هل يحقق مشروع قانون العمل الجديد ضمانات العدالة الاجتماعية؟

إشكاليات تشريعات مناهضة العنف ضد النساء ما بين النص والإجراء
فبراير 18, 2025

مع انتهاء مناقشته فى لجنة القوى العاملة وقرب المناقشة في الجلسة العامة لمجلس النواب 

هل يحقق مشروع قانون العمل الجديد ضمانات العدالة الاجتماعية؟

مى صالح: مديرة برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية

“تشمل العدالة الاجتماعية توزيع الموارد والفرص والامتيازات بشكل عادل داخل المجتمع. وتهدف إلى تصحيح التفاوتات بناءً على الجنس والعرق والوضع الاجتماعي الاقتصادي وعوامل أخرى، لضمان أن يحصل الجميع على فرص متساوية، وأجور عادلة، وظروف عمل لائقة. وتضمن قوانين العمل الحد الأدنى من حقوق العمال بينما تعمل القرارات الوزارية واتفاقيات العمل الجماعية على تحقيق المزيد من المكتسبات ”

خلال الأشهر القليلة الماضية عكفت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب على مراجعة ومناقشة مشروع قانون العمل الجديد بعد أن تمت مداولته مسبقًا في مجلس الشيوخ تمهيدًا لطرحه على الجلسة العامة والتصويت عليه، وبالرغم من وجود بعض المكتسبات في المشروع الجديد التي ساوت بين العاملات تحت مظلة قانون العمل الموحد والعاملات تحت مظلة قانون الخدمة المدنية إلا أنه لا تزال هناك عدد من الإشكاليات التي تجعل المشروع الحالي في مجمله لم ينتصف لحقوق الطبقة العاملة وذلك بدءا من خلو القانون من ديباجة مناسبة تشتمل على فلسفة التشريعات الاجتماعية والمرجعية الحقوقية الدولية مرورًا بتجاهل تعريف العمل من المنزل والعمل عبر المنصات الرقمية وصولًا إلى تخفيض العلاوة السنوية إلى 3 % بدلًا من 7% دون النظر إلى تداعيات سياسات التقشف وزيادة معدلات التضخم على العمال والعاملات في كل القطاعات.

  • المادة (4) من المشروع مازالت تسقط عمال الخدمة المنزلية من الحماية  حيث تم استبعادهم من مشروع قانون العمل تحت دعوى أنه من ضمن قواعده إجراءات التفتيش على تلك الفئة من العمالة، وأن وضعهم في القانون يلزم وزارة العمل بالتفتيش عليهم، وهذا يخالف حرمة المنازل المنصوص عليها في الدستور ، وهي نفس الحجة والمبرر الذي طالما تم تفنيده والاعتراض عليه بالاضافة الى أن القانون نفسه ميّز بين عمال الخدمة المنزلية المصريين وغير المصريين  في باب تنظيم عمل الأجانب.

وأظهرت المناقشات، أنه يجري إعداد مشروع قانون جديد يتم للخدمة المنزلية، ويتم تطبيق القانون المدني عليهم حتى يصدر قانون عمالة الخدمة المنزلية، كما أن هناك عقد عمل استرشادي نموذجي للعمالة المنزلية يتم توقيعه حتى يصدر القانون، وحتى الآن لا توجد أية مسودات للقانون ولم تصدق الحكومة على الاتفاقية 189 بشأن عمال الخدمة المنزلية

  • لا تزال كلا من  إجازة رعاية الطفل مرهونة بقيد عددى هو 50 عاملة  وانشاء دور الحضانة مرهونة بقيد عددى هو 100 عاملة وهي قيد شرطى غير مبرر على الإطلاق خاصة أن ما يزيد عن 70  % من المنشآت العاملة فى مصر لا يزيد عدد العمالة بها عن 10 عمال وعاملات ، فعلى من إذًا تنطبق هذه المواد؟!!
  • بالرغم من تعديل إجازة الوضع فى المشروع الجديد لتصبح أربعة أشهر اسوة بقانون الخدمة المدنية إلا أن الواقع العملي لا توجد به أية ضمانات لحصول النساء العاملات على هذا الحق وغالبا ما تعاقب النساء بسبب الأدوار الرعائية والإنجابية ويتعرضن للمساومة على فرصة العمل مما يجبر البعض لأخذ إجازة وضع لا تتعدى اربعون يوما حتى تضمن العودة الى مكانها وهنا تجدر الإشارة إلى أن ضعف العقوبات المقررة فى القانون على أصحاب العمل تجعل  تسديد غرامة التنصل من تطبيق القانون أوفر وأيسر من الالتزام به !!
  • كالعادة لا يزال المشروع الحالى يميز ضد العاملات في الزراعة البحتة بحرمانهن من الحقوق  الواردة فى باب تشغيل النساء وهو موقف تعسفى واضح لا يعترف بأن العاملات فى الزراعة يعملن فى بيئة عمل قاسية ويعانين بشكل واضح من الاجهاد الحرارى  و التمييز في الأجور وظروف النقل غير الادمية وساعات العمل الطويلة دون أية حماية من العنف ويتعرض أطفالهن لأضرار خطيرة والبعض منهم يتم إدماجه في أعمال خطرة بينما لا يرى المشرع ضرورة لأن تحظى عاملات الزراعة بالحد الادنى من الحقوق !!
  • تجاهل مشروع القانون مطالب المجموعات المختلفة وبعض أعضاء مجلس الشيوخ  بمنح إجازة الأبوة لمدة سبعة أيام خلال الستة أشهر الأولى للوضع.
  • وأخيرًا وليس اخرا تجاهل مشروع القانون أيضًا ضرورة النص على سياسات وإجراءات الحماية من العنف الجنسي داخل أماكن العمل ودور مفتشى العمل فى رصد والتصدي لهذه الممارسات ومسئولية صاحب العمل فى توفير بيئة عمل آمنة وفق ما جاء في بنود  “الاتفاقية  190  بشأن العنف والتحرش فى عالم العمل ” التى ندعو الحكومة للتصديق عليها في أقرب وقت حتى لا يصبح العنف تهديدا صريحًا للسلم المجتمعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.