ انه كرّس حق الوصول الى المعلومات والشفافية التي تساعد في الكشف عن مصير آلاف المفقودين اللبنانيين خلال الحرب الأهلية، كما يعتبر فريداً من نوعه لجهة التزامه بشرعة حقوق الانسان من خلال التأكيد على حق الاهل في معرفة مصير ابنائهم، وحجب مثل هذه المعلومات يعتبر نوعاً من “ممارسة التعذيب ضد الاهل”.
تعتبر حلواني ان النضال في هذه القضية يشكل دفاعاً عن حقوق الانسان في لبنان، وحمايةً لحرية التعبير، ويعمل على حفظكرامة الاهالي وحقهم في العيش ضمن أسرة مستقرة. كما تؤكد حلواني على اهمية مطلبين أساسيين بالنسبة لأهالي المفقودين والمخفيين وهما، استحداث هيئة وطنية لكشف مصير ضحايا الإخفاء القسري، وكذلك إنشاء قاعدة معلومات للحامض النووي، من خلال حفظ العينات البيلوجية للأهالي وهو ما يتم منذ سنة تقريباً، اذ قامت بعثة الصليب الاحمر الدولي بحفظ عينات بيلوجية للاهالي وانشاء قاعدة بيانات ومعلومات حول المفقودين والمخفيين قسراً، من اجل ان لا تبدأ الهيئة الوطنية من الصفر في حال تشكيلها. ان هذا يمثل حلاًمؤسساتياً وعلمياً للقضية بحسب حلواني كما انه يشكل الحد الادنى المقبول بالنسبة للأهالي.وتضيف حلواني “نحن لا نطالب بمحاسبة عن الماضي، لكن نضالنا يأتي من اجل حقنا في ان نعرف مصير احبائنا.”
و قبل اختيار حلواني، كان الاختيار قد وقع ضمن حملة “دعم مدافعي حقوق الإنسان وحرية التعبير”، التي انطلقت في شهر شباط/فبراير الماضي- على المدافعة عن حقوق الإنسان البارزة والصحفية التونسية الشجاعة نزيهة رجيبة(أم زياد) لشهر فبراير/شباط، ثم أُختير المدافع عن حقوق الإنسان و المدون البارز أحمد منصور من الإمارات العربية الذي تم اعتقاله تعسفياً كمدافعٍ عن حقوق الإنسان وحرية التعبير لشهر مارس/آذار، أعقبهم كلٍ من، المحامي الحقوقي البارز جمال عيد من مصر العربية لشهر أبريل/ نيسان، والمدافعة الحقوقية البارزة هناء أدور من العراق لشهر مايو/أيار، والصحفيين الثلاثة في جريدة الزمن العُمانية إبراهيم المعمري، يوسف الحاج، وزاهر العبري كمدافعين عن حقوق الإنسان وحرية التعبير لشهر يونيو/حزيران، والمدافع عن حقوق الإنسان والصحفي المغربي علي أنوزلا، لشهر يوليو/تموز، والحقوقي الفلسطيني جميل دكوار لشهر أغسطس/آب.
Gulf center for human rights