عن البديل
نشر على موقع ” الأخوان المسلمون” بتاريخ 21 مارس 2011 مقال بقلم إيمان إسماعيل عنوانه ” مواصلات للبنات فقط.. مطلب مشروع”، طالبت صاحبه المقال بتخصيص مواصلات من كل الأنواع للنساء فحسب، و وجهت الدعوة للفتيات في مناطق متفرقة، أن يقمن بإعداد “يافطة” واضحة مميزة، مكتوب عليها “للبنات فقط” ليتمَّ لصقها على وسيلة الانتقال أيًّا كانت، وذلك بعد عرض الفكرة على سائقها، وأقنعة بأن تلك الفكرة لن تتسبَّب في خسارته المادية، بل من المحتمل أن تكون سببًا في تحقيق مكاسب عديدة له؛ نظرًا لاحتمال إقبال الفتيات عليها بشكل لا نظير له”، هي تقترح أن تكون البداية بوسائل المواصلات الخاصة، ثم بعد ذلك يقدم طلب لوزير النقل لتعميم الفكرة، رأت أن هذه الفكرة يمكن تحقيقها خاصة بعد “ثورة 25 يناير”، وتضمن المقال أيضا عدد من الحلول المؤقتة تقوم بها الفتيات، لحين تعميم الفكرة،وختمت المقال بعبارة ” اعلمي أن الحفاظ على حيائك أمرٌ مهمٌّ جدًّا، فلا تستهيني به أبدًا مهما كان”
ما لفت انتباهي في هذا المقال عدد من الأمور، لعل من بينها توجيه الخطاب للفتيات، وكأن هذه القضية أمر يخص النساء فحسب، وعليهن إيجاد الحلول، والقيام بتنفيذها، مستخدمة آلية الأغراء المادي ” أقناع السائق بأنه لم يخسر ماديا”، وعلى النساء تبنى هذه الدعوة أو المقترح حفاظا على الحياء!!!!!!! ، و هذا ما اختلف معه جملة وتفصيلا، فظاهرة التحرش ليست أمر يخص النساء فحسب، بل هي قضية مجتمعية أسبابها عديدة، ومتداخلة منها الأقتصادى، والسياسي، والاجتماعي، والثقافي، وبناء عليه، فطرح حلول جزئية، قائمة على فكرة عزل النساء و إقصائهن، لا تؤدى إلى حل جذري لهذه الظاهرة، بل سوف يمتد الأمر على استقامته، ونجد من يدعو لعزل النساء في أماكن العمل، والمؤسسات التعليمية، و ربما الحديث عن شوارع خاصة للنساء، وليس مستبعد أن نصل إلى ما هو أبعد، وأخطر من ذلك، نجد من يدعو بعودة النساء للمنازل، و ربما يطالبوا أيضا بعودة ” الحرملك”، خاصة والمؤشرات تتجه نحو ذلك، بفعل ممارسات وخطابات متشددة من قوى أسلامية( متروك لها الساحة لتطبيق ما تعتقده بأنه شرع الله بطرق تتسم بالعنف والبلطجة) .
ما نحتاج إليه هو حل جذري للقضاء على ظاهرة التحرش الجنسي، من خلال التصدي لهذه الظاهرة، وعدم السكوت عنها، عبر رؤية واسعة وشاملة، لوضع سياسات للحماية والوقاية من جميع أشكال العنف الجنسي ضد النساء، يشارك في صياغة هذه السياسات جميع الجهات المعنية في الحكومة و منظمات المجتمع المدني، عبر حوار مجتمعي واسع.
أما عن الحلول الوقتية الملحة الآن، فعلينا جميعا رجال ونساء البدء في عدد من الإجراءات السريعة، منها الالتزام بالصعود والهبوط من الأبواب المخصصة لذلك، والوقوف صفوف منتظمة عند شباك التذاكر، بما يساعد على سهولة الحركة داخل وسيلة المواصلات، ويحقق النظام للجميع،كما نطالب بتحسين المواصلات العامة، وزيادة معدلات التقاطر، بما يوفر مواصلات أمانة للجميع وتحفظ سلامة وخصوصية الجسد للرجال و النساء، فضلا عن مطالبة جميع مؤسسات العمل بتوفير أتوبيسات لنقل العمال والعاملات، والموظفين والموظفات، وهذا حق أقره القانون، مما يساعد على خفض الضغط على وسائل المواصلات العامة في وقت الزحام الشديد.
لا يجب أن يكون الخطاب الموجه للنساء هو دعوتهن للحرملك سواء داخل المواصلات العامة أو العمل وغيرها، ولكن لدعوتهن لكسر حاجز الصمت، والتصدي بحسم لأي محاولة للتحرش، وتدرك جيدا أنها على حق، بدلا من التصرف وكأنها في موقف ضعف.
كما اعتقد أن الحياء، ليس صفة ” نسائية”، بل صفة إنسانية، وعلى الرجال أيضا أن يتصفوا بالحياء، بما يعنى عدم التعدي، وإهانة كرامة الأخر سواء بالنظر، واللمس، والقول، يجب علينا أن نكف عن ألقاء اللوم ومحاسبة المجني عليها، ونترك الجاني، دون حساب، هذا نوع من التواطؤ، ونظره قاصرة، لا يترتب عليها إلا مزيد من الانتهاكات الأخرى للنساء.
أما عن الدرس المستفاد من ثورة 25 يناير هو أننا كنا في ميدان التحرير، رجال ونساء ، مسلمين ومسيحيين، ومع ذلك لم يقع أي حادث تحرش، و كانت روح التعاون والمساواة هي السائدة، و هذه الحالة التي تجسدت في كل ربوع مصر بحكم الفعل الثوري، علينا العمل على استمرارها، و نفكر بهذه الطريقة لحل كل مشاكلنا، بما يضمن المساواة والعدالة والحرية للجميع، دون إقصاء أو استبعاد لأحد.