نسرين لطفي
انا مثال لإمرأة قهرت في الماضي ووضعت تحت قيود من طراز “المجتمع والعادات والتقاليد والعيب والغلط …الخ” لكنني لم انتظر فرصة للخروج من هذه الدوامة اللامنتهية، صنعت فرصتي، حاربت تقاليد باليه ليس لها معنى، أصبحت سيدة قراري، لم اجلس في انتظار رجل ليحررني من عبودية المجتمع الفاسد أوالتقاليد البالية، بل اخترت ان أذهب للبحث عن حريتي، و وجدت أنني – في أحيان كثيرة – أكثر رجولة من الكثير من “أشباه الرجال” ووجدت انه ليس من الإنصاف أن تقترن حرية المرأة برجل، أو حتى برجل ينفق عليها، انا وحدي قادرة على أن انفق على نفسي؟ لأنني في الأساس أملك نفس قدرات الرجل العقلية، ولم أحتاج أن أقارن نفسي برجل لأانني لا أسعي إلى إثبات أنه أفضل أو أسوأ، لأننا وببساطة نتاج نفس المجتمع ، ولأننا في الأصل متساوون، وأفضلية شخص عن الآخر (بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو معتقداته) تكمن في كيفية تطوره بشكل عام، لماذا يحصل البعض على جائزة نوبل في العلوم يستميت البعض الآخر في أن يصل لمنصب ساعي بريد؟ لأن الفرد قادر إما أن يخلق فرصته بيديه ويطور من فكره أو أن يبكي على ظلم المجتمع له ويجلس في انتظار مجيء رياح التغيير!!
من الغريب أنه يوجد إلى الآن فتيات مستسلمات لقهر أخ غبي أو أب متزمت ، أكره المرأة الضعيفة التي تشرق وتغرب عند قدمي الرجل، أرفض هذه الكائنة المذعورة التي تخاف من أخ هو في الاصل فاسد ولكنه أعطي بعض من السلطة ليتحكم فيها، أرفض المرأة التي تبرر ضعفها بأن المجتمع سيزجرها لأنها خرجت عن تقاليده، وأعرافه، أدعو كل امرأة تنشد الحريه أن تبدأ في البحث عنها، يكفيك انتظارا لرجل ما لتحقيق حلم حريتك من خلاله، يكفينا اعتقاد ان وراء الرجال العظماء إمرأه، لا، الأصل أنه بجانب كل رجل إمرأة ، كيان مستقل ولكنه يكمل الرجل، الذي لم ولن يتحقق كماله إلا من خلال إمرأه قويه معتزة بحريتها وكيانها التي صنعته رغم أنف المجتمع الغير سوي.
أدعو كل إمرأة أن تكف عن التذمر والشكوى بأنها تعيش في مجتمع لا يحقق لها حريتها التي تنشدها، ادعو المرأة لتبدأ في السعي وراء تحقيق طموحاتها، لا، لم ولن يكن الرجل هو السبيل الوحيد للحرية .، اصنعي حياتك بيدك.
يكفينا دهور من الانبهار والتصفيق للرجل ومعاملته على أنه الكائن الأفضل، ، يكفي أن نعطي له الأفضلية في الحياة، أرفض وبشده كل أم تسمح لابنها أن تكون له الحرية المطلقة في ان يكن له ما شاء من التجارب التي يدعون أنها تصنع الرجل، أن يكون له أكثر من عشيقة، أن تصفق له عندما يفقد عذريته وتقر أنه قد أصبح رجلا، هذه النوعية من أنصاف الرجال هي نفس النوعية التي ترفض أن يخرج خطيب أخته معها بدونه، هي نفس النوعية التي تعاني من فصام يصور لهم انهم دائما أبدا على حق، ولديهم مجتمع كامل يؤيد هذا الخلل بل وينميه.
لي صديقة تعدت الثلاثين من عمرها، لديها أخ يصغرها بعدة أعوام، هذا الأخ الذي منح سلطات بلا حدود من أب جاهل وأم مغلوبة على أمرها، يمنعها أن تستخدم الكاميرا لرؤية أختها التي تعيش في قارة أخرى بحجة أن “الوقت تأخر”!! ولا ألوم الأخ هنا، بل ألوم وبشدة الأب الغير متحضر والذي أعطى هذا الطفل قدرة خاصة وسلطة عاليه ليقهر أخته التي تكبره في السن، وهو نفس الأخ الذي يدخن السجائر خلسة!
لقد آن الأوان ان نصلح ما أفسده السابقون، أن نربي أولادنا على مبدأ احترام وتقبل الآخر، يجب أن يتعلموا أن المبادئ لا تجزأ، وان مفهوم الخطيئة لا يمكن ان يقترن بجنس معين أو عمر محدد، الزنا خطيئة للجنسين، التدخين يضر بصحة الجنسين…وهكذا
هل من الممكن في يوم من الأيام أن أتخيل أن أعيش في عالم محايد ناضج فكريا؟ هل لنا أن نبدأ بتعليم أولادنا نفس المبادئ التي دائما ما نتبناها عندما نتكلم عن الحريات؟ أم أننا لن نستطيع أبدا التغلب على المجتمع الفاسد بتقاليده المزيفة التي تدعي أنها تحمينا من الخطأ؟