لا تعاني الناجيات من العنف الجنسي والجنساني في دارفور من عواقب نفسية فحسب، بل ضعف النظام القضائي،اضا، فثقافة الإفلات من العقاب تثبط الناجيات عن التبليغ عما أصابهن وتتسبب في تعرضهن للنبذ من مجتمعاتهن، وانعدام الفرص في الحصول على الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي منذ طرد المنظمات غير الحكومية الدولية في أوائل عام 2009. كما أن اللجنة الوطنية المعنية بالعنف الجنسي والجنساني لم تقم سوى بالقليل لتوفير الرعاية بسبب نقص الأموال وعدم توفر عدد كاف من عناصر الشرطة النسائية.
عانت نور الشام، وهي سيدة تبلغ من العمر 25 عاماً من قرية الفردوس شرق نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، من العنف المنزلي وتعرضت للسجن بعد قيامها بقتل زوجها دفاعاً عن النفس. وتحدثت نور الشام عن تجربتها قائلة:
“كنت في الرابعة عشر من عمري عندما تزوجت ولم أكن أعرف الكثير عما كنت مقدمة عليه. عائلتي كانت هي من قرر تزويجي ..كان زوجي أكبر مني بأعوام كثيرة. وقد تعود منذ بداية علاقتنا على ضربي من دون سبب يذكر أو يبرر وحشيته. حاولت التحدث مع أفراد عائلتي عن إساءته ولكنهم طلبوا مني الكف عن الشكوى واعتبار نفسي محظوظة لحصولي على زوج لم يكن الطلاق خياراً. إذ لم يكن ليصدقني أحد لو أنني شكوته للمحكمة أو أبلغت عنه الشرطة. كان الكل سيقول أنني زوجة سيئة أو سيتهمني بالزنا بعد عامين من زواجنا، ولم أكن قد تجاوزت السادسة عشر من عمري، حاول أن يخنقني فما كان مني إلا أن طعنته بسكين حتى الموت دفاعاً عن نفسي. كنت أكرهه لما ألحقه بي من أذى ولكنني لم أكن أريد قتله”..
تم الحكم علي نور الشام بالسجن وكان من الممكن أن يفرج عنها بكفالة قدرها 5,000 جنيه (2,112 دولار) ولكنها تملك المال لدفعها. فمكثت في السجن حوالي سبع سنوات ولم يكن لديها شك أنها ستقضي فيه بقية حياتيها. ولكنها حظيت في أحد الأيام بزيارة ممثلين من اليونيسيف ووزارة الإعلام والثقافة، الذين ارادو التحقق من قصتها ..
“عادوا لزيارتي من جديد بعد مرور بعض الوقت وعرضوا علي المساعدة وأخبروني بأنهم بدؤوا بجمع المال لدفع كفالتي وبأنني سوف أخرج من السجن قريبا. عندما خرجت من السجن كنت سعيدة ولكنني كنت تائهة في الوقت نفسه. لم أكن أعرف ماذا أفعل ولم يكن هناك أحد يعتني بي ، عرضت علي اليونيسف ووزارة الصحة فرصة الانضمام لواحدة من مدارس القبالة التي يدعمانها. التحقت بالمدرسة في نيالا في يونيو 2009 وتخرجت منها في يوليو 2010.
في السابق لم أكن أفكر أنني بحاجة لتعلم أي شيء. تعلمت القراءة والكتابة في السجن. إذ لم تكن عائلتي تعتبر تعليمي من أولوياتها: فلماذا نحتاج نحن الفتيات للذهاب إلى المدرسة إذا كان كل ما نحتاجه هو الزواج وإنجاب الأطفال ورعاية المنزل؟
بإمكاني الآن أن أحصل على وظيفة أستطيع من خلالها إفادة الآخرين وإعالة نفسي. كنت أعتقد أنه على المرأة تقبل أي شيء من الرجل لأنها لا شيء بدونه. لم أكن أدرك أفضل من ذلك ولكنني الآن أصبحت أعي مدى خطأ هذا الاعتقاد.
كنت محظوظة لحصولي على فرصة ثانية، وسوف أثبت الآن لنفسي وللآخرين أنه بمقدوري الاعتناء بنفسي وأنه ليس بمقدور أي رجل أن يسيء إلي