راندا ابو الدهب
مدونة زنزانة
جريدة المصري اليوم
حينما توالت الدعوات في بدايه شهر ديسمبر الحالي ، للكتابة ضمن حملة كلنا ليلي، كانت في ذهني صورة ليلي التي تجلس علي كرسي متحرك ، أو ليلي ذات الاحتياجات الخاصة، التي حتي الان لم تتناولها كثير من الكتابات ، وتتجاهلها كثير من أجهزة هذا النظام ، بل أتطرف وأدعي أن حتي منظمات المجتمع المدني تتجاهلها، أن لم يسترزق البعض منها ضمن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ، وتجربتي الشخصية، تسمح لي بهذا القول.
صحيح أن بعض المؤسسات تتعامل مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ، لكن العمل مازال لا يعدو عن توفير كرسي متحرك، لانها بالاساس مؤسسات خيرية ، ليس في أستطاعتها تقديم أكثر من ذلك ، عن تجربتي بدأت من حوالي ست سنوات ، حين تعرضت لحادث ترام، أدي لبتر الساق اليسري، كنت أعمل وقتها داخل أحدي المؤسسات النسوية الحقوقية، عملت مؤسستي ضمن دائرة من الاصدقاء للمؤسسة، ولي ، وكذلك مجموعات دعم لي مازلت أجهل بعضها ، جاهدة علي توفير كل الامكانات المادية الكفيلة بحصولي علي علاج مناسب ، وعمليات، وجراحات تجميل، بل توفير طرف صناعي، للمساعدة علي الحركة ، بدلا من الكرسي المتحرك ، كل هذا الدعم والزخم ، جعلني أتسأل وماذا عمن ليس لديهم من يدعمهم؟
وصارت ملاحظتي قوية، حتي أثناء السير في الشارع ، لرصد هؤلاء، السائرون علي عكازين من الخشب.مع مؤسسات الدولة رأيت الفساد المستشري، في كثير من الجهات، حتي تلك الجهات التي أسستها السيدة الاولي و مؤسسات اخرى لرعاية بعض تلك الفئات، لكني لم أندهش لاننا نعيش في ظل منظومة الفساد الكبري.
أما مع بعض المؤسسات الحقوقية فكانت الصدمة ، التجربة الاولي حين دعتني أحدي الناشطات، للمشاركة في تدريب لذوي الاحتياجات الخاصة،علي الاتفاقية الدولية لذوي الاحتياجات الخاصة التي صدرت في ابريل 2008، وكان التدريب مع احدي الهيئات المسيحية، الدولية، وكانت الناشطة أكثر تحديدا أن أشارك كمدربة وليس كمتدربة، ولم تداري عني انها فكرت في بناء علي فكرة صديق مشترك بيننا أن أكون انا ضمن مدربي الورشة، حتي يكون التدريب مؤثرا لدي الحاضرين من ذوي الاحتياجات الخاصة بوصفي انتمي لهذه الفئة ، كان من المخطط أن أشارك لمدة يوم واحد لاني لا أستطيع الانقطاع عن عملي أكثر من يوم واحد، وكذلك لأن التدريب خارج القاهرة، مر اليوم بسلام وكان الجميع سعداء، بمن فيهم أنا ، الا أن تلك السعادة توقفت حين طلبت الرجوع للقاهرة .
كانت الناشطة أكدت لي في اتفاقنا أنها ستوفر لي وسيلة مواصلات لعودتي للقاهرة، الا أن وعدها تبخر، وتذرعت بأن صديقتها التي ستوصلني الي القاهرة و المشاركة معنا في التدريب مريضة، و ترجتني أن أبقي يوما اخر خاصة ان مشاركتي في التدريب كانت جيدة من وجهة نظرها ، ولاننا كنا داخل أحدي القري السياحية، بالعين السخنة ، التي لا يوجد بها خط مواصلات يربطها بالعمران، أضطريت للرضوخ والبقاء يوما أخر، الا أن الحجج توالت في اليوم الثاني لابقي حتي أنتهاء التدريب، وهو ما رفضته واضطريت الي الاتصال بزوجي ليأتي ، لانني لم أكن أعرف كيفية الرجوع من العين السخنة، حتي تطوعت أحدي المدربات بتوصيلي الي مدينة السويس ، ومن هناك أستطعت العودة، لا أعرف ما يجب أن أقوله ، غير أني لن أنسي تلك التجربة ، خاصة مترجم الاشارة (لغة الصم) ، الذي استعانت به الهيئة، الذي كان يتفنن في التعامل العنيف مع المشاركين الصم، ناهيك عن تعمد ترجمته الخاطئة لهم ، وللحاضرين ، ولم تستعين الهيئة بمترجم غيره حتي بعد اكتشاف تعمده في نقل الترجمة الخاطئة.
أما التجربة الثانية كانت مع كاريكاتير الدستور، يمكن متابعته هنا، صحيح أن الجريدة اعتذرت ، اعتذار يمكن وصفه بلهجة الشوام أنه اعتذار من ” قفا أيديهم” ، الا أن كواليس هذا الاعتذار بدأت ، عبر صديق بالاتصال بالسادة رئيس التحرير ونائبه، ووعد باتخاذ أجراءات حاسمة، والاعتذار ، في الاسبوع التالي، الا أن كلام الليل مدهون زبدة، فقد استمرت مطاردتي لهم شخصيا عشرة أيام علي الموبيل، وعندما لمست وجود نوع من المماطلة، هددت أني سأرفع قضية من “باب التهويش” ، طلبوا اني اكتب صيغة الاعتذار، وعندما أرسلته تم سخط الاعتذار ، في صيغة أخري من “قفا أيدهم”، أشبه بأنه سوء فهم مني للكاريكاتير.
أما دور المؤسسات التي لجأت لها فحدث ولا حرج، أولا لجأت لصديق و هو المسؤل الاعلامي لاحدي المؤسسات المتسيطة فعلا ، وبعد مداولات ، قالها صراحتنا ” أنهم حلفاؤنا ولا نستطيع أن نفعل شئ يثير غضبهم” حتي وان كانت الدفاع عن قضية حقوقية خالصة، و أعطاني مثال باحدي الطبيبات التي تعمل بمؤسسة خيرية لذووي الاحتياجات الخاصة ، التي حضرت لمقر المؤسسة ومعها ملف ملئ بقصاصات الجرائد، والكاريكاتيرات التي تنتهك حق ذوي الاحتياجات الخاصة، الا أن المؤسسة رأت أن الحلفاء أهم من القضايا، التي هي صميم عملها في المقام الاول.
أما نهاية المسخرة ، كانت عندما مرر لي صديق يعمل معي رقم تليفون أحد المحامين الذي قرأ البوست علي المدونة، وطلب منه أن يحدثني، وعندما تحدثنا علي الهاتف ، كان طلب المحامي اللوذعي، صورة بطاقتي الشخصية ، أو الباسبور، وعندما سألته عن السبب؟ هل ستساعدني في رفع قضية؟ أخبرني أنه من أجل مشاركتي في مجلس الامناء ، لمؤسسة يعمل علي تأسيسها وقتها، أخبرته أنه يجب أن أقرأ شيئا مكتوبا حول المؤسسة قبل موافقتي.
وسألته، هل ستتوجه بتقديم خدمات معينة لذوي الاحتياجات الخاصة ؟ هل سيكون هناك رعاية صحية، تغيير قوانيين تسمح لنا بتحسين أوضاعنا؟ هل و هل؟ ضجر من أسألتي و أخبرني ان لديه ورقة يتيمة كتبها لوزارة الشئون الاجتماعية حتي توافق علي التأسيس، سيرسلها عبر الايميل، قلت زي بعضه “طشاش ولا العمي كله” ، وبناء علي طلب شخصي منه أرسلت له صيغة الاعتذار الذي أرسلته للجريدة، و طلب مني أن يكون الاعتذار باسم المؤسسة التي لازالت تحت الانشاء،
قلت وماله أهي “عزوة” اني أخاطب الجريدة باسم مؤسسة كنوع من الدعم ، وحين نشر الاعتذار تهللت أساريره فرحا بالاعلان المجاني عن مؤسسته، ثم طلب بطاقتي الشخصية، وحين طلبت منه معلومات اضافية عن نوع النشاط التي ستمارسه المؤسسة، اتهمني بالمزايدة، والتعالي، و “متحفلطة زي المثقفين” معرفتش يعني ايه متحفلطة دي، وانتهت المكالمة بأنه شتم أبنه اللي كان شايله علي كتفه ، لانه كان لسه بيدير المؤسسة من بيتهم ، و”تك ” قفل السكة.
مازلت أري أن تلك النماذج التي قابلتها هي نماذج سلبية ، تخص أصحابها فحسب ، وهناك أكيد نماذج أكثر ايجابية ، لا أعرفها.
كان نفسي أحط مجموعة من الارقام عن عدد النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن للمرة الآولي أعجز عن الوصول
لاي مادة خاصة بمصر، تتناول عدد أو وضع النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة. اللي عنده يا ريت يبعت لي.
أخيرا ، عندما حضرت تدريب حول وسائل الاعلام الجديدة ، في الاردن ، الشهر الماضي ، وكنت استشهد بالكاريكاتير اللوزعي، أندهش مدربي، وفق كلامه من “بجاحة الكاريكاتير”، وفي اليوم التالي شارك هو في أول مؤتمر عام تقيمه الاردن حول ذوي الاحتياجات الخاصة
واستشهد بالكاريكاتير، المنشور علي المدونة، فكان السبب في عمل المؤتمر علي اصدار مجموعة من القوانين ، وتعديل أخري، بهدف تحسين أحوال ذوي الاحتياجات الخاصة ، بالاردن، بداية من سمك و طول وعرض الارصفة في الشارع، وهل هي مناسبة لاستخدامات ذوي الاحتياجات الخاصة؟ علي الاقل هي نقطة بداية، مازلنا نحن بعيدين عنها .