محمد حمدى
مدونة دماغي
من يتابع هذه المدونة منذ نشأتها فى أحد أيام شهر فبراير 2007 يعرف أننا لطالما نادينا بحرية المرأة ومساواتها بالرجل وحقها فى عدم تسديد النظرات الدونية لها وعدم التحرش بها … الخ
إذن ما الجديد الذى يدفعنى للكتابة هذه المرة ؟ شخصيا قد سئمت من أننا نكتب لأنفسنا .. نكتب لجمهورنا الواسع –الضيق- من المثقفين المقتنعين بكل حرف مما أكتبه , والذين يقضون وقتهم فى إرسال مواضيعى لأصدقائهم المقتنعين هم الأخرين .. وبعد ساعة أو إثنين سيقرأ مقالى عدد كبير من الناس سيهزون رأسهم ويقولون فى أسى : فعلا المرأة لا تحصل على حقها فى المجتمع العربى .. فعلا نحن مزدوجون .. نرجم العاهرة صباحا ونرتمى بين أحضانها ليلا .. ثم ما الجديد ؟
القاعدة الأولى التى تعلمتها من دراستى للتسويق إبان دراستى فى الجامعة , هى ضرورة معرفة العميل المـُستهدف من السلعة التى أقدمها له , الأمر الذى يظبط إيقاع عملية التسويق بالكامل … المشكلة أننا لا نطبق نظريات التسويق على ما نكتب , أو الأسوأ : أننا نطبق نظريات التسويق بشكل خاطىء فنظن أن العمـيل المستهدف بما نكتب هو طبقة المثقفين من قراء المدونات أو المقالات فى الصحف والجرائد .. والحقيقة أن هذا كلام مغلوط .. فهؤلاء يعلمون تمام العلم أن المرأة مضطهده وأنها تعانى الظلم والإزدواجية وما إلى ذلك , لذا فالكتابة هنا لا فائدة منها اللهم إلا إصطياد بعض الفلتات التى لاتزال ترى أن كل شىء على مايرام وأن مطالب المرأة بالمساواة ماهى إلا (دلع نسوان) … الخ
إذن من هم الطبقة المستهدفة ؟
الطبقة المستهدفة حقا هم عوام الناس الذين يعيشون (اليوم بيومه) فى دوامة من العمل والسعى وراء الرزق بشكل يجعلهم فى إنشغال تام عن محاولة تغيير طريقتهم فى التفكير فى الأمور من حولهم … هؤلاء الذين يستيقظون من السابعة صباحا ويتناولون إفطارهم من الفول والطعمية وينطلقون إلى عملهم – الحكومى غالبا – فيتناولون مزيدا من الفول والطعمية ولا بأس من بعض أكواب الشاى الثقيل وسجائر (الكيلوباترا) .. يصلون الظهر جماعة فى المكاتب الملحقة بأعمالهم بتؤدة وتباطوء يتبخر فى حالة وجود ماتش كرة قدم هام بعد الصلاة , ويقضون أوقاتهم فى التحديق فى زميلاتهم من النساء أو التندر على غباء وضعف زوجاتهم وبناتهم .
تعرفت مؤخرا على الكثير من هؤلاء البشر .. حينها عرفت أن كل ما نكتبه وما سنكتبه سيضيع هباء إذا لم نستهدف هذه الطبقة من البشر , وهم لا يقرأون من الجرائد إلا أخبار الحوادث , ولا يتابعون الإنترنت إلا مضطرين للإستعلام عن فاتورة الهاتف أو ما شابه , ويفتخرون بعدم قدرتهم على متابعة الإنترنت وجهلهم به نظرا لأضرارة الفادحة (لا يرون فى الإنترنت إلا وسيلة لفتح المواقع الإباحية وإستدراج الفتيات العاهرات) .
كيف تصل للطبقة المستهدفة ؟
بما أنها طبقة لا ترى فى الإنترنت إلا وسيلة للفساد والإفساد , ولا تتابع من برامج التليفزيون إلا ما يبث من هراء على قنوات التشدد الدينى كالرحمة والناس وغيرها , إذن فالوسيلة الوحيدة لإستهداف هذه الطبقة هى الإتصال المباشر بهم بشكل غير منظم , بمعنى أن يتحول كل واحد منا لأداة إعلامية تنشر الطريقة الصحيحة للنظر للمرأة فى مجتمعنا , ومن الممتاز أن كل رجل فى هذه الطبقة يكون مسئولا عن عدد لا يقل عن 4 نساء هن أمه وأخته وزوجته وإبنته بالتالى يمكنك تحسين حياة 4 نساء من خلال التأثير على رجل واحد .
كيف تؤثر فى الطبقة المستهدفه ؟
الدين هو أكثر ما يؤثر فى طبقة البسطاء .. ولا يوجد ما هو أفضل من إستعمال الدين وتفسير أياته بشكل صحيح للتأثير فى أبناء الطبقة البسيطة .. العيب الوحيد هو إختلاط الدين بالخرافة لديهم .. سمعت فيما سمعت أحد شيوخ السلفية يقسم بالله العظيم ثلاثا أن السيدة حواء نزلت من الجنة للأرض وهى محجبة ! بينما الأخر يلعن النساء صباحا ومساء واصفهن بالعاهرات المتبرجات أكثر أهل النار عددا !
إذن الحل هنا فى التفريق بين الدين والخرافة , ومن ثم إستعمال الدين فى الإقناع , رغم أننى شخصيا أكرة إستعمال الدين بشكل دنيوى إلا أن الضرورات تبيح المحظورات أحيانا
الطريقة الثانية للتأثير فى طبقة البسطاء هو البعد عن أى صفة منظمة .. فالبسطاء كرهوا الصحافة والحكومة والإعلام , والكرة هو الخطوة الأساسية التى تؤدى لعدم الثقة , بالتالى الإسلوب الأكثر تأثيرا فى المنتمين لهذه الطبقة هو التحدث شخصيا معهم بشكل لا يدل على التنظيم او المنهجية .
ماذا تغير فى الطبقة المستهدفة ؟
فى رأيى أن أهم ما نسعى لتغييره هو الفكرة النمطية عن المرأة كجندى من جنود الشيطان .. عن المرأة كناقصة عقل ودين لا هم ورائها سوى شغل البيت والجرى وراء الأطفال .. عن المرأة كأداة للمتعة .. كيس تـُقذف فيه الحيوانات المنوية بدون أى تأنيب ضمير .. عن المرأة ككائن غبى عصبى عاطفى اخرق لا يستطيع إتخاذ قرارات مصيرية أو التحكم فى مصائر أسر بالكامل …
هذه الأفكار هى نقطه فى بحر من الأفكار التى نسعى لتغييرها فى أبناء الطبقة المتوسطة … أعتقد أن التأثير فى هذه الطبقة هو الخطوة الأولى والأساسية إذا كنا نطمح لعمل تغيير حقيقى لا أن نطلق الشعارات التى لا يقرأها غيرنا وجروبات الفيس بوك التى لا يدخلها إلا أصدقائنا .