عقدت المرأة الجديدة في مقرها الجديد مائدة مستديرة عن الحماية التشريعية من جريمة تزويج الأطفال في مصر، شارك فيها المدير الإقليمي لمنظمة التعاون الأسباني في مصر وفريق من المنظمة، إلى جانب محامي مراكز المساندة القانونية التابعة للمؤسسة، وصحفيات، ومقدمي دعم نفسي وباحثات بالإضافة إلى مديرة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون وفريق من الوكالة الأسبانية في مصر.
دارت النقاشات للإجابة على تساؤلات محورية تتعلق بماهية الشكل الأمثل لمنع وتجريم تزويج القاصرات؟ وماهي الصعوبات التي تعرقل طريق رصد هذه الجريمة ومعاقبة كل من شارك فيها؟
رأى بعض المشاركين أن انعدام حرية الاختيار والتعبير عن النفس التي تفتقدها الفتيات القاصرات تمنعهن من التصدي لتلك الجريمة لنقص الوعي، والخوف من التبليغ الذي قد يورط الأهل في مسائلات قانونية أو التعرض لعقوبة، وبالتالي تأتي استغاثات الفتيات بشكل شديد السرية، لاحتمالية تعرضهن للخطر إذا اكتشف الأهل أنهن من قامو بالتبليغ، والخوف من التعرض للتهديد.
وبسبب نظام القبائل الذي يُصّعب على القانون رصد هذه الجريمة لأنها ظاهرة اجتماعية تحدث في إطارات ضيقة جدًا، مما يجعل نسبة المتزوجات القاصرات تزيد عن نسبة 45% في القرى المصرية.
ومن الأسباب الأخرى التي يتعسر معها مناهضة جريمة تزويج القاصرات هو أن تعهد الأب بعدم استكمال الزيجة ليس تدخل كافي لمنع الزواج المُبكر، لأنه في الغالب لا يلتزم بالتعهد، حتى بعد التواصل مع مجالس المدينة أو المحافظة، حيث يطالب المجلس الأب بإمضاء إقرار بعدم إتمام الزيجة، وعادةً لا يلتزم الوالد بهذا الإقرار، ويقوم بإتمام الزيجة في مكان آخر بعيدًا عن طائلة القانون.
بالإضافة إلى حرمان الزوجة من حقوقها في النفقة والمتعة، وحرمان الأطفال الناتجة من هذا الزواج من معظم حقوقهم، لأن في بعض الأحيان لعدم وجود عقد موثق يثبت الزيجة، فينكر الزوج حقوق الزوجة، وفي حالة وجود أطفال ينكر أطفاله، ويتم تسجيلهم حينها للجد أو الجدة مما يؤدي لاختلاط الأنساب، فيواجه الأطفال مشاكل في التسنين والميراث ومشاكل أخرى تترتب على ذلك، أكبر من مشكلة الزواج نفسه.
يقول المدير الإقليمي”أوقات نلتقي بشباب يظنون أن الأوضاع في أوروبا أفضل من مصر ولكن هذا غير ضروري، حتى وإننا لا نواجه نفس المشكلات مثل الختان وتزويج القاصرات، ولكننا نتشابك مع مشكلات أخرى وأفعال عنف تُمارس ضد المرأة. ونحن نؤمن بأن دعم الأنشطة لخلق التوعية مهم لمساعدة المجتمع المدني والحكومة في مواجهة تلك الجريمة”
اقترح المشاركون/ المشاركات عدد من الحلول منها: معاملة تزويج القاصرات على أنها جريمة إتجار بالبشر، وتجريم الجواز العرفي لأنه يعتبر الباب الخلفي للمشكلة، ومعاقبة كل الأطراف المشاركة في إتمام تلك الجريمة. بالإضافة لضرورة تفعيل الخطوط الساخنة لنجدة الطفل بشكل أوسع ومحاولة الانتشار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بما أنه الأكثر استخدامًا وانتشارًا في وقتنا الحالي، وتوسيع صلاحيات المجلس القومي للطفولة والأمومة.
كما اقترحت صحفية في مجلة “نص الدنيا” بضرورة تجريم التسرب من التعليم. وأضافت لمياء لطفي، مديرة البرامج في مؤسسة المرأة الجديدة بضرورة وجود ثقل قانوني لردع الأهالي من تزويج أطفالهم المبكر وتخطي الفكرة المزعومة بأن ”دي بنتنا نعمل فيها اللي احنا عايزينه!” ومنع سلطة الأهل على ممارسة العنف ضد أطفالهم باسم الحماية والدفاع والتربية.
وقال ياسر سعد، محامي مراكز مساندة قانونية أن ثلاث قوانين مسؤولين عن الحد من هذه الجريمة ويجب العمل على تعديلهم وهما: قانون العقوبات، وقانون الطفل الذي يمنع الزواج بعد الـ18، وقانون الأحوال المدنية لتوثيق عقد الزواج.