” وكالة أخبار المرأة ”
إنجي نوحي
استطاعت المرأة أن تكون جزءا من المنظومة السياسية العربية، كما بات لها دور واضح في اتخاذ القرارات المصيرية للبلاد.
ولعل أقرب مثال لذلك، هو حصول السيدات في المغرب على نسبة تقارب ربع مقاعد النواب (81 من أصل 395 نائباً) بالانتخابات البرلمانية المغربية في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
ولم يكن هذا النجاح إلا نتاج كفاح طويل للمرأة العربية لانتزاع الاعتراف بحقها في المشاركة في العمل السياسي وعملية اتخاذ القرار في العالم العربي، على الرغم من كل تلك التحديات التي تمثل عوائق أمام المرأة العربية للمشاركة بشكل فعال في الحياة السياسية وعملية اتخاذ القرار.
وهنا تجدر الإشارة إلى بعض المعلومات الأساسية عن تاريخ المرأة العربية في العملية السياسية، وما الذي وصلت إليه في هذا المجال:
مصر
للمرأة المصرية باع طويل في الحياة السياسية، فبعد عام من إعطائها حقَّ الترشح في 1956، دخلت أول مصرية البرلمان وأصبحت بذلك أول امرأة عربية تصبح نائبة في البرلمان عام 1957.
فيما كانت المصرية راوية عطية، أول نائبة في البرلمان المصري عن الحزب الوطني الديمقراطي، كما انتخبت للمرة الثانية 1984 لتصبح عضوة بالبرلمان مرة أخرى، كما تعد أول امرأة تعمل ضابطة في الجيش المصري.
كما كانت هناك مفيدة عبد الرحمن، التي لُقبت بشيخة المحامين؛ إذ عملت بمجالها نحو 60 عاماً، كما كانت أول امرأة تدرس بكلية الحقوق حينما كانت أماً لابنها الأكبر عادل، والتي استطاعت الفوز بمقعد برلماني في انتخابات عام 1964، لتواصل معاركها لتغيير القوانين الخاصة بالأسرة والمرأة.
منذ دخولها البرلمان والمرأة المصرية تناضل من أجل دعم الحق النسوي في المشاركة في الحياة السياسية وعملية صنع القرار، وبعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 أصبح للمرأة دور أكبر في الحياة السياسية، رغم هذا لم يتجاوز التمثيل الأنثوي في انتخابات برلمان 2012 نسبة 2.2.
الجزائر
كان أول تمثيل للسيدات في البرلمان الجزائري بعد الحصول على الاستقلال مباشرة عام 1962، وبالنظر إلى التمثيل الحالي للمرأة في المناصب السيادية نجده مبشراً بالنسبة للجزائر، حيث إن هناك 7 وزيرات في الحكومة الأخيرة، وهو ما يعد سابقة على مستوى العالم العربي.
وتعد زعيمة حزب العمال لويزة حنون -التي سبق أن اعتقلت عدة مرات بسبب آرائها السياسية المعارضة- من أبرز الأمثلة على تمثيل المرأة الجزائرية في عالم السياسية، كما أنها أول امرأة عربية تتقدم بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية ثلاث مرات، بدءا من عام 2004.
وأيضاً وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط التي اختارتها مجلة فوربس كأحد أكثر النساء العربيات تأثيرا ونفوذا ومكانة لعام 2016، إذ عرفت بـ”المرأة الحديدية”، إلا أن البعض يتهمها بتمثيل الوجود السياسي والفكري الفرنسي في الجزائر.
كما يوجد أيضاً زهور ونيسي الكاتبة والأديبة التي أصبحت أول وزيرة في الجزائر، بتقليدها منصب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة محمد بن أحمد عبد الغني عام 1982، وتقلدت بعد ذلك منصب وزيرة الحماية الاجتماعية والتربية الوطنية، كما شغلت منصباً برلمانياً عام 1977.
سوريا
على الرغم من حصول المرأة السورية على حق الترشح في البرلمان عام 1953، إلا أن أول تمثيل لها في البرلمان كان عام 1973 وبنسبة 2.89%، فيما أخذت تلك النسبة تتزايد بشكل نسبي في السنوات التالية، إلا أن معظم الأصوات النسائية كان يتم اختيارها وفق الانتماء السياسي، مما جعل التمثيل النسائي في البرلمان ضعيفاً.نتيجة لذلك كانت المشاركة الأنثوية في عملية صنع القرار في سوريا معظم الوقت مهمشة وغير فعالة، ورغم هذا فكان أعلى منصب تصله امرأة بسوريا هو نائب للرئيس عام 2006.
تونس
تعتبر تونس هي أعلى الدول العربية في المشاركة النسائية بالبرلمان، إذ أصبحت 33% من أعضاء البرلمان من التونسيات، وهذا ليس بعيداً عن بلدٍ أدرج مادة في الدستور التونسي الجديد لعام 2014 تنص على المساواة بين الرجل والمرأة في المجالس التشريعية.
ويرتبط تاريخ اقتحام المرأة التونسية للسياسة بالوزيرة السابقة فتحية مزالي، وهي من مؤسسات الاتحاد القومي النسائي التونسي عام 1956، كما كانت أول امرأة تدخل البرلمان التونسي عام 1974، بالإضافة إلى كونها أول امرأة تتولى وزارة في الحكومة التونسية عام 1983، بعدما أُسندت إليها وزارة وزارة العائلة والنهوض بالمرأة.
وهناك أيضاً الحقوقية والسياسية راضية النصراوي، التي تعرضت للقمع من قبل النظام التونسي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بسبب مواقفها السياسية المعارضة ودفاعها عن المسجونين ومناهضة التعذيب، حتى انتخبت كعضو خبير في لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في 2014، كما رُشحت لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2011.
العراق
حصلت المرأة العراقية على الحق في الدخول في العمل السياسي والترشيح في البرلمان عام 1980، ورغم تأخر هذا الحق، إلا أن المشاركة النسائية بالسياسة كانت موجودة قبل هذا التاريخ.
إذ تعتبر نزيهة الدليمي -إحدى رائدات الحركة النسوية العراقية- هي أول سيدة عربية تتقلد منصباً وزارياً، حيث عُينت وزيرة للبلديات عام 1959، وقد عرفت الدليمي كناشطة سياسية، كما كان لها دور كبير في صياغة قانون الأحوال الشخصية العراقي عقب توليها للمنصب.
المغرب
حصلت المرأة المغربية على حق الترشح في البرلمان عام 1963، رغم هذا لم تستطع الدخول للبرلمان إلا عام 1993، ويعد فوز المرأة بـ20% من مقاعد البرلمان المغربي بعد الانتخابات الأخيرة العام الجاري من أكبر الانتصارات البرلمانية لها حتى الآن.
الحقيقة أن هذا الانتصار ليس الأول للمرأة في المغرب، ففي العام 2007 تمكنت المرأة من الحصول على 7 حقائب وزارية هامة مثل الطاقة والمعادن والصحة والشباب.
فيما كانت نبيلة منيب أول امرأة تقود حزباً سياسياً في المغرب بتعيينها أميناً عاماً للحزب الاشتراكي الموحد عام 2012، كما شاركت في حل أزمة سياسية بين المغرب والسويد عام 2015 بسبب مشروع قانون سويدي يعترف بالجمهورية الصحراوية تخلت عنه السويد لاحقاً.
الإمارات
للمرة الأولى استطاعت المرأة في الإمارات الترشح للمناصب السياسية عام 2006، وبدأت من ذلك الحين العمل السياسي حتى وصلت نسبة مشاركتها 17.5% من المقاعد في البرلمان.
يبدو هذا التقدم النسائي مبشراً خصوصاً مع تقدم البرلمانية أمل القبيسي لتصبح أول امرأة ترأس البرلمان في العالم العربي عام 2015، كما أنها كانت أول خليجية تصل للبرلمان عن طريق الانتخابات عام 2006.
أيضاً برز اسم وزيرة الاقتصاد والتخطيط لبنى القاسمي، وهي من العائلة الحاكمة، كما جرى اختيارها كأقوى امرأة عربية عام 2010 بمجلة فوربس، بما لها من باع طويل في الإدارة التنفيذية، كما أنها كانت رئيساً للفريق التنفيذي لحكومة دبي الإلكترونية عام 2001، وأصبحت وزيرة الاقتصاد عام 2004، ثم وزيرة للتجارة الخارجية عام 2008، ثم وزيرة للتنمية والتعاون الدولي عام 2013، وأخيرا وزيرة للتسامح عام 2016.
السعودية
لم تبدأ المرأة في دخول الحياة السياسية في السعودية إلا عام 2015، حيث مثلت نسبة مشاركة السعوديات المشاركات في العمل السياسي حوالي 20%.
رغم هذا التقدم إلا أنه ما زال هناك الكثير من التحديات التي تواجه المرأة في السعودية نيل حقوقها في المجال الاجتماعي، خصوصاً في بعض القضايا التي تشغل الرأي العام مثل قيادة السيارة والتواجد في الأماكن العامة واتخاذ القرار في عديد من المجالات.
فيما تعتبر نورة الفايز من أبرز السعوديات في العمل السياسي، حيث أصبحت أول امرأة سعودية تدخل الحكومة وتُعين بأمر ملكي بمنصب نائب وزير التعليم عام 2009.
المرأة العربية في الخارج
نجاح المرأة العربية لم يكن على نطاق الوطن العربي وحده، بل استطاعت العربية أيضاً الوصول لمناصب سياسية هامة خارج الدول العربية.
ومن أبرز الأمثلة على هذا، الفلسطينية التي هاجرت مع عائلتها لألمانيا صغيرة، سوسن شلبي، لتصبح فيما بعد أول عربية تشغل منصب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الألمانية عام 2014، كما شاركت فِي إِنشاء الكُتلة النِّيابية للحِزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني فِي البَرلمان الألماني.
كما تعد خديجة عريب ذات الأصول المغربية من الأمثلة على نجاح المرأة العربية في الخارج، فهي الآن تشغل منصب رئيسة مجلس البرلمان الهولندي بالوكالة، بعدما انتخبت عريب لهذا المنصب الرفيع عام 2016 بعدد أصوات 83 مقابل 51 صوتاً.
وأيضاً نجاة بلقاسم التي شغلت منصب وزيرة لحقوق المرأة، والناطقة الرسمية باسم حكومة جان مارك ايرولت في عهد رئاسة فرانسوا أولاند عام 2012، كما كانت أصغر الوزراء سناً في الحكومة الفرنسية، وهي تحمل الجنسيتين المغربية والفرنسية.
أما رشيدة داتي من أب مغربي وأم جزائرية، فقد تدرجت في المناصب السياسية في فرنسا، لتعمل متحدثةً باسم نيكولا ساكوزي خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2007، ثم رئيسة لبلدية المنطقة السابعة بباريس عام 2008، ثم نائبة في البرلمان الفرنسي 2009، وأخيراً وزيرة للعمل 2009، بذلك تصبح داتي أول عربية تتولى منصباً وزارياً في الحكومة الفرنسية.