خطاب مفتوح إلى أعضاء الجمعية العمومية لمجلس الدولة
جاء قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة برفض تولى المرأة منصب القضاء فى مجلس الدولة صدمة للمهتمين بمستقبل هذا الوطن، فهو لا يتعارض فحسب مع مبدأ المساواة بين الرجال والنساء المقر دستوريًا، والذى من المفترض أن القضاة هم حماته، لكنه أيضًا يوضح ضخامة المخاطر التى يتعرض لها مستقبل هذا الوطن.
باسم الديمقراطية انعقدت الجمعية العمومية لمجلس الدولة لتناقش قرار المجلس الخاص بدخول النساء إلى مجلس الدولة أسوة بالرجال، ولتنكر هذا الحق الدستورى على النساء المصريات. نفس النساء اللاتى خرجن فى المظاهرات والوقفات الاحتجاجية من أجل استقلال القضاء.
رغم تباين موقفنا فى هذه القضية مع موقف الجمعية العمومية لمجلس الدولة، إلا أننا نعلن مساندتنا الكاملة لاستقلال القضاء، وما زلنا نثق بإمكانية حل هذه الإشكالية بشكل يحمى الحقوق الدستورية للنساء، فى ضوء الملاحظات التالية:
نأمل أن تراجع الجمعية العمومية موقفها على ضوء الملاحظات التالية:
1- الحكم التاريخى لمجلس الدولة عام 1948 برئاسة الدكتور المستشار عبد الرازق السنهورى، والذى أكد فى حيثياته على عدم وجود مانع من الشريعة الإسلامية، أو الدستور أو القانون أمام تولى المرأة لمنصب القضاء. لقد حسم هذا الحكم أصل الحق الدستورى والقانونى فى تولى المرأة منصب القضاء. وقد تكرر التأكيد على هذا المبدأ فى عدد من الأحكام التالية له.
2-أحكام دستور جمهورية مصر العربية الذى تنص المادة 40 منه على مبدأ المساواة الذى يمتد ليشمل مساواة المرأة والرجل فى الحقوق والواجبات العامة ومن ضمنها تولى المرأة منصب القضاء، كما أكد الدستور فى المادة 11 منه على مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومنها حق المرأة فى العمل ومسئولية الدولة عن مساعدة المرأة فى ممارسة هذا الحق. وحيث أن محكمتنا الدستورية العليا قد استقرت على أن “نصوص الدستور متساندة ومتكاملة”، وهو ما يستوجب منا قراءة نصى المادتين سويًا، وهو ما يؤدى إلى أن الدستور الراهن يقر حق المرأة فى العمل ومساواتها مع الرجل طالما تمتعا بذات الشروط والكفاءات المطلوبة لهذا العمل .. وهو ما ينسحب بالضرورة على من يتولى منصب القضاء، فلا فارق بين الرجل والمرأة إلا فى خصوص كفاءة كل منهما فى تولى هذه الوظيفة
3- التزامات مصر الدولية، ومنها تصديق مصر على كل من العهدين الدوليين، واتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ونشرت جميعها فى الجريدة الرسمية المصرية، ومن ثم أصبحت لها قوة القانون وفقًا للمادة 151 من الدستور المصرى. وأحكامها تنسحب بالضرورة على موضوع تولى المرأة لمنصب القضاء حيث لا تمييز بينها وبين الرجل فى هذا الأمر
4- قرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية عام 2002 بفتح الباب لتعيين المرأة فى القضاء، ليحسم لحظة الموائمة التى أشار إليها حكم مجلس الدولة السابق 1948، وترك لكل هيئة قضائية تنفيذ القرار وفقًا للقانون الخاص المنظم لها، طبقًا للمادة 173 من الدستور، التى تعطيه صلاحية تنظيم الشئون المشتركة لسلطة القضاء. وهو قرار ملزم لكل الهيئات القضائية،.
لقد تعودنا من مجلس الدولة أن يكون درعاً لحريات المواطنين والوطن، وأن يكون سندًا للحقوق الدستورية والعامة: ولذا نناشدكم استخدام ذات الأساليب الديمقراطية فى إعادة مناقشة الأمر مرة أخرى بشكل موسع مع كافة الأطراف المعنية، وأن تبادر الجمعية العمومية بعقد جلسات استماع للمهتمين بهذه القضية لسماع وجهات نظرهم
صور الوقفة الإحتجاجية على قرار مجلس الدولة برفض تعيين قاضيات