كان حضور المرأة المصرية طاغيًا فى التصويت على المرحلة الأولى من الدستور أمس السبت، رغم أن الدستور الجديد لم يكفل حقها فى المجتمع، واكتفى بمادة أو مادتين تحدثت عنها.
وكان أهمها المادة 68 والتى تحدثت عن المساواة بين الرجل والمرأة بما لا يخالف شرع الله، وأثارت حفيظة المنظمات
النسائيةالحقوقية دون فائدة.
ورغم أن أكثر من 2 مليون مصرية قد شاركن فى التصويت على الانتخابات الرئاسية، إلا أن الكثيرون، وجدوا أن هناك تهميش متعمد ومقصود من قبل الدولة والقائمين على وضع الدستور لحقوق المرأة.
وقد رصدت”بوابة الأهرام” الوجود الكثيف للنساء أمس من مختلف الطبقات الإجتماعية اللائي نزلن أمس للتصويت على استفتاء الدستور، وكان منهن عجائز، وأمهات حملن أطفالهن، ووقفن فى طوابير طويلة شاقة للإدلاء بصوتهن، أيضا رصدت “البوابة” آراء خبيرات حول هذه الظاهرة، وما السبب وراء مشاركة النساء السياسية الفاعلة وتأثيرها.
قالت دكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسي: إن ما شهدته أمس من حضور مكثف للنساء فى الإستفتاء على الدستور أعطاني شعور أن مصر بخير، وأن المرأة المصرية قد دخلت بالفعل المعترك السياسي، وأصبحت فاعلة سياسية، وليست مجرد متفرجة. مضيفة رأيت ذلك فى العجائز اللائي جئن يتكئون على العصي من أجل المشاركة، وفى الشابات الصغيرات، وأيضا فى الأمهات اللائي حملن أطفالهن الرضع، ووقفن منذ الصباح الباكر فى الطوابير الطويلة.
وأشارت، أن المرأة المصرية هى قلب الأمة وضميرها رغم جميع التحفظات عليها، ورغم محاولة هدم حقها، ورغم أن الدستور قصر معها ولم يحصنها، مشيرة أن النساء يعتبرن ترمومتر التغيير، ومقياس لنضوج الحركة السياسية فى مصر.
وحذرت د.هدى زكريا، القائمين على السلطة والتيارات الإسلامية من المرأة المصرية ف”هى إذا وضعت شيئا فى رأسها حققته”وأنهم عليهم أن يكفوا عن دفعها بشكل زائف إلى الجدران ومحو هويتها، ولا ينسوا أن المرأة المصرية صارت متعلمة منذ أكثر 150 سنة، وهى حفيدة ثائرات مثل صفية زغلول وهدى شعراوى، فعلى السلطة أن تحذر من ثورة النساء القادمة، فالمرأة المصرية خرجت بمشاركتها النسائية خارج إطار “البروفايل” المرسوم لها كونها فقط الأم والزوجة وربة البيت .
من جانبها رأت الكاتبة فريدة الشوباشي، أن المشاركة الفعالة للنساء فى الاستفتاء على الدستور فى مرحلته الأولى أمس، هى امتداد لمشاركتها فى 25 يناير، والتى قامت فيها بدورها على كامل وجه.
وأكدت الشوباشي، أن المشاركة كانت جلية، رغم أن المرأة المصرية قد اكتشفت بعد الثورة طوفان من الأفكار التى أرادت وتريد العصف بها وبحقوقها، وأن هناك قوى متمثلة فى التيارات الإسلامية ترغب فى العسف بها وإزاحتها عن المشاركة السياسية لتقتصر مهمتها فى الحياة على الزواج والإنجاب، وأن هناك من يتنمر بها وبحقوقها، والخروج بتفاهات مثل زواج القاصرات، وإلغاء قانون الخلع وإلغاء منع ختان الإناث وأنها لابد أن تكون تحت وصاية رجل متمثلا فى زوجها أو أخيها أو حتى ابنها، مما جعل قطاعات عريضة من النساء بمختلف الطبقات الاجتماعية يشعرن بأن وضعهن فى المجتمع أصبح مهددًا، فخرجن لقول “لا” لضياعهن.
وأضافت الكاتبة فريدة الشوباشي، أن استغلال تيار الإسلام السياسي للنساء الفقيرات البسيطات فى التصويت ، ولى رغباتهن، من باب الحفاظ على الدين والشريعة لن يدوم طويلا.
وأشارت الشوباشي، أن أهم ما ساعد فى تعميق وتغذية الوعي السياسي للنساء، هو الحركة النسائية التقدمية، وأيضا تعبير النساء والناشطات السياسيات عن آرائهن من خلال الأدبيات التى يتم نشرها، والتى ساهمت بشكل قوى فى تثقيف المرأة وتوعيتها سياسيا، وأيضا الدور الإعلامي كان فاعلا فى توجيه المرأة المصرية وتوعيتها بحقوقها.
وفى نفس السياق، أشارت مي صالح الباحثة الحقوقية النسوية فى مؤسسة المرأة الجديدة، إلى أن مشاركة المرأة المصرية بدأت بشكل فعال منذ الجولة الأولى فى الانتخابات البرلمانية، وبعدها فى الانتخابات الرئاسية، ولاحظنا طوابير النساء الطويلة والتى حضرت خصيصا منذ الصباح الباكر للإدلاء بصوتها، مشيرة، أن استفتاء أمس ظهرت فيه المرأة المصرية من مختلف الطبقات.
وأضافت مى صالح، أن المرأة كانت أكثر جرأة من الرجل فى الإعلان عن رأيها أمس، وكان واضحا فى طرد النساء أمس لخيرت الشاطر وصبحي صالح من اللجان الانتخابية، لتقول لهم النساء”لن نسكت عن حقنا”.
وأكدت مي، لم أجد مجرد إمرأة واقفة فى الطابور لتصوت، ولكن لتمسك فى يدها الاستفتاء لتقرأه وتناقشه، و لقد حضرت العديد من المناقشات النسائية أمس حول الدستور قبل الدخول للتصويت، ولاحظت وعيا سياسيا.وأنهن لسن مغيبات عن الأحداث.
وأشارت مى، أن المرأة أكثر فئات المجتمع إحساسا بمشاكل المجتمع وأزماته، فرفع الضرائب مثلا سيضر بالمرأة باعتبارها المسؤولة عن ميزانية الأسرة،ذهبت المرأة لتصوت على الدستور رغم أنه تلاشى الحديث عن العنف الذى يمارس ضدها، وأنه لم يذكر فى مواده سوى حماية المجتمع للأمومة والطفولة، وكأنهم أيضا مصرون على اقتصار دور المرأة فى البيت وفقط. مشيرة أنه كلما اقتربنا من مشاكل المرأة كلما أصرت المرأة على حقها ورفضت أخذه منها،وحضورهن أمس فى التصويت على الاستفتاء كان بمثابة رسالة تقول”لن نسكت عن حقنا”.