مع انطلاقة بوابتنا الالكترونية تهدف السطور التالية الي التذكير بأهم القضايا التي تناولتها النشرة الورقية للمؤسسة، بكل جرأة و وضوح كسند لنا لاستكمال ما بدأناه .
حددت نشرة مؤسسة المرأة الجديدة ، في افتتاحية العدد الاول (نوفمبر 1985)، أهداف المؤسسة ورؤيتها ونوعية القضايا التي ستعمل علي مناقشتها في الاعداد القادمة، تلك “المناقشة الهادفة للمشاكل الحقيقية التي تواجه عملية تحرير المرأة من التخلف والفقر والاستغلال، وتحسين أوضاع المرأة وشروط مشاركتها داخل المجتمع، والدعوة للنظر بعين واعية للمخاطر الفعلية التي تواجه مجتمعنا عندما تهدر الطاقة البناءة لقطاعات واسعة من النساء نتيجة للمشاكل التي تواجه وجودهن الاقتصادي والاجتماعي والفكري”. هكذا تحددت ملامح النشرة منذ العدد الاول .
سعت النشرة من خلال موضوعاتها الي تحليل الواقع ومعرفتها، واعطاء الفرصة لأصوات النساء اللاتي لا يهتم بهن الاعلام الرسمي ، من عاملات، ممرضات، ريفيات، وغيرهن، فضلا عن وضع رؤية نسوية تربط قضايا النساء والنضال من أجلها ضمن سياق النضال من أجل مجتمع ديمقراطي حر ، كما لم يغب عن النشرة قناعتها بأهمية النضال من أجل قضايا نوعية خاصة بالنساء، تسير بشكل متوازي مع النضال الديمقراطي، فضلا عن تبني موقف حاسم من التيارات الرجعية سواء التي حاولت النيل من المكاسب التي حققتها النساء، وتكريس ادوارهن التقليدية، او تلك التيارات التي دعت الي تأجيل النظر في قضايا النساء بذريعة انها ستحل تلقائيا مع تطور المجتمع .
اهتمت النشرة بقضايا النساء من خلال طرح عدد من القضايا التي يمكن وضعها ضمن نطاق المحرمات المسكوت عنها، وفجرت مبكرا قضايا مثل العنف ضد النساء، والاجهاض، وتأثير التيارات الدينية المتشددة علي النساء وقضاياهن، فضلا عن رصد لانجازات النساء علي مدي عقود طويلة ، متخذة من العمل الجماعي والتنسيق بين حركات نسوية ومجموعات وقوي سياسية في المجتمع آليه للتنفيذ.
اهتمت النشرة بمجموعة من القضايا والملفات المؤثرة، منها تاريخ نضال الحركة النسوية العربية والمصرية، فردا علي احد مقالات الصحف التي رات ان ما حصلت عليه النساء ، لم يكن بالنضال والاستشهاد بل بقرارات جمهورية، فكانت مقالة عزة كامل، حول خروج النساء مبكرا للمطالبة بحقوقهن، وتبلور حركة نسوية فاعلة منذ عشرينيات القرن الماضي.
و من ملفات النشرة احتل موضوع النساء والعمل على قدر كبير من الإهتمام فمثلا كان عدد “هموم المرأة العاملة”، تناول كيفية تأثير متاعب الحياة اليومية للمرأة العاملة بشكل سلبي ، و ادعاءات الكثيرين بضرورة عودة المرأة للمنزل ، رغم وجود بعض المهن التي ترتكز علي النساء، أما عن المرأة في الحياة السياسية فقد اهتم هذا العدد من النشرة ب “المرأة في البرامج الانتخابية للاحزاب” التي شاركت في انتخابات مجلس الشعب في مايو 1984، حيث لاحظت معدة التحقيق بثينة عادل ان من بين خمسة احزاب شاركت في الانتخابات، حزبين فقط افردا قسما خاصا في برنامجيهما الانتخابيين لقضايا النساء هما حزبي التجمع و الوفد، فيما ورد ذكر المرأة عرضا في سياق الحديث عن تطبيق الشريعة الاسلامية في برنامجي العمل والاحرار.
كما تناولت النشرة مرة اخرى دراسة عن المرأة العاملة بين القهر والاستنزاف، حيث أوضحت نتائج الإستبيان على 50 عاملة أن الدافع الأساسي وراء الخروج للعمل هو الأجر، وإحساس النساء بمسؤليتهن في المشاركة باستكمال متطلبات الأسرة والمنزل ، كما تبين من الاستبيان كثرة المشاكل والمعوقات التي تعوق النساء عن انجاز العمل وزيادة كفائتها، وتحملها لمسؤولية الأطفال والعمل داخل المنزل وغيرها من الظروف الاجتماعية الصعبة، ورفضت أغلبية النساء فكرة العودة إلى المنزل كحل لمشاكلها، وضمن مطالبهن تحسين شروط العمل وظروفه
ومن ضمن المواضيع الخاصة بالعاملات ، كان الحوار مع احدي عاملات النسيج، التي قضت في عملها خمسة وعشرين عاما رغم انها لم تكمل الاربعين، وبدأت العمل منذ الطفولة، كما تابع العدد اضراب عاملات غزل المحلة ، للمطالبة بالافراج عن العمال المعتقلين؛ ورفع الاجور والبدلات.
رحبت مؤسسات المجتمع المدني بصدور العدد الاول من النشرة في مصر، وبعض الدول العربية، فضلا عن بعض المجلات والجرائد، منها جريدة “نساء” التونسية التي نشرت مقتطفات من العدد الاول مع التهنئة بصدوره.
نشرت النشرة في أحد أعدادها، بيان المرأة الفلسطينية في الارض المحتلة في يوم المرأة العالمي، واحتوى العدد على حوار مع المخرجة الفلسطينية عرب لطفي، حول تجربة المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد الاحتلال في جنوب لبنان ، تلا البيان عرض فصل من كتاب “خلف الحجاب” للكاتبة سناء المصري، التي تناولت في هذا الفصل موقف الجماعات الاسلامية من قضايا النساء مع تسليط الضوء علي الموقف التاريخي لحركة الاخوان المسلمين من الحركة النسائية.
كما تضمن العدد نفسه، دراسة حول قيمة العمل لدي المرأة المصرية المعاصرة، التي تلقت قسطا وافرا من التعليم ، وما واجهته من دعوات سلبية للعودة الي المنزل.
كما احتفى العدد برموز نسوية، هن الفنانة انجي افلاطون من خلال عرض كتابها “نحن النساء المصريات”، الذي كتب مقدمته الاستاذ عبد الرحمن الرافعي ودعى فيها إلى المساواة بين الرجل والمرأة وحق المرأة في ممارسة حقوقها المدنية والسياسية، و دولت فهمي ، إحدى عضوات حزب الوفد القديم التي قامت مع غيرها بتشكيل خلية سرية بعد نفي سعد زغلول، ونفذت الخلية عملية تفجير قنبلة داخل مبني الحكومة المصرية.
لم تغفل النشرة عن تأبين المناضلة انجي افلاطون، في ذكري الاربعين، والذي أوردته في الصفحة الأولى من عددها الرابع، كما احتوي العدد دعوة للتعاطف مع قضية رابعة مطر، التي اتهمت بقتل زوجها، بعد ان سبق وتعرضت لانواع شتي من العنف علي يديه، بداية من الضرب والاهانة وصولا للتهديد بالقتل وعقد النية علي قتلها
في اطار البحث في عمق التاريخ النسوي النقابي، استعرض المناضل النقابي طه سعد عثمان، جزءا من تاريخ الحركة النسائية داخل النقابات العمالية، وبالتحديد العاملات في صناعة الغزل والنسيج، ونجاحهن في تكوين “رابطة عاملات القطر المصري”، بعد ان عانت العاملات من عدم المساواة في أجورهن مع العمال، ولذا كان الغرض الخاص للرابطة تحقيق المساواة في الأجور بين العاملات والعمال، إلى جانب منح العاملات حق التأمين ضد المرض والبطالة.
واهتمت النشرة بتوصيل هموم مرأة الريفية فكان حوارها مع نفسها عن معاناتها من المعاملة السيئة لأهل زوجها بسبب خلفتها للبنات، ثلاثة بنات دون الولد، رغم أن زوجها لم يكن يهتم كثيراً وتحكي “قلت يارب أنا غريبة ترضيني وتديني حتة واد زي الناس اللي بترضيهم وفضلت اعيط”.
وفي عرض كتاب من صور المرأة في القصص والروايات العربية للطيفة الزيات، جاءت النساء كملكية فردية وأداة إنتاج في رواية الرباط المقدس لتوفيق الحكيم، حيث يعطي عقد الزواج حق للرجل ليعلو المرأة مقابل صيانة جسدها و إنجاب الأطفال وانتقال ملكيته إلى أبنائه من صلبه، وله بذلك حق التصرف في جسده دون زوجته.
أما المرأة الشيء، فهي نتاج آخرين غيرها،عندما تصبح تصرفاتها وأفكارها وأفعالها عبارة عن إرادة غيرها، ويتكرر ذلك في مشاهد المرأة التي تفني ذاتها من أجل زوجها ووجودها في وجوده.
وتتحدث لطيفة عن الازدواجية في مفهوم المرأة والحب والزواج، عن انقسام المرأة في القصص العربية بين الزوجة والأم والأخت والابنة والحبيبة المؤهلة للزواج، وبين المرأة المباحة للجميع، المرأة الجسد والخطيئة. ويمتلك الزوج الميسور في الغالب كلتاهما .
وهناك المرأة كبش الفداء وذلك عندما يستخدم جسد المرأة كدليل للخضوع للسيد، وعند شعور الرجل بخضوع الطبقة بامتلاك جسد المرأة منها. وأكثر صورة مشرقة للمرأة في الأدب العربي هي صورة الأم.
وثقت النشرة لمؤتمر السكان الذي عقد في القاهرة عام 1994الذي تناول قضايا إدماج البلدان ذات الأقتصاديات الانتقالية في الإقتصاد العالمي، ورفض السياسات السكانية المتطرفة في بعض دول العالم الثالث ابتداءا بالتي تفرض سياسات لتقليل النمو السكاني وتلك التي لا ترى حاجة على سياسات سكانية من الأساس، والمهاجمة التي تعرضت لها المنظمات النسائية المشاركة في المؤتمر بسبب مناقشته لقضايا الصحة الإنجابية والإجهاض والثقافة الجنسية والمعلومات .
عن المرأة والعمل، الحقوق الأنجابية للمرأة وسياسات التكيف الهيكلي، وكان الحوار مع سلمى عن “إضراب سلمى” و225 آخرين في قرى كفر الدوار دفاعاً عن الأرض التي يعيشون على إنتاجها .
احتل العنف الأسري مكانة في نشرة المرأة الجديدة بعد أن تقرر أن يكون من أولويات المؤسسة لأنه أصبح ظاهرة ممتدة في المجتمع المصري لدراستها ومحاولة إنتاج أشكال للتصدي لها.
وعن تأنيث الفقر كتبت ماجدة شعراوي، حيث تأثير برنامج الإصلاح الاقتصادي والكيف الهيكلي على معدلات الفقر التي تتأثر بها أكثر الفئات تهميشاً في المجتمع ومنهم النساء بسبب التحيزات الاقتصادية والاجتماعية ضدهن، تزداد معدلات الأمية بين الإناث لأنه مع محدودية الدخل تصبح الأولوية في التعليم للذكور
وفي الصحة النساء أقل الفئات الاجتماعية التي تنال الرعاية الصحية خاصة في الحمل والولادة، والفقيرة الأمية هيالأكثر تعرضاً للوفاة أثناء الحمل والولادة.
وكذا الحال فيما يتعلق بسوق العمل، النساء في مقدمة ضحايا تقلص العمل في القطاع الرسمي والسياسات المصاحبة لبرامج التكيف، وتتجه النساء للعمل في القطاع غير الرسمي حيث منافسة شديدة، وقبول أعمال متدنية المستوى ومنخفضة العائد، ولا وجود لتأمين اجتماعي أو قانون عمل، وساعات طويلة من العمل، وبدون أجازات مدفوعة الأجر ولا توافر للشروط الصحية.
ومع الوقت ظهرت فئة النساء المعيلات بشكل كبير بنسبة 25% من الأسر تعيلها نساء، ومتوسط الدخل السنوي للأسر التي تعولها إناث لا يتعدى نسبة 79% من المتوسط للأسر التي يعولها ذكور أي أن هناك علاقة بين دخل الأسرة ونوع عائلها