العربي الجديد
بقلم أروى أبو اليزيد – لا تزال المرأة المصرية، وخصوصاً في محافظات الصعيد وريف الدلتا، تعاني بسبب العادات والتقاليد التي تحرمها حقها في الميراث، علماً أن ذلك مخالف للقوانين. ويبدو لافتاً قبول النساء بهذا الواقع المجحف لأسباب اجتماعية عدة.
تقول نجوى، وهي من إحدى محافظات الصعيد “تتكون عائلتنا من ثلاث شقيقات وأخ وحيد. بعد وفاة والدي، لم نحصل على حقنا في الميراث بحجة عدم تقسيم الملك ومشاركة الغرباء فيه، أي أزواجنا. وأصبح شقيقي مسؤولاً عن الأرض والعقارات. ورغم أن الأرباح كثيرة، إلا أننا لا نحصل إلا على الفتات في الأعياد والمواسم”.
أما سميرة، وهي أيضاً من الصعيد، فتقول إن “لدي شقيقين يديران كل ما تركه والدي من أراض زراعية ومزارع للماشية والدواجن. يحصلان على الأرباح، ويكتفيان بمنحي مئتي جنيه شهرياً فقط، ومثلهما لأختي وأمي. وحين لجأنا إلى أمي، عنفتنا وطلبت منا عدم التحدث في الموضوع حتى لا يغضب شقيقينا”.
من جهتها، توضح جميلة، من إحدى محافظات الدلتا “تربينا على عدم المطالبة بالميراث، على أساس أن الأخوة الذكور يتحملون المسؤولية، وبعد وفاة والدي استحوذ شقيقي الأكبر على كل ما تركه. ولا يعطينا إلا مبلغاً بسيطاً كل شهر، ولولا وجود أمي على قيد الحياة ما كنا لنحصل على شيء. لكننا لا نملك إلا السكوت”.
أما محمد من الصعيد، فيقول إنه “باع منذ سنوات قطعة أرض زراعية تركها والده. وعند استلام المبلغ من المشتري، فوجىء بعمه يقول له: ارضي أخواتك البنات بأي حاجة”. يضيف أن “عمي خطيب الجمعة فى مسجدنا. وحين أجبته أن الدين أوجب الميراث، كان رده: لا يجب أن يذهب خير والدك إلى الغرباء”. لكنه رفض الانصياع له.
“العربي الجديد” توجه بسؤال إلى عضو من المجلس القومي للمرأة حول الموضوع فكان ردها إن “المجلس لم يتطرق لهذا الموضوع، هناك أمور أكثر أهمية في الوقت الحالي، ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية”، رافضة نقل أي حديث على لسانها.
من جهته، يرى المحامي إبراهيم زين الدين أنه “من غير المعقول استمرار هذا الوضع، وخصوصاً بعد ثورة يناير التي شاركت فيها المرأة بقوة”. وتساءل: “أين منظمات حقوق الإنسان؟ ولماذا لا تنظم حملات توعية في الصعيد لإنهاء الظاهرة أو الحد منها؟”.
وتقول أستاذة علم الاجتماع هدى زكريا إن “ظاهرة حرمان المرأة من الميراث تعود إلى الجاهلية. ورغم أن الإسلام نهى عن ذلك، إلا أنها منتشرة وخصوصاً في جنوب الصعيد لأسباب عدة، منها التقاليد التي ترى أن المرأة ليست بحاجة للميراث لأن زوجها مسؤول عنها، وهذا غير منطقي”.
وتؤكد أن اقتلاع هذه الظاهرة ليس سهلاً، فهي تحتاج إلى جهودٍ حكوميةٍ وغير حكوميةٍ إلى جانب التوعية الدينية. أما الباحث الاجتماعي عادل منصف، فيوضح أنه “خلال مشاركته في بحث ميداني منذ سنوات، تبين له أن المرأة تقبل بالوضع منعاً لغضب الأم أو الأشقاء الذكور، وحفاظاً على التواصل العائلي”.