وهي الأزمة التي ألقت بظلالها علي علاقات واشنطن مع القاهرة.
وقالت كلينتون أمام لجنة بمجلس الشيوخ: أجرينا كثيرا من المحادثات الشاقة, وأعتقد أننا نتحرك في اتجاه التوصل إلي حل, وأضافت أنها لا ترغب في مناقشة التفاصيل, بينما لا تزال المحادثات مستمرة.
في الوقت نفسه, أكدت وزارة الخارجية الأمريكية رغبة الولايات المتحدة في إقامة علاقات واسعة وعميقة مع الحكومة الديمقراطية الجديدة في مصر. وقال بيان صحفي لوزارة الخارجية الأمريكية عقب لقاء جيفري فيلتمان, مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدني والسفير سامح شكري سفير مصر لدي الولايات المتحدة أن واشنطن ستواصل دعم التحول الديمقراطي السلمي, وانها راغبة في فعل كل ما في وسعها للمساعدة في إنجاح المرحلة الانتقالية في مصر. وجاء اللقاء في مقر الخارجية الأمريكية أمس الأول في إطار التزام البلدين المستمر بالتوصل إلي حل للوضع الحالي الخاص بالأمريكيين العاملين بالمنظمات غير الحكومية في مصر بأسرع ما يمكن.
كما أكد السفير سامح شكري مواصلة الاتصالات المكثفة للحفاظ علي العلاقات المصرية ـ الأمريكية تحقيقا لمصالح البلدين ومنطقة الشرق الأوسط. وصرحت فيكتوريا نولاند المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية أن واشنطن مستمرة في تقييم ما يعنيه تأجيل المحاكمة للمتهمين في القضية بالقاهرة, وقالت: نتشاور مع المنظمات غير الحكومية ومستشاريها القانونيين, والأهم من ذلك, مستمرون في العمل مع الحكومة المصرية. وأضافت نحن قلقون جدا ونريد أن نري حلا في الأيام المقبلة, مشيرة إلي أن بلادها تريد رفع حظر السفر عن مواطنيها, نريد أن نري شعبنا قادرا علي مغادرة البلاد وأن تعود المنظمات إلي ممارسة الأعمال التي تسهم في دعم التحول الديمقراطي في مصر.
في الوقت نفسه, كشف إستطلاع لنخبة من الخبراء والسياسيين المطلعين علي العلاقات المصرية ـ الأمريكية عن قرب, عن رفض غالبية كبيرة في واشنطن خفض أو وقف المساعدات الأمريكية المقدمة إلي مصر. وقالت مجلة ناشيونال جورنال المعنية بالشئون السياسية في العاصمة الأمريكية ان أكثر من ثلثي الخبراء الذين شاركوا في إستطلاع أجرته حول العلاقات الثنائية مع مصر بعد أزمة المنظمات غير الحكومية أشاروا إلي أن قطع المساعدات سوف يعني خسارة مصر, وأنه يمكن تقليص المساعدات ويمكن البحث عن أشكال أخري للضغط ولكن القطع الكامل سوف يأتي بنتائج عكسية, وفقا لما قاله واحد من الخبراء في مقابلة مع المجلة المعروفة بميولها اليمينية.
وأضاف آخر لدينا مصالح في مصر أكبر من هؤلاء الأمريكيين الذين يواجهون المحاكمة. وقال أحد المطلعين علي كواليس ما يجري في الكونجرس إن مصر شريك مهم في المنطقة, ولكن في مرحلة ما يجب أن يكون هناك بعض المساءلة, ودعا خبير آخر إلي التشدد مع الموقف المصري من تقديم أمريكيين للمحاكمة وقال لقد اعتبر المصريون طويلا المساعدات الأمريكية حقا مكتسبا, وحان الوقت للولايات المتحدة لتثبت أن بعض الأنشطة, مثل محاكمة المواطنين الأمريكيين, لن يتم التسامح بشأنها. ووجهت المجلة الأمريكية السؤال التالي إلي الخبراء: هل يتعين علي الولايات المتحدة قطع المساعدات عن مصر إذا استمرت في خطة مقاضاة الأمريكيين وغيرهم من العاملين في المجتمع المدني؟ ورفض64% قطع المساعدات فيما أيد الأمر36% فقط من أصل46 من كبار خبراء السياسة في واشنطن.
واستند الرافضون لقطع المساعدات إلي أن مصالح الولايات المتحدة في مصر أكبر من هؤلاء الامريكيين الذين يواجهون المحاكمة وأن القطع الكامل للمعونة سيأتي بنتائج عكسية في العلاقات ويجب توفير الضغط لقضايا أكثر أهمية. واتهم الخبراء الرافضون لقطع المساعدات المسئولين المتبقين في الحكومة من عهد حسني مبارك باللعب بورقة المشاعر الوطنية بعد تآكل شرعيتهم, داعين إلي تكثيف الغرب للضغوط من أجل التحول الديمقراطي في مصر وأن يمارس قادة الجيش قيادة أكثر احترافا مع ربط المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بالإصلاح في المؤسسة العسكرية.
وأبدي المؤيدون لقطع المساعدات اعتراضهم علي المحاكمة المرتقبة لمسئولي المجتمع المدني ووصفوها بأنها غير عادلة ووراءها أنصار مبارك.
وفي سياق متصل, حذرت وكالة رويترزفي تقرير لها من أنه إذا طال أمد هذه القضية فقد تحدث ضررا طويل المدي علي علاقة الولايات المتحدة مع مصر. وأكدت الوكالة أن التوقيت الدبلوماسي صعب أيضا, فمحامو الادعاء يتحدثون عن اتهامات بالتجسس ومصر تستعد لاجراء انتخابات رئاسية قبل انتهاء يونيو القادم والكونجرس الأمريكي يثير تساؤلات حول استمرار المساعدات لمصر, ويري كثير من المحللين أن القضية قد تحيد تماما عن المسار إذا لم تحسم خلال الأسابيع القليلة القادمة.