تنص المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه “كل من علم بوقوع جريمة فيجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب بأن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها”. كذلك تنص المادة 26 على أنه “يجب على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ عنها فورًا النيابة العامة، أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي”.
بالرغم مما ينص عليه قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن منظمات المجتمع المدني القائمة على تقديم خدمات الدعم القانوني في وقائع العنف ضد النساء تواجه عقبات في الإبلاغ عن هذه الوقائع وتحرير المحاضر داخل أقسام الشرطة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، حيث ترفض تلقي البلاغ إلا من صاحبة الشأن وتطلب حضورها الشخصي ومثولها أمام النيابة أو القسم مثل الشكاوي الهاتفية والإلكترونية، فغالبية الشكاوى الإلكترونية تُعامل معاملة محاضر إثبات الحالة ولا يترتب عليها التحقيق أو الدخول في مسار قانوني وقضائي، حتى لو كانت تتعرض للعنف المنزلي أو الحبس داخل المنزل أو كانت قاصرًا وغير ذلك من تحديات ومعوقات تحجم النساء عن اللجوء بشخصها إلى جهات إنفاذ القانون. بالإضافة إلى ذلك، فإن النيابة العامة قد تحفظ البلاغ لعدم حضور الناجية أو ترددت في الإدلاء بأقولها، حتى إن ثبتت الواقعة من الشهور أو استدلالات أولية توصلت إليها جهات التحقيق، مما يخلق معضلة في الحالات التي تكون فيها الناجية غير قادرة على الإبلاغ أو الحضور بسبب الإكراه أو الخوف.
وبينما تنص المواد 21، 24، 29 على دور مأموري الضبط القضائي في جمع الاستدلالات وما يتضمنها من سماع أقوال من لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها، وسؤال المتهم، والاستعانة بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة، فإنه ما زالت الناجيات تواجه إلقاء عبء الإثبات على النساء، ويترتب على ذلك حفظ المحاضر إداريًا في كثير من الأحيان.
في المقابل، لا يتضمن قانون الإجراءات الجنائية تنظيمًا أو توضيحًا لمسارات حق المواطنات.ين في تقديم تظلمات أو شكاوى بحق مأموري الضبط القضائي في حال الوقائع المتكررة من إجبار النساء أو ثنيهن عن تحرير المحاضر أو التقصير في أداء المهام المنوط بهم تأديتها وفقًا للقانون مثل جمع الاستدلالات وغيرها من إجراءات تليها من استدعاء المتهم أو احتجازه في حال التهديد للمجني عليها وغيرها من قرارات النيابة العامة أو المحكمة. بينما اكتفى قانون الإجراءات الجنائية بالنص في مادة 22 بأن مأموري الضبط القضائي تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه، وللنائب العام أن يطلب إلى المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفة لواجباته، أو تقصير في عمله، وله أن يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه، وهذا كله لا يمنع من رفع الدعوى الجنائية. بينما نصت المواد 122، 123 من قانون العقوبات على المعاقبة على الامتناع العمدي عن تنفيذ حكم أو أمر داخلًا في اختصاص الموظف، إلا أنه كذلك لا يوضح مسارات الشكاوى من قبل المواطنين.ـات.
تنص المادة 96 من دستور 2014 على توفير الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقًا للقانون. وينص قانون الإجراءات الجنائية، في المادة المستحدثة لتنفيذ هذه المادة الدستورية، رقم 113 مكرر على أنه لا يجوز لماموري الضبط أو جهات التحقيق الكشف عن بيانات المجني عليه في جرائم التحرش الجنسي أو في المادة (96) من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996. واكتفت هذه المادة بعدم الإجازة وارتبطت فقط بجرائم التحرش الجنسي، كما أنها لم توضح أية مراحل من الإجراءات التأديبية أو الجزائية أو مسارات لتقديم الشكاوى في حال لم يلتزم مأموري الضبط القضائي بذلك.
وبالتالي، فإن واقع عدالة الإبلاغ في قانون الإجراءات الجنائية لا يتضمن معالجة وضمانات حقيقية لتيسير سبل الإبلاغ وضمانات حقوق المبلغات وحمايتهن، وبالتبعية فإنها تفتقر، على مستوى النص أو على مستوى الإجراء، توفير تدخلات فعّالة وجادة لحماية الناجيات في قضايا العنف ضد النساء.