تقدمت اليوم ست منظمات حقوقية مصرية ببلاغ للنائب العام لمطالبته بفتح تحقيق فوري لتحديد المسئولين عن الاعتداءات الإجرامية التي ارتكبت بحق مصريين بهائيين على مدى الأيام الماضية، تمهيداً لإحالة المسئولين
عنها إلى المحاكمة الجنائية. كما طالبت المنظمات بأن يشمل التحقيق تحديد المسئولين عن التحريض المباشر على ارتكاب هذه الجرائم لمساءلتهم جنائياً.
وقالت المنظمات الحقوقية المشاركة في هذا التحرك: “إننا نرى في هذه الاعتداءات غير المسبوقة على المواطنين البهائيين جرائم بحق المصريين جميعاً، ولن نسمح أبداً بأن يتمتع المسئولون عنها بنفس مناخ الإفلات من العقاب الذي أدى إلى اتساع نطاق ووتيرة “العنف الطائفي ضد الأقباط على مدى العقود الأربعة الماضية.”
ووفقاً للتحقيقات الأولية التي أجرتها المنظمات الحقوقية، فقد بدأت الاعتداءات في مساء يوم السبت الموافق 28 مارس في قرية الشورانية التابعة لمركز المراغة بمحافظة سوهاج، حيث تجمهر عشرات من سكان القرية خارج منازل تقيم بها أسر بهائية في القرية وقاموا بترديد هتافات من بينها (لا إله إلا الله، البهائيين أعداء الله)، ثم بدأوا في قذف هذه المنازل بالحجارة وتحطيم نوافذها ومحاولة اقتحامها. ورغم وصول قوات
الشرطة إلى القرية بعد تلقي بلاغات من ضحايا الاعتداءات، إلا أن الشرطة اكتفت بصرف المتجمهرين دون إلقاء القبض على أي من المتورطين في هذه الجرائم. وقد تكررت اعتداءات مشابهة بدرجة أقل على مدى يومي 29 و 30 مارس.
وفي يوم 31 مارس قرابة الساعة السابعة مساء تصاعدت الاعتداءات حين قام بعض سكان القرية ـ والمعروفون لدى الضحايا ـ بقذف كرات نارية وزجاجات حارقة على منازل الأسر البهائية الخمسة المقيمة في القرية، مما أدى إلى إحراقها جزئياً. وقال سكان هذه المنازل إن المعتدين قاموا بتحطيم أو تعطيل مواسير المياه المتصلة بمنازلهم لمنعهم من إطفاء النيران المشتعلة في ممتلكاتهم. كما قام المعتدون ـ وفقاً لأقوال الضحايا ـ بإتلاف محتويات المنازل التي قاموا باقتحامها وسرقة بعض الأجهزة الكهربائية والمواشي. ولم تنجم عن الاعتداءات إصابات أو خسائر في الأرواح. ودفعت هذه الاعتداءات بعض أسر البهائيين إلى الهرب من منازلهم والاختباء وسط الزراعات حتى حلول الصباح. وقد وصلت قوات الشرطة أثناء الاعتداءات وقامت بوقفها وصرف المعتدين، دون ورود أي معلومات بشأن إلقاء القبض على أي منهم.
وفي صباح اليوم الأول من إبريل أمرت الشرطة من تبقى من البهائيين من أهل القرية بمغادرتها فوراً دون السماح لهم بالعودة لمنازلهم لاصطحاب الملابس أو الأدوية أو الكتب الدراسية أو الأموال أو غيرها من المستلزمات الضرورية. وتشير المعلومات أن القرية لم يبقَ بها بهائي واحد مع حلول مساء الأربعاء الأول من إبريل.
يذكر أن الاعتداءات على البهائيين في الشورانية قد بدأت عقب عرض حلقة مسجلة من برنامج الحقيقة على قناة دريم 2 مساء السبت 28 مارس الماضي تناولت أوضاع البهائيين في مصر وظهر فيها أحد البهائيين من سكان القرية، فضلاً عن الناشطة البهائية وأستاذة طب الأسنان الدكتورة باسمة جمال موسى. وقد شارك في الحلقة جمال عبد الرحيم، الصحفي بجريدة الجمهورية المملوكة للدولة وعضو مجلس نقابة الصحفيين، والذي توجه بالحديث أثناء الحلقة المذاعة إلى الدكتورة باسمة قائلاً بالنص: “دي واحدة يجب قتلها”.
وفي يوم 31 مارس ـ قبل ساعات من إشعال النيران بمنازل البهائيين ـ نشرت جريدة الجمهورية
مقالة للصحفي جمال عبد الرحيم أشاد فيها بإقدام سكان قرية الشورانية على قذف منازل البهائيين بالحجارة على مدى الأيام السابقة، معتبراً هذه الجرائم دليلاً على أن “سكان الشورانية “من الغيورين على دينهم وعقيدتهم.
وطالبت المنظمات الحقوقية المشاركة في التحرك بأن يقوم النائب العام بالتحقيق مع الصحفي المذكور بشأن تحريضه على العنف ضد البهائيين في كل من البرنامج التلفزيوني ومقاله المنشور، وذلك بموجب المادتين 171 و172 والمتعلقتين بالتحريض العلني على ارتكاب الجنايات والجنح. وقالت المنظمات إنها اختارت ـ اتساقاً مع موقفها المبدئي المعارض لحبس الصحفيين في جرائم النشر ـ عدم توجيه الاتهام للصحفي المذكور بموجب المادة 98 (و) من قانون العقوبات التي تعاقب بالحبس الوجوبي “كل من استغل الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو الإضرار بالوحدة الوطنية”، وكذلك المادة 176 من قانون العقوبات والتي تنص أيضاً على الحبس الوجوبي لكل من “حرض على التمييز ضد طائفة من طـوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام”.”.
وطالبت المنظمات مجلس نقابة الصحفيين بالتحرك الفوري للتحقيق مع الصحفي المذكور ـ خاصة وأنه يشغل أحد مقاعد المجلس ـ بتهمة انتهاك ميثاق الشرف الصحفي الذي اعتمدته النقابة، والذي ينص على واجب الصحفي نحو “الالتزام بعدم الانحياز فى كتاباته إلى الدعوات العنصرية أو المتعصبة أو المنطوية على امتهان الاديان أو الدعوة إلى كراهيتها أو الطعن في إيمان الآخرين أو تلك الداعية إلى التمييز أو الاحتقار لأي من طوائف المجتمع”.”