إن الموضوع الرئيسي للجنة وضع المرأة للدورة السابعة والخمسين هو العنف ضد المرأة. نحن، في “شراكة تعلم المرأة”، نؤمن بأهمية هذا الموضوع في هذا الوقت خاصة في ظل الثورات التي جرت مؤخراً والتحولات الجارية في مناطق من العالم لا تزال النساء فيها غير حاصلات على حقوقهن.*
خلال العام الفائت، قامت “شراكة تعلم المرأة” – وهي شراكة عالمية تضم عشرين مؤسسة نسائية فاعلة على مستوى العالم تعمل على تعزيز القيادة النسائية والمشاركة السياسية كما تعمل على مكافحة العنف ضد النساء – بخلق عدة مجالات في المنطقة العربية وخارجها بغية السماح للنساء بتوصيل صوتهن خاصة بمواجهة أشكال العنف في الدول التي تمر بالتحولات.
خلال العام الفائت، وبنتيجة الجمع بين العمل على مستوى القاعدة والمشاركة العالمية، لاحظنا وجود بعض الإتجاهات الخطيرة التي تشد النساء إلى الوراء. من أبرز هذه الإتجاهات، نذكر ما يلي:
1. الإنتشار الواسع لحوادث العنف ضد المرأة في المنطقة العربية، فالتحرش في الشوارع، وتهديد النساء والفتيات، والتعديات العنيفة الجسدية والجنسية والإعتداءات الكلامية أصبحت ممارسات شائعة في العديد من الدول وتحدث أحياناً على يد الأشخاص المولجين بتنفيذ القانون.
2. بعض الآليات التي كان قد تم وضعها لتقديم نوع من الحماية ضد العنف المنزلي قد تم إيقافها بشكل كامل.
3. بعد أن كانت قضية العنف ضد المرأة قد أصبحت قضية عامة وسياسية خاصة بفضل النشاطات النسوية التي تلت مؤتمر الأمم المتحدة الرابع حول النساء في العام 1995، عادت هذه القضية وخسرت اهتمام العديد من المعنيين بها. كذلك، فإن المجموعات السياسية الآخذة بالبروز تتبنى سياسات وايديولوجيات تحطّ من حقوق المرأة وخياراتها وحريتها الجسدية كرفع كافة أنواع التقييدات حول السن الأدنى للزواج، وتشجيع تشويه الأعضاء التناسلية النسائية، وتعدد الزوجات.
4. يترافق كل ذلك مع محاولات مستمرة لتحييد وحتى ترهيب النساء لدفعهن إلى التخلي عن المشاركة والبروز في المجال السياسي مما أدى إلى انخفاض المشاركة النسائية إلى حد كبير في العمليات الإنتخابية التي تلت الثورات. كما جرى عزل النساء بطريقة عدوانية ومنعهن من المشاركة بكافة أشكال بناء الدولة كالإنتخابات والإصلاحات الإدارية والتشريعية.
5. في حين أن الإصلاحات الدستورية ينبغي أن تشكل فرصة لتعزيز حقوق الإنسان، تم استخدام الإصلاحات الدستورية كسلاح لتقويض المكاسب التي كانت النساء قد حققتها خلال العقود الماضية. وقد تم تحييد النساء عن المشاركة في اللجان الدستورية وغيرها من العمليات المشابهة. وأدى ذلك إلى دفع عمليات الإصلاح الدستوري بعيداً عن المؤتمرات العالمية وإلى تقريبها من الدين كمصدر وحيد للتشريع.
6. ينبغي إيلاء الكثير من الأهمية لاستخدام المفردات الذكورية من قبل القادة السياسيين كمحاولتهم وصف النساء بأنهن “مكملات للرجال” ولسنَ مواطنات لهنّ حقوقاً كاملة ومتساوية كما هو مبيّن من خلال آخر النقاشات حول الإصلاحات الدستورية في تونس.
لمواجهة هذه الأخطار الجدية التي تهدد حقوق النساء وسلامتهن الجسدية قامت “شراكة تعلم المرأة” خلال العام الفائت بتنظيم الحوارات والإجتماعات في مختلف أنحاء العالم لتسهيل التحليل ووضع الاستراتيجيات المشتركة.
وقد توصلنا إلى ان الإتجاه الحالي نحو المزيد من المحافظة، والعسكرة، واتخاذ الدين كالمصدر الوحيد للتشريع هو اتجاه عالمي غير محصور بالمنطقة العربية وحدها. وكنتيجة عدم التصدي لهذا الإتجاه العام، تتزايد الأخطار التي تتعرض إليها النساء بالإقتران مع مظاهر العنف ضدهن في المجالات العامة والخاصة.
تدعو “شراكة تعلم المرأة” منظمة الأمم المتحدة وأعضائها إلى:
– الإعتراف بتزايد التعديات على حقوق النساء وبتزايد أشكال العنف على أساس الجنس
– شجب كافة الدول أو الأشخاص الذين يمارسون هذا النوع من العنف
– التأكد من أن الوسائل المتاحة لمكافحة هذه التعديات هي ملزمة، متّبعة وتؤدي إلى العقاب في حال المخالفة
– دعم جهود الحركة النسائية في مجال مكافحة آثار الجو المحافظ، العسكرة، والتطرف التي تؤدي جميعها إلى انتهاك حقوق النساء والفتيات في العالم أجمع.