تأتي هذه الورقة في سياق تنسيق عدد من النقاشات التي تعمل على تقييم أليات سياسات مناهضة العنف ضد المرأة التي ممرنا بها أثناء طارئة الموجة الاولى من جائحة الكوفيد19، وتقييم فاعلية هذه الاليات وكفاءتها في مناهضة العنف، والوقوف على الدروس المستفادة من الموجة الاولى، بما قد يسهم في اتخاذ تدابير أوفق، وسياسات أكثر كفاءة في الحد من تنامي وتيرة العنف المتصاعدة ضد النساء في اوقات الطوارئ.
وفي ضوء اهتمامنا بإصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة، اصبح النظر في إجراءات التقاضي وتيسير فرص النفاذ للعدالة الناجزة في قضايا العنف ضد المرأة آمر بالغ الأهمية، ونعتبر تيسير الوصول للعدالة مؤشر هام لمدى فاعلية وكفاءة سياسات التشريع والتقاضي في مناهضة العنف ضد المرأة في اوقات الطوارئ والازمات.
- أبرز أشكال العنف ضد النساء في أوقات الطوارئ وخاصة أثناء الكوفيد 19
تعرضت-ومازالت – النساء لأشكال مختلفة من العنف، ففي اثناء الموجة الأولى من جائحة كوفيد، تعرضت النساء لأشكال مختلفة من العنف في كلا المجالين العام والخاص، ومع الحجز الجزئي والكامل ازدادت معدلات العنف، وحسب الرصد المبدئي من الصحف وغيرها من وسائل للتواصل، مثل الاتي أكثر أشكال العنف انتشارا.
- عدم قدرة النساء خاصة المطلقات منهن على الحصول على المستحقات المالية (النفقة) بسبب تعطل محاكم الأسرة مما ترتب عليه اضرار معنوية وعدم القدرة على تقديم الاحتياجات الأساسية وإلحاق الأذى بباقي أفراد الأسرة خاصة الأطفال.
- العنف المنزلي والذي تطور إلى جرائم نتج عنها عاهات مستديمة و جرائم قتل.
- التحرش والابتزاز الالكتروني.
- الفصل التعسفي من العمل وخاصة في القطاع الخاص.
مما تطلب تكثيف التدخلات لضمانة مناهضة العنف ضد المرأة، وخاصة الحد من العنف الاسري أثناء الجائحة، وهو ما يدفعنا لرصد وقائع المؤسسات القضائية وقدراتها على الاستجابة السريعة للطوارئ، وهو ما يتطلب وضع سياسات وتجهيز غير تقليدي يتناسب وحالة الطوارئ.
- نظرة عامة على المؤسسات القضائية أثناء الموجة الأولى من الكوفيد 19
بالنظر إلى البنية التحتية للمؤسسات القضائية في مصر نجد أنها تبدو بحالة سيئة تتمثل في صغر حجم قاعات المحاكم وبالتالي فهي مكان سهل انتقال الإصابة بفيروس كرورنا فيه خاصة في ظل غياب الاجراءات الوقائية وايضا لا تصلح للعمل فيها في الأيام العادية.
خلال فترة الموجة الأولى من جائحة كوفيد تم تعطيل المنظومة القضائية خاصة محاكم الأسرة وتأجيل كافة قضايا محاكم الأسرة على الرغم من استمرار تجديدات الحبس الجنائي ويتم النظر فيها ويتم فصل المتهمين على فترات مما نتج عنه زيادة عدد حالات القضايا خاصة قضايا العنف ضد النساء ومحاكم الأسرة مثل الطلاق، النفقات، الحصول على المستحقات المالية،…الخ.
علاوة على ذلك، لم تتم ممارسة الاجراءات الوقائية لتقليل الاصابة بفيروس كورونا سواء في المكاتب الادارية التابعة للمحاكم أو في جميع السجون على قدم المساواة، بل كان هناك تزاحم في غرف صغيرة اثناء قيام المحاميات بالإيداع ورفع الدعاوى والاعلانات وغياب الاجراءات الوقاية وكذلك تمت ممارسة الاجراءات الوقائية في بعض السجون خاصة خلال تفتيش المتعلقات بضمان السلامة والأمان.
- التقاضي الرقمي ووضع المنظومة القضائية في وقت الموجة الأولى من جائحة كوفيد.
يعد الحاجة إلى التقاضي الالكتروني في مصر مسألة مؤقتة خاصة في قضايا العنف ضد النساء أو بمعنى أخر يصلح التقاضي الالكتروني في قضايا معينة ولا يصلح في قضايا أخرى، وبشكل عام التقاضي الالكتروني لا يأخذ قضايا العنف ضد النساء في الاعتبار.
على سبيل المثال، لا يصلح التقاضي الالكتروني في حالات العنف الأسري لأن مثل هذه الجرائم تتطلب اجراءات أخرى لا تصلح مع التقاضي الالكتروني مثل كإجراء كشف طبي، أو القبض على المتهم، أو استدعاء الشهود والسماع إلى أقوالهم. ولكن على الجانب الأخر، يصلح التقاضي الالكتروني في التبليغ عن الوقائع أو تسيير اجراءات قضايا النفقات.
بالإضافة إلى ذلك، التقاضي الالكتروني في مصر لم يكن منفذ على الوجه الأمثل مقارنة بالدول المجاورة ولم يكن هناك تسهيلات للمحاميات، على سبيل المثال تسهيل الاستعانة بتقنية ـmicro film الذي يقدمه المحامين والمحاميات ولكن هذه التقنيات وغيرها لم تكن في اعتبار متخذ القرار في مرفق العدالة اثناء الموجة الأولى من الكوفيد 19.
- الاشكاليات المتعلقة بقضايا العنف ضد النساء في وقت الطوارئ.
- عدم توافر بيانات واحصائيات عن بلاغات العنف ضد النساء المقدمة لمكتب شكاوى المجلس القومي للمرأة أو مكتب شكاوى النيابة العامة.
- صعوبة وصول النساء إلى لخدمات الانترنت، خاصة لو اتيح آليات للتبليغ إليكترونية عن وقائع العنف ضدهن إضافة لارتفاع معدلات الأمية بين النساء تحديدا.
- تعطل مكاتب المرأة في وزارة العدل.
- عدم فعالية مكاتب مكافحة العنف ضد المرأة في الأقسام المختلفة بسبب تركيزهم على مكافحة التحرش في المجال العام وقت الاعياد والاحتفالات فقط.
- رفض القضاة الموافقة على النفقة المؤقتة.
- ارتفاع تكاليف رفع دعوى لقضايا النفقة أكثر من 10 أضعاف التكلفة، فقد ارتفعت التكلفة من 15 جنيه إلى 200 جنيه.
- على الرغم من تزايد حالات العنف الجنسي ضد النساء خاصة خلال الفترة مارس –يوليو 2020 أثناء الجائحة إلا أن اجراءات التحقيق والتبليغ لم تتغير.
- التهاون مع جرائم العنف الالكترونية ضد النساء وانتهاك خصوصية وسرية البيانات خاصة في الجرائم الالكترونية. حيث يزداد تعرض النساء لانتهاك خصوصية البيانات عند تحرير المحضر، خاصة لو تعلق المحضر بحالة عنف جنسي إليكتروني ، في هذه الحالة يجب عليها الادلاء ببيانات حسابها على التواصل الاجتماعي وهذا الأمر مطلوب فقط في الحالات التي يتطلب فيها الخبير التقني.
- عدم وضوح خطوات التحقيق بعد تقديم بلاغ الكتروني متعلق بالتعرض للعنف. فعلى سبيل المثال اتاح المجلس القومي للمرأة طرق الكترونية للفتيات لتقديم بلاغ متعلق بالتعرض للعنف والعنف الجنسي إلا أنه لم يكن واضح ماهي الخطوات التالية بعد تقديم البلاغ بشكل الكتروني، وماهي طرق التدخل لحماية المبلغات، بالإضافة إلى ذلك، كان مطلوب من مقدمات تلك البلاغات تحرير محضر ورقي وحضور التحقيقات فكيف يتم ذلك في ظل تعطل القضاء وتفشي الإصابة بالفيروس؟!.
- عدم توافر اقسام مخصصة للقضايا الخاصة بالأحوال الشخصية في المواقع الرسمية الخاصة بتقديم الخدمات الحكومية الكترونيا مثل “مصر الرقمية” و “بوابة الحكومة” مما يعطي انطباع أن قضايا النساء ليس أولوية.
- تجهيز مرفق العدالة من حيث البناء المؤسسي بمعناه الشامل للعمل إلكترونيا وعن بعد اثناء الطوارئ.
- تقديم تدريب مكثف لكافة أفراد المنظومة القضائية من محامين، وكلاء نياية، مستشارين وقضاة وإداريين للتعامل معه. السرعة في الرد على بلاغات وقائع العنف ضد النساء الكترونيا.
- ضرورة توفير اقسام خاصة بقضايا الاحوال الشخصية على المواقع الرسمية الخاصة بتقديم الخدمات الحكومية الكترونيا.
- ضرورة التعامل مع قضايا الأسرة والعنف ضد النساء على أنها قضايا ذات أولوية وذات طابع مستعجل لا تستحمل التراخي أو التأجيل تحت أي ظرف بل يجب التعامل معها بسرعة خاصة في الظروف الاستثنائية مثل جائحة كورونا.
- تشجيع المؤسسات المصرفية (البنوك) على تسهيل اجراءات حصول السيدات على المستحقات المالية ( النفقات) خلال الازمات مثل جائحة كورونا.
- ضرورة التركيز على قضايا العنف الاسري والتعامل معها على محمل الجد والأولوية وايجاد طرق تكييف للتعامل معها واستكمال الاجراءات القضائية في ظل الازمات.
- ضرورة تفعيل وزيادة مكاتب المرأة في وزارة العدل ومكاتب مكافحة العنف ضد المرأة في الأقسام المختلفة. بالإضافة إلى تسهيل اجراءات تقديم البلاغات والاستجابة بشكل سريع لبلاغات العنف ضد النساء وسرعة التدخل فيها.
- تفعيل قانون العنف الموحد.
- تفعيل قانون الحفاظ على سرية البيانات سواء للشاكيات أو الناجيات أو الشهود.
لتحميل الورقة policy paper-final