«اكتفيت من احتكار زوجي وأطفالي لي، ومن دفن نفسي في المنزل، وقررت أخيراً أن أفعل شيئاً لنفسي»، تقول سلوى عبدالرحمن، التي قررت الانضمام إلى «برنامج المرأة والحد من الفقر»، بالشراكة بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فتحولت من أم لخمسة أطفال فحسب إلى أم وصاحبة محل ألبسة في اللاذقية.
عزّز المحل ثقة عبدالرحمن في نفسها كامرأة وكتاجرة، كما تؤكد، ففتحت من أرباحه محلّ «سندويش فلافل» لتتحول «من عضو سلبي في الأسرة إلى شريك».
في شرق سورية، حمّلت أزمة جفاف الجزيرة السورية (الحسكة، الرقة ودير الزور) نهية درويش مسؤولية رعاية والديها المعوقين وأخوتها الصغار وهي في الخامسة والعشرين من عمرها، وأجبرتها على العمل كخادمة في البيوت لتغطي مصروف ما يسّد رمقهم.
المداخيل الصغيرة لأخوتها الصغار من التسوّل وأعمال التنظيف، زادت يأسها مع استمرار أزمة الجفاف، إلا أن الأمل تسرّب إليها في يوم وزّع فيه «برنامج الأغذية العالمي» مســـاعداته الغذائية للعائلات، «في ذلك اليوم أكلنا وجبة كاملة للمرة الأولى منذ زمن بعيد»، تقول نهيّة التي مكّنتها السلل الغذائية من تخصيص دخلها للدواء وإعادة أخوتها الى المدرسة.
خديجة حزوم اعتادت الفقر إلا أنها لم تعتد منعه لها من التعلم وتحويلها إلى أميّة، ولم تطفئ سنونها الـ 33 وانشغالها بأطفالها الخمسة حلمها بالتعلّم، فما إن سمعت بدورات محو للأمية في قريتها البو كمال في دير الزور حتى اشتركت.
تخرجت خديجة اليـــوم في دورات محو الأمية، إضافة إلى دورات خياطة وإسعافات أولية، لتصبح قادرة على القراءة والدراسة مع أطفالها.
وفي الجنوب السوري، في درعا تحديداً، تتقاسم فتحية ناصر الفقر مع نهية، إلا أنها قررت مواجهته بطريقة مختلفة… بـ «بقرة».
والبقرة هي مشروع فتحية الصغير الذي حصلت على قرضه من منظمة الفاو، لتنتشل عائلتها «المؤلفة من خمس بنات وزوج إلى الحياة»، كما تقول.
لم يكن الفقر المتربص الوحيد بمنى جرجيس المطلّقة التي رمتها الحرب العراقية مع بناتها في دمشق. «لم أشعر بالأمان أبداً»، تقول جرجيس التي غيّرت ثلاث وظائف حاول فيها أصحاب العمل استغلال ضعفها، إلى أن وصلت إلى مركز تنمية المرأة وعملت فيه كعاملة تنظيفات.
لم يطل توصيف العمل هذا ليتحوّل إلى طبّاخة ثم معلّمة طبخ. تقول جرجيس: «بدأت العمل في أيلول (سبتمبر) 2009، ما غيّر حياتي، أنا الآن أقوى وأكثر تفاؤلاً ونشاطاً، لم أعد أبكي كثيراً، وحلّ الأمان مكان الغضب والمرارة والتوتر، نجحت أخيراً في الاعتماد على نفسي».
سلوى ونهية وخديجة ومنى هنّ أمثلة من عشر سيدات استفدن من المشاريع التنمويّة لتمكين المرأة، واختارتّهن الأمم المتحدة هذا العام ليحكين قصص نجاحهنّ في يوم المرأة العالمي، وعنوانه «المساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص: التقدم للجميع».
الممثل المقيم للأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ يوضح قائلاً: «أعطينا فرصة الكلام لنساء لم تتح لهن هذه الفرصة من قبل، ومشاركتهن بقصص نجاحهنّ ستقوّي قدراتهن التي طورنها خلال التدريبات والمشاريع المتنوعة التي شملتهن، كما سيشكّلن حافزاً للنساء اللواتي لم تتح لهنّ الفرصة بعد». ويضيف ولد الشيخ: «مشروع التمكين والحد من الفقر الذي ينفذ ما بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ساهم في شكل كبير في دعم المرأة على مختلف الصعد وتمكينها من القيام بدورها الاجتماعي والاقتصادي والمشاركة في شكل ايجابي وفعال في مجالات التنمية».