قالت فايزة أبوالنجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى السابقة، إن الأموال التى تلقتها المنظمات من أمريكا طوال فترة الـ6 شهور بعد الثورة «تعادل المبالغ التى حصلت عليها هذه المنظمات فى 6 سنوات سابقة، مما اثار علامة استفهام فى أذهان الوزارة، وقررت رفع تقرير لرئاسة الوزراء تحذرهم أمريكا من اختراق السيادة المصرية»، كما نفت وجود أى دليل لديها يفيد بأن هذه المنظمات «تقوم على خدمة أهداف سياسية».
مثلت أبوالنجا كشاهدة الإثبات الأولى أمام محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار مكرم عواد، فى قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، المتهم فيها 43 من المصريين والأجانب، بتلقى معونات أجنبية، بلغت 60 مليون دولار، من خلال 68 منظمة حقوقية وجمعية أهلية تعمل فى مصر بدون ترخيص، وقالت خلال شهادتها: «عرضنا على الجانب الأمريكى مقترح وقف المساعدات لمصر لأنها دولة سيادية ذات كرامة تستطيع أن تستغنى عن المساعدات، وتحويل ذلك إلى وديعة توضع فى البنوك المصرية وفوائدها تصرف على مشروعات التنمية، إلا أن الجانب الأمريكى رفض ذلك، وقالت إنها لا ترغب فى غلق أبواب المساعدات لمصر».
وطلب القاضى فى بداية انعقاد الجلسة منع التصوير بكاميرات الهاتف المحمول ومنع دخول المصورين الصحفيين إلى قاعة المحكمة، فى الوقت الذى شهدت فيه القاعة وجودا مكثفا لقوات أمن يرتدون زيا مدنيا، قبل مثول أبوالنجا، وسط حراسات أمنية مشددة.
واستعرضت الوزيرة فى بداية شهدتها الخلافات التى حدثت بين الإدارة الأمريكية والمصرية على خلفية تمسك مصر بأن تكون المنظمات المدنية العاملة فى مصر مسجلة لدى الحكومة المصرية، «لكن أمريكا تمسكت بالمنظمات غير المسجلة التابعة لها، ويحق لها مباشرة عملها، واتفق الجانبان فى النهاية على أن يكون التمويل للمنظمات باخطار من الجانب المصرى».
وأضافت: «التمويل الأجنبى ــ حسب القانون ــ يقتصر على المنظمات التى لديها ترخيص، ويسمح لها بممارسة نشاطها بعلم وزارة الخارجية المصرية، وليس وزارة التعاون الدولى، وشكلت لجنة من الجانبين المصرى والأمريكى لتلقى المقترحات من الجانبين إلا أن الجانب الأمريكى عرقل عملها وفشلت اللجنة فى أعمالها».
وتابعت: «الخلاف بعد ثورة يناير بدأ حين أعلنت أمريكا إعادة برمجة 150 مليون دولار لمصر بشكل غير رسمى، وهذا من خلال معلوماتنا من داخل الإدارة الأمريكية وتوجيهه إلى برامج الحكم والديمقراطية لقيام مشروعات سياسية وليس إلى برامج التنمية كما كان منصوصا عليه فى الاتفاقيات، ورفضت الإدارة المصرية هذا، وأبلغنا أمريكا لأن تمويل المشروعات السياسية من دول أخرى محظور فى كل دول العالم».
وأكدت أبوالنجا أنها «جراء ذلك وجدت علامات استفهام كثيرة حول وجود هذه الأموال ودخولها إلى مصر بطريقة غير رسمية ومع وجود أدلة رسمية، بأن الأموال تستخدم لاختراق السيادة المصرية، بدءا بمظاهرات لهدم جهاز الشرطة والقضاء ثم مؤسسات الجيش، فقررت إبلاغ مجلس الوزراء ورفعت تقريرًا إليه، وبموافقة كل أعضاء مجلس الوزراء».
وقالت: «تقرر اتخاذ الاجراءات القانونية تجاه هذه المنظمات، وبتكليف من وزير العدل تم تشكيل لحنة لفحص ملف المنظمات تبعه إحالة ملف القضية إلى جهات التحقيق والقيام بتفتيش مقار المنظمات بأمر قاضى التحقيق بدون علمها أو علم الجهات التنفيذية فلى الدولة». وأضافت أبوالنجا: «أمريكا اعتقدت أن مصر فى أثناء الثورة بلا ضابط ورابط، واستغلت الظروف لتنفيذ مصالحها فى مصر إلا أن مصر دولة لها مؤسسات وغير مستباحة فى وقت الأزمات».
وأكدت أن لديها تسجيلات لندوات عقدتها منظمات غير مسجلة فى مصر «تحرض المشاركين فيها على التواصل مع المعارضين فى القوات المسلحة وأجهزة الشرطة بالإضافة إلى حصولهم تأشيرات سياحية وليست عامة»، مشيرة إلى أن دور المنظمات المصرية «هو تنمية الدور السياسى للمواطنين، للوصل إلى الحكم الرشيد والارتقاء بالمستوى السياسى للمواطن».
وردا على سؤال أحد المحامين باستخدام أبوالنجا كلمة أحداث يناير أكثر من ثلاث مرات فى الجلسة بدلا من ثورة يناير؟ أجابت: «بأن مصر شهدت ثورة عظيمة على يد أبنائها، لكن هناك من استغل الظروف من الخارج».
وقالت إن دعم الديمقراطية والحكم الرشيد كما جاء فى الاتفاقية بين مصر وأمريكا، تتضمن رفع القيود على الأحزاب السياسية وحرية الرأى والتعبير وإلغاء القوانين سيئة السمعة، وهى من أسس الحكم الرشيد.
وأمام المحكمة من الخارج نظم العشرات من أنصار الشيخ عمرو عبدالرحمن، المحبوس فى السجون الأمريكية وقفة احتجاجية، ورددوا هتافات «الله أكبر الله أكبر الشعب يريد الشيخ عمرو عبدالرحمن»، كما رفعوا لافتات مكتوبا عليها «الى الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الديمقراطية، إلى من يدعون حقوق الإنسان أين أنتم من الدكتور عمرو عبدالرحمن.. أيها الأمريكان أطلقوا سراح رعايانا، كما أطلقنا سراح أبنائكم