دفعن ثمنا غاليا لدفاعهن عن حقوق العاملين رجالا ونساءا، وواجهن أشكالا مختلفة من العقاب نتيجة مطالبتهن بتحسين الأجور وصرف الحوافز وتكوين نقابات مستقلة تعبر عنهم وتدافع عن حقوقهم، فكان جزاؤهن النقل التعسفي أو الايقاف عن العمل أو الفصل.
هذا بعض مما واجهته نقابيات حاولن تأسيس نقابات مستقلة لكن المصير نفسه واجه بعضا ممن حاولن المطالبة بالحقوق في إطار لجان نقابية غير مستقلة.
فاطمة فؤاد، رئيسة النقابة العامة للعاملين بالضرائب على المبيعات، واحدة ضمن عشرات النساء اللاتي دفعن ثمن مطالبتهن بحقوق العمال، حيث كانت ضمن 5 قيادات نقابية تم وقفهم عن العمل لستة أشهر.
قالت فاطمة “تم إيقافي عن العمل أنا وأربعة من الزملاء لقيامنا بتأسيس نقابة مستقلة لا ترضى عنها الإدارة والدعوة لأول وقفة احتجاجية تطالب بتثبيت حافز يصرف للعمال”.
وأوضحت فاطمة أنها ظلت بدون أجر طوال الستة أشهر، بالإضافة إلى تحويلها لمحكمة تأديبية.
وفاطمة فؤاد هي أول رئيسة نقابة عمالية منتخبة، بعد معركة مع منافسها الرئيس السابق للنقابة العامة للعاملين على بالضرائب على المبيعات في مارس 2013.
وتؤكد فاطمة أن “النقابيات تدفعن ثمنا غاليا من سمعتهن ووقتهن واستقرارهن في العمل نتيجة التعنت ضدهن من قبل الإدارة وبعض الذكور الرافضين لمشاركة المرأة في العمل العام”.
ورغم مرور ما يزيد على ثلاث أعوام على ثورة 25 يناير، مازالت تعاني النساء العاملات من مشاكل تتعلق بالتمييز ضدهن، إضافة إلى استمرار سياسة تسريح العمال والبدء بالنساء واعتبارهن “الفئة الأضعف” في المجتمع.
أما المهندسة داليا فؤاد، رئيسة النقابة المستقلة للعاملين بديوان عام وزارة الأوقاف، فتقول أن الإدارة قامت بتحويلها إلى النيابة العامة والمحكمة التأديبية بعد تأسيسها النقابة المستقلة ومطالباتها المستمرة بزيادة الرواتب.
وقالت داليا “لم تسفر تحقيقات النيابة عن تورطي في شئ لا أخلاقي، لكن الإدارة لم تكتف بذلك وقررت نقلي تعسفيا من ديوان عام الوزارة إلى مديرية القاهرة بعد 15 سنة خدمة وتخطوني في الترقية”.
وأضافت أنها واجهت صعوبات كثيرة وصلت إلى عدم السماح بإجراء اجتماعات وإقامة أي أنشطة.
ولم تستسلم داليا حيث قررت إقامة دعوى قضائية ضد الوزارة لاسترداد حقوقها في الترقي وعودة الحوافز والعودة إلى عملها في ديوان عام الوزارة.
وفقدت عفت عبد الرازق، نائب رئيس اللجنة النقابية للعاملين بمستشفى الشفاء بالإسكندرية، عملها في المستشفى بتهم تحريض العمال على الإضراب عن العمل بعد تحويلها للتحقيق وصدور قرار بفصلها نهائيا من العمل ومنعها من دخول المستشفى.
وقالت عفت إن “النقابي لديه حصانة نقابية ولا يتم فصله من العمل لدفاعه عن حقوق العمال ورفع مطالبهم للإدارة”، مؤكدة أن “الإضراب والمطالبة برفع الراتب الذي لا يتعدى 400 جنيه بعد آخر زيادة عقب ثورة يناير والعلاج على نفقة المستشفى، كلها حقوق مشروعة”.
وأضافت “بمجرد ما رفعنا مطالبنا برفع نسبة الحافز ونسبة من الأرباح وعلاج لأسر العاملين وبدأت الإدارة في التعنت معي واضطهادي في العمل حتى فصلوني”.
ورأت منى عزت، مسؤولة ملف العاملات بمؤسسة المرأة الجديدة، أن مشاكل النساء العاملات لم تتغير عن ما قبل ثورة 25 يناير بل زاد عليها عدد من المشاكل، مؤكدة أن “أصحاب العمل يتعاملون مع النساء على أنهن عمالة رخيصة لا تستطيع تحمل الأعمال الشاقة، لذا يقومون بتسريح عدد كبير منهن”.
وأكدت عزت أن “الحكومات مستمرة في استخدامها لسياسات تخدم أصحاب الأموال ولا تهتم بحقوق العمال أو العاملات،” موضحة أن النساء “مازلن يتعرضن للعنف والتمييز”، مضيفة أن أغلب أصحاب العمل يقررون للنساء أجورا أقل من الرجال بفارق تصل نسبته في بعض الأحيان إلى 14%.
وقالت عزت إن “استمرار الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات العمالية للمطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية أكبر دليل على عدم حصول النساء على حقوقهن”.